لو حدث في السلفادور أو بنين مذابح كتلك التي نفذتها إسرائيل في بيت حانون فجر الثامن من الشهر الحالي لشعرت بها القيادات في العالم ولكان لها ردود فعل تتناسب مع مستوي الحدث. ولكن ولأن ما حدث من مجزرة وحشية بربرية وقع في الأراضي الفلسطينية فإن المجتمع الدولي لم يشعر بفداحة الجريمة البشعة التي قامت بها إسرائيل ولهذا وجدنا ردود الفعل فاترة غير مدركة لأبعاد ما حدث بل علي العكس رأينا أمريكا التي أعطت الضوء الأخضر لإسرائيل لاجتياح غزة تبرر مذابح إسرائيل بذريعة أنها دفاع عن النفس ومن ثم تبرئ إسرائيل من الادانة، ووجدنا ردود الفعل الأوروبية فاترة أما الجامعة العربية فكان تحركها بطيئا لا يتماشي وايقاع الأحداث. الفيتو الأمريكي.. لم يكن مفاجئا ما حدث في الحادي عشر من الشهر الحالي عندما استخدمت أمريكا الفيتو ضد مشروع القرار العربي الذي يدين إسرائيل لارتكابها مذبحة بيت حانون منعت أمريكا مثل كل مرة إدانة إسرائيل وكيف تدينها وهي التي أعطتها الضوء الأخضر لكي تستمر في ممارساتها ضد الشعب الفلسطيني كشفت أمريكا عن وجهها القبيح مرة أخري عندما أحبطت مشروع القرار وكان هذا متوقعا فأمريكا بدورها ترتكب المذابح والجرائم يوميا في أفغانستان والعراق وهي بدورها تشرع لإسرائيل استخدام القوة المفرطة بل وتمنحها الغطاء الدولي الذي يمنع عنها أية إدانة. أين مجلس الأمن...؟ الأكثر من ذلك أن المندوب الأمريكي في الأممالمتحدة أعرب عن استيائه من مشروع القرار العربي غير المتوازن!! والأكثر من ذلك أن مجلس الأمن لم يعتمد ارسال بعثة مراقبة دولية إلي الأراضي المحتلة للإشراف علي وقف اطلاق النار ولم يعتمد ارسال لجنة للتحقيق في المجزرة والتي كان يمكنها أن تكشف أكاذيب إسرائيل القائلة بأن ما حدث في بيت حانون إنما نجم عن خطأ تقني في نظام رادار المدفعية المستخدم في التصويب!! مجلس الإرادة الأمريكية...! جاء التصويت علي القرار في مجلس الأمن عشية توجه أولمرت إلي واشنطن للقاء مع بوش وجاء عشية الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب الأحد الماضي والذي كان متوقعا سلفا ألا يسفر عن أي جديد خاصة أن القضية قد حسمت علي الطريقة الأمريكية في مجلس الأمن الذي بدا هشا وظالما ولايستطيع أن يصدر أي قرار إلا إذا أرادت أمريكا وكان الاحباط الذي تولد عن رفض أمريكا لمشروع القرار العربي إنما يعني أن تستمر إسرائيل في ممارساتها وبالتالي لم يعد أحد يضمن الآن ألا يتكرر ما حدث طالما أن هناك دعما أمريكيا وصمتا دوليا وعجزا عربيا إن ما حدث في مجلس الأمن السبت الماضي من شأنه أن يوقظ العالم العربي والاسلامي علي حقيقة أمريكا وما تمثله من إعاقة للسلام في المنطقة وتشجيع لإسرائيل علي المضي قدما في ممارسات الابادة والتدمير في الأرض الفلسطينية. مجزرة تتحدث عن نفسها غاب عن الكثيرين أن إسرائيل تعمدت توقيت مجزرة بيت حانون التي سقط فيها عشرات الشهداء والجرحي عشية إعلان فتح وحماس عزمهما علي تشكيل حكومة وحدة وطنية وكأنها بذلك أرادت تفويت هذه الفرصة واعاقتها حتي لا يظفر الفلسطينيون بالاستقرار أما المجزرة نفسها فلن ينساها أحد. نفذتها إسرائيل فجر الثامن من نوفمبر الحالي والناس نيام المدينة باتت منكوبة.. الصورة كارثية ومرعبة.. مشاهد القتلي والاستلاء تغطي المكان وتتحدث عن نفسها عائلة العتاضة قتل ستة عشر فردا بينهم سبعة أطفال مأساة مروعة. غياب الرادع... عملية "غيوم الخريف" التي بدأتها إسرائيل في بيت حانون فجر الأول من الشهر الحالي وأحالت غزة خلالها إلي أرض محروقة أزهقت فيها عشرات الأرواح البريئة ودمرت المدينة ورغم ذلك راحت إسرائيل تؤكد بأن العملية مستمرة ولم لا طالما أن إسرائيل لا تجد رادعاً. ونتساءل متي يمكن لنا التعامل مع إسرائيل بنفس المنطق الذي نتعامل به مع أي دولة أخري قد نختلف معها؟! وحتي يمكن لمصر أن تبادر بسحب سفيرها من رسرائيل احتجاجا علي هذه المجازر التي ترتكبها؟ لقد بادرت مصر بسحب سفيرها من قبل احتجاجا علي عدوانية إسرائيل ضد الفلسطينيين فما الذي يمنعها الآن من القيام بذلك؟ وما الذي يمنع الأردن أيضا من أن تفعل الشيء نفسه وتهدد بسحب سفيرها؟ أمريكا علي الخط عسي المانع يكون خيرا خاصة أن هناك شعورا متناميا يشي بأن مصر لا تقدم علي خطوة كهذه امعانا في ارضاء أمريكا وحرصا علي عدم اغضابها لاسيما بعد أن استجابت لضغوط إدارة بوش ووقعت صفقة كاملة مع إسرائيل اطلقت من خلالها سراح الجاسوس عزام عزام، ووقعت اتفاقية الكويز واعادت السفير المصري إلي إسرائيل من جديد أظن أن مصر اليوم اثباتا لدورها يجب أن تكون علي مستوي الحدث الأمر الذي يملي عليها اتخاذ قرار جريء تسحب بموجبه السفير المصري احتجاجا علي جرائم الحرب التي ترتكبها حكومة أولمرت ليبرمان.. فهل تفعل؟!