تتملك الشركات الهندية حاليا رغبة واسعة في عولمة نشاطها عن طريق شراء شركات أجنبية أو حصص منها.. ولا يحتاج المرء لتأكيد ذلك سوي تذكر ما تفعله شركة تاتا ستيل كبري شركات الصلب الهندية الخاصة في محاولتها الجريئة لشراء كوروس وهي شركة انجليزية هولندية منافسة لها في نفس الصناعة.. وتقول مجلة "الإيكونوميست" إن هذه الصفقة إذا تمت ستتكلف عدة مليارات من الدولارات وستكون أكبر صفقة اكتساب تعقدها شركة هندية خارج الحدود. وتقول الأرقام في هذا الصدد إن الشركات الهندية عقدت 115 صفقة اكتساب في الشهور التسعة الأولي من العام الحالي بلغت قيمتها الكلية 7.4 مليار دولار بزيادة كبيرة علي الصفقات المماثلة في الأعوام الماضية، وتناهز قيمة هذه الصفقات قيمة ما دخل الهند من استثمارات أجنبية في شراء الشركات الهندية خلال نفس الفترة. وتشمل هذه الموجة النشطة من الاكتسابات الهندية صناعات عديدة من تكنولوجيا المعلومات إلي البرمجيات وحتي المشروبات الخفيفة.. وعلي سبيل المثال، فإن شركة ويبرو وهي من أكبر شركات تكنولوجيا المعلومات الهندية قد اشترت شركات تكنولوجية في كل من البرتغال وفنلندا وكاليفورنيا.. وفي صناعة الدواء قامت شركة رانباكس وهي شركة لصناعة الأدوية غير المرخصة بشراء شركة إيثيميد البلجيكية وشركة موندوجيه الإسبانية التي كانت مملوكة لشركة جلاكسو سميث كلاين. ومنذ عام ،2004 قامت شركة بهارات فورج ثاني أكبر شركة في العالم لصناعة المطروقات التي تستخدم في صنع المحركات ومكونات الشاسيهات بشراء 6 شركات في أربعة بلدان هي بريطانيا وألمانيا والسويد والصين، ويوجد المقر الرئيسي لشركة بهارات فورج في مدينة بيون الهندية.. أما شركة سوزلون ومقرها هي الأخري في بيون وتصنع توربينات الهواء فقد قامت هذا العام بشراء شركة هانسن البلجيكية لصناعة علب التروس، كذلك قامت شركة يونايتد للمشروبات الروحية وهي شركة من بنجالور بشراء شركة هوايت اند ماكاي الاسكتلندية ذات النشاط المشابه. وتجدر الإشارة إلي أن هناك عوامل عديدة تقف وراء هذه الموجة النشطة من الاكتسابات الهندية أولها الانتعاش الاقتصادي الداخلي، وثانيها سهولة الحصول علي القروض، وثالثها رغبة الشركات الهندية في اللحاق بركب العولمة، إلي جانب ثقة الهنود في قدراتهم الإدارية المتطورة.. فالاقتصاد الهندي يحقق للعام الرابع علي التوالي معدل نمو يبلغ 8% سنويا وكان معدل نموه في الربع الأول من هذا العام والربع الثاني 9.3% و8.9% علي التوالي بالمقارنة إلي الربعين الأولين من عام 2005. وتقول شركة السمسرة موتيلال أوزوال إن صفقات الاكتساب التي عقدتها الشركات الهندية في الربع الثالث من العام الحالي زادت بنسبة 27% عن نفس الفترة من العام السابق، خصوصا أن أرباح الشركات الهندية في تزايد بلغ 39% في النصف الأول من العام الحالي علي أرباح النصف الأول من عام 2005. ومنذ أيام، أعلنت شركة انفوسايز لتكنولوجيا المعلومات أولي نتائج ربع سنوية لها زادت فيها أرباحها بنسبة 53% سنويا وكانت إيرادات الشركة قد كسرت حاجز المليار دولار سنويا في العام المنتهي في مارس ،2004 ويتوقع أن تصل إيراداتها هذا العام إلي 3 مليارات دولار. والأمر المؤكد أنه في ظل هذا الانتعاش والأرباح العالية يصبح تحويل صفقات الاكتساب عملية ميسورة.. وتستطيع الشركات الهندية أيضا جمع ما تريد من مال من البورصات وأسواق المال سواء الهندية أو العالمية.. ورغم القيود الهندية علي رأس المال فإن شركات الهند تستطيع الاقتراض من الخارج. وفي شهر أغسطس الماضي علي سبيل المثال جمعت ريليانس بتروليوم 1.5 مليار دولار، أما شركة تاتا ستيل فقد أمكنها توفير 6.5 مليار دولار لتمويل عرضها لشراء شركة كوروس.