كان أغسطس الماضي هو أقسي شهر علي شركة "ديل" للكمبيوتر التي أسسها مايكل ديل في جامعة تكساس منذ 22 عاما مضت، فقد سحبت الشركة خلاله 4.1 مليون جهاز "لاب توب" أو الكمبيوتر المتنقل من الأسواق بسبب المخاوف التي ولدتها بطاريتها من الاشتعال والقضاء علي الجهاز بأكمله في صدمة كبيرة هزت عرش هذه المؤسسة العملاقة التي حصلت علي لقب أسرع شركة في القدرة علي النمو عام 1991 وظهر صاحبها الشاب في ذلك الوقت علي أغلفة المجلات الأشهر في عالم الأعمال بوصفه مؤسس وصاحب أفضل شركة في أمريكا، كما حصلت "ديل كمبيوتر" علي لقب أكثر الشركات الأمريكية إثارة للإعجاب وذلك في العام الماضي. وانعكست هذه الضربة الموجعة بالقطع علي أسهم الشركة التي قاربت علي تسجيل أقل مستوي لها منذ عام ،2004 ففي حين تجاوزت مستوي ال 43 دولارا للسهم في العام الماضي بلغت مستوي يشارف علي 30 دولارا في منتصف أغسطس الماضي. كما تاَكلت الأرباح وهبطت بنسبة 5% مقارنة بعام مضي، كما دفعت هذه الأحداث بورصة نيويورك للأوراق المالية إلي فتح تحقيق حول هذا الموضوع. وأدت هذه الأزمة إلي توجيه انتقادات إلي مايكل ديل وساعده الأيمن ومن كان يعتقد أنه سيخلفه في منصب كبير المديرين التنفيذيين كيفين رولينز كما وصل التراشق بالألفاظ إلي وصفه بالغبي وغير المنطقي وكل هذه الصراعات وضعت أمام لجنة التحقيق. ورغم ما يظهر من انشقاق قد يصل إلي حد الانهيار فإن شركة "ديل كمبيوتر" ماتزال هي أكبرمصنع في الولاياتالمتحدة وتتفوق علي الشركات الأمريكية المنافسة مثل "هيوليت باكارد" و"لينفو" وهي الشركة الصينية التي اشترت وحدة "اي بي ام" للكمبيوتر الشخصي. وتستحوذ "ديل" علي 19% من إجمالي المبيعات العالمية مقابل 16% لشركة "هيوليت باكارد". وتعلم الشركة جيدا أنها ستدخل في سلسلة من التحديات التي ستمنعها حتما من تحقيق المعدلات التي حققتها في المبيعات والتي حدثت في حقبة التسعينيات بعد أن صعدت مبيعاتها من 546 مليون دولار في العام المالي 1991 لتصل إلي 32 مليار دولار عام 2001 وبعوائد 52 مليار دولار. وهذه الصدمة دفعت كلا من "ديل" و"رولينز" لإعادة تقييم نشاط الشركة ولأول مرة منذ 15 عاما يبدو مؤسس الشركة ومالكها مترددا بهذه الصورة وهو أكثر قناعة بضرورة إحداث تغيير جوهري في شركته. وقبل الحديث عما تحاول الشركة إصلاحه يتعين النظر إلي أدائها خلال الربع السابق حيث مضت الأمور في طريق غير صحيح.. ففي إطار سعي الشركة لتعزيز أسهمها عملت "ديل" علي خفض أسعارها وكانت النتيجة أنها باعت أجهزة أكثر بنسبة 6% ولكن في المقابل تراجعت أرباح التشغيل بنسبة 48% في أمريكا وبنسبة 90% في أوروبا. ورغم فداحة الخسارة فإن الشركة تسعي وبقوة لتصحيح أوضاعها وإجراء إصلاحات هيكلية والتركيز علي توطيد علاقتها بالعملاء وتقديم قيمة أفضل لهم وبسعر أقل، بالإضافة إلي الالتفات إلي التصميمات التي تفتقر أحيانا إلي الكثير من الدقة.. إلا أن الانتقادات الموجهة للشركة تطول وتصبح أكثر قبولا في ظل الأزمة التي تعيشها حيث ينتقدها خبير في صناعة الكمبيوتر، مشيرا إلي أنها لا تملك مديرا لقطاع التسويق وهو الشخص الوحيد القادر علي الربط بين المنتج والشكل العام وعملية التسويق كل في حزمة واحدة تستطيع أن تنفذ إلي المستهلك وتلقي قبولا منه. وتعمل الشركة للاستعانة إلي أجزاء يتم تزويدها في أجهزتها من شركات أخري مثل المعالجات الحساسة والرقائق والخوادم وغيرها من الأجزاء الأساسية. ورغم كل عثراتها مايزال وضع ديل في الأسواق قويا، ففي يولية الماضي أشار مسح أجري علي مشترين محتملين في الولاياتالمتحدة إلي أن 50% منهم أعربوا عن رغبتهم في شراء أجهزة ديل، فإن السؤال الملح الاَن هو: هل تستطيع ديل أن تعاود النمو وبمعدلات كبيرة لإعادة البسمة إلي المستثمرين؟