بعد سلسلة الفضائح التي هزت سيتي جروب التي تعتبر أكبر بنك في العالم كان الظن أن هذا البنك سوف يعتمد علي اسمه وسمعته في التغطية علي ما حدث ولكن تشوك برنس الرئيس التنفيذي لبنك سيتي رفض هذا الأسلوب خصوصا بعد أن حقق البنك أرباحا غير مرضية في الربع الثالث من العام فقد اتصل برنس بالمستثمرين وجمعهم في مؤتمر كبير ليبلغهم وقف الإنفاق الاستثماري الكثيف الذي كان يقوم به بنك سيتي في الماضي.. وتقول مجلة "الإيكونوميست" إن برنس يأمل بذلك أن يحصل علي مزيد من المؤيدين لسياسته الجديدة. ويري برنس أن سياسات بنك سيتي وتعقيداته لا يمكن أن تتغير في يوم وليلة وأن الأمر يحتاج إلي بعض الوقت.. وكان سلفه ساندي وايل قد جعل من بنك سيتي قوة هائلة للخدمات المالية عن طريق شراء العديد من الشركات العاملة في نفس المجال وكان الرجل يخفض التكاليف ثم يشتري بما يحدث من وفورات المزيد من الشركات.. ولكنه لم يهتم كثيرا بوضع نظام لعمل هذه الشركات معا بكفاءة ولا بزيادة قوتها كلما أمكن. وعندما تولي برنس قيادة بنك سيتي كان همه الأول هو تفادي ضغوط السلطات المالية الأمريكية علي البنك، أما ثاني مهمة وضعها لنفسه فهي إعادة اكتشاف الاَلة الجبارة التي صنعها سلفه وايل والبحث عن طريق جديد لنموها. وبني برنس خطته علي أن يعمل عدة أشياء كان سلفه يتجاهلها ويكف عن عمل عدة أشياء أخري كان سلفه يحرص علي أدائها. وفي أول خطوة قام برنس ببيع شركات وأنشطة التأمين التي كانت تابعة لسيتي جروب التي لا تتوافق مع رؤيته.. كما بدأ يستثمر في مجالات كان وايل يتجاهلها في خضم جهده من أجل خفض التكاليف مثل فروع البنوك، والضوابط الداخلية، وتطوير المنتجات المصرفية والتكنولوجيا التي تربط بين مختلف أجزاء بنك سيتي. والسؤال الاَن هو: هل يستطيع بنك سيتي المثقل أن ينمو؟! تقول مجلة "الإيكونوميست" إن إجابة هذا السؤال تعتمد علي مدي نجاح برنس في تطوير عمل بنك سيتي في مجال صرافة المستهلك.. فمن المعروف أن صرافة الشركات لا تقدم سوي ثلث أرباح البنك وأن صرافة التجزئة مسئولة عن معظم الباقي.. كذلك فإن نجاح بنك سيتي في الأسواق الخارجية سيكون عنصرا مهما في تحقيق المزيد من النمو.. ومثل غيره من البنوك الكبري فإن بنك سيتي يعتمد علي اتجاهين كبيرين هما أولا الطبقة المتوسطة النامية في الأسواق الناشئة التي تقترض النقود لشراء السيارات والمنازل وسواء نفقات التعليم الجامعي.. وثانيا تزايد عدد الشركات متعددة الجنسيات التي تحتاج خبرة المصرفيين القادرين علي عقد الصفقات من كندا حتي كازاخستان. وتجدر الإشارة إلي أن بنك سيتي له مكاتب في أكثر من 100 دولة ونحو 80 مليون عميل أصحاب حسابات من خارج السوق الأمريكي وهو بهذه الصورة بنك عالمي بلا نظير. وفي العام الماضي بلغت أرباحه من صرافة المستهلك في ا لخارج 7.2 مليار دولار وقام هذا العام بفتح 574 بنكا وفرعا جديدا لصرافة المستهلك في الخارج معظمها في أسواق سريعة النمو مثل سوق الهند.. وفي بدايات أكتوبر الماضي قام بنك سيتي بشراء حصة تمثل 20% من بنك AKbank التركي ويحاول حاليا شراء بنك جواندونج الصيني للتنمية ولا يضاهي بنك سيتي في عمق معرفته بالأسواق التي يعمل فيها سوي بنك HSBC البريطاني وبنك GE كابيتال. ولكن كل هذا التوسع العالمي لا يدر علي بنك سيتي حاليا سوي أرباح محدودة، ففي الربع الثالث من العام الحالي لم يزد دخل بنك سيتي من عملياته الدولية سوي زيادة محدودة جدا.. ويري ديفيد هندلر خبير كريدت سايتز أن سعة انتشار بنك سيتي في أرجاء العالم لا تمكنه من التعمق في أي سوق لتحقيق الأرباح فوجوده في هذه الأسواق خفيف بدرجة ملحوظة عدا السوق المكسيكي الذي اشتري فيه بنك باناميكس أكبر بنوك المكسيك. ويمكن القول بأن بنك سيتي لا يتمتع بحضور حاكم في معظم الأسواق الدولية الجذابة ولذلك فهو لا يستفيد من اقتصاديات الحجم الكبير في التسويق أو التكنولوجيا أو جمع المعلومات الضرورية للعمل المصرفي الناجح. وعموما فإن صغر حجم بنك سيتي في تلك الأسواق يعطيه في نظر المتفائلين فرصة كبيرة للنمو خصوصا أن منافسيه من البنوك المحلية بنوك ضعيفة هي الأخري في كثير من الخدمات المصرفية. ورغم هذا الانتشار الدولي لبنك سيتي فإنه يصنع 57% من أرباحه من السوق الأمريكي، ولكنه للأسف يواجه مشكلات مهمة حتي في السوق الأمريكي، فهو سادس أكبر بنك أمريكي من حيث نصيبه من الودائع ولكن هذا النصيب لا يتجاوز 5.3% من الحجم الكلي لودائع الأمريكيين وذلك حسب أرقام شركة الأبحاث SNL أما البنك الأكبر فهو بنك أوف أمريكا BOA وهو أكثرها ربحية من صرافة التجزئة. باختصار، فإن برنس مطالب بإنجاز حقيقي وسريع يطمئن المستثمرين في بنك سيتي علي أموالهم خصوصا أن سعر سهم البنك في تراجع مستمر تقريبا منذ عام 2001.. أضف إلي ذلك أنه لجأ أخيرا إلي خفض رواتب العاملين بحجة خفض التكاليف فأضاف إلي قلق المستثمرين قلق وتذمر الموظفين وهو أمر ينبغي ألا يستمر طويلا.