تفاعل أسواق المال مع الأحداث امر طبيعي ومفهوم.. فقد كانت التوقعات تشير الي ان البورصات العربية ستشهد تراجعا ملحوظا بعد قيام اسرائيل بقصف لبنان.. الا ان ما حدث كان رد فعل مبالغا فيه بكل المعايير وفاق التوقعات السلبية خاصة في السوق السعودي والبورصة المصرية.. فقد حدث انهيار في السوقين خلال الايام الاولي لبدء العدوان خاصة في البورصة المصرية التي هبطت يوم الاحد قبل الماضي بنسبة تجاوزت 10% في الدقائق العشرة الاولي من الجلسة. واضطرت ادارة البورصة الي وقف التداول لمدة ساعة لتهدئة المتعاملين وبعد هذه الساعة استطاع المؤشر ان يعوض جزءا من خسائره التي مني بها في بدايتها.. ولكن السؤال يظل قائما لماذا هذا الانهيار في الدقائق الاولي من التعاملات؟ ويجيب الخبراء بان المشكلة الاساسية وراء هذه التذبذبات الحادة في البورصة المصرية هي ان ما يقارب 65% من المتعاملين فيها افراد مشيرين الي ان تعاملات الافراد تحكمها الانفعالات السريعة. ورصدوا ظاهرة جديدة في السوق المصري شهدها خلال الفترة الاخيرة وهي دخول الافراد المصريين في السوق عكس تعاملات الاجانب.. فمن الملاحظ ان اليوم الذي يتجه فيه الافراد المصريون للشراء تكون تعاملات الاجانب في اتجاه البيع والعكس.. وغالبا ما بتحكم في تعاملات الافراد الانفعالات والشائعات. يؤكد خالد الطيب- عضو مجلس ادارة شركة بايونير- ان ما حدث في بداية تعاملات الاسبوع الماضي هو رد فعل مبالغ فيه لما حدث في لبنان بدليل ان الاسواق التي لها علاقة مباشرة بالازمة وهما سوقا اسرائيل وبيروت قد تراجعا بنسبة تزيد قليلا علي 3% في حين هبط السوق السعودي علي مدار يومين بنسبة تجازت 9% بينما تفاعلت البورصة المصرية بشكل مبالغ فيه وتراجع الموشر نحو 11% في بداية تعاملات الاسبوع الماضي وفي الدقائق العشرة الاولي بطريقة غير مبررة. واضاف ان حالة الذعر التي تنتاب الافراد- الذين تمثل تعاملاتهم اكثر من 65% من السوق- وراء هذا التراجع القوي غير المبرر.. مشيرا الي ان الغريب ان المصريين كانو يبيعون باسعار منخفضة للغاية بهدف التخلص من الاسهم خوفا من الخسارة الكبيرة في الوقت الذي كان الاجانب يشترون بقوة وكذلك العرب. وشار الي ان هذا الاتجاه اصبح متعارفا عليه في السوق، فالافراد المصريون اصبحوا يسيرون عكس الاجانب بعكس السنوات السابقة التي كان ينظر فيها المصريون الي تعاملات الاجانب علي انها موشر للسوق ومدي الثقة فيه. وحول اسباب هذا التحول اكد خالد الطيب ان السبب الرئيسي هو نقص الوعي لدي المستثمرين الافراد الذين دخلوا السوق حديثا مع الاكتتابات الجديدة وكذلك وجود عدد كبير من شركات السمسرة عاملة في السوق ولكنها غير مؤهلة للعمل بمعني انها لا تقدم خدمة للعميل بخلاف التنفيذ فليس لديها وحدات للدراسات والبحوث وليس لديها عمالة مؤهلة لتوجيه النصح للعملاء. واوضح الطيب انه ليس من المطلوب خروج الافراد من السوق وانما مزيد من التوعية وتأهيل شركات السمسرة بما يمكنها من تقديم خدمات متكاملة للعملاء. ويضيف حسام ابو شملة المحلل المالي باحدي شركات السمسرة العربية اون لاين للوساطة، ان التذبذبات الحادة التي تشهدها البورصة المصرية ترجع الي الزيادة الكبيرة في تعاملات الافراد والتي تتجاوز في كثير من الاحيان 65% مشيرا الي نسبة كبيرة من تعاملات الافراد تعتمد علي الشائعات والكلام المرسل فيما بينهم وليس علي دراسات. واشار الي انه من الملاحظ حاليا ان المؤسسات والاجانب اصبحوا يفضلون التعامل عكس الافراد فنجد انه في حالات زيادة مبيعات الافراد تتجه المؤسسات الي الشراء والعكس. وهذا الامر لم يعد قاصرا علي اوقات التراجع فقط ولكن حتي في حالات الارتفاع. وطالب بمزيد من برامج التوعية للمستثمرين في السوق والأهم تأهيل الشركات العاملة في السوق حتي يمكنها تقديم خدمة متكاملة للعميل وليس مجرد تنفيذ اوامره التي تجلب العمولة للشركات فقط.