إعادة تخطيط 4000 قرية من خلال اعتماد حيز عمراني جديد للقري المصرية كان احد اهداف برنامج الرئيس حسني مبارك الانتخابي وذلك بهدف تقنين وتأمين أوضاع ملايين الأسر في الريف المصري، والذين قاموا بالبناء خارج الحيز العمراني القديم، عام ،1985 واعتماد حيز عمراني جديد وهي الفكرة التي فتحت الباب نحو قضية مثيرة للجدل وهي جدوي الحفاظ علي الأراضي القديمة الدلتا والوادي في الوقت الذي تحقق فيه اراضي الاستصلاح مستوي اعلي في الانتاجية والتصدير بسبب نقائها وخلوها من ترسبات التلوث التي تكونت في الاراضي القديمة علي المدي الطويل بينما تواجه الاراضي القديمة ضغوطا متزايدة من سكانها لتجريفها وتحويلها لاراضي بناء لاستيعاب الزيادة السكانية المتزايدة وفي العدد السابق من "العالم اليوم الاسبوعي" طرح شريف المغربي رئيس المجلس التصديري للحاصلات فكرة تخفيض المساحة المزروعة من 5 إلي 2 مليون فدان مقابل التوسع في الأراضي المستصلحة الي 18 مليون فدان.. فهل فتح الباب لتقنين اعمال تجريف الاراضي الزراعية القديمة يعرض الاقتصاد القومي لخسارة هذه الاراضي التي تكونت عبر سنوات طوال وهل فرض رسوم كبيرة علي منح تلك التراخيص لتجريف الارض وتوجيهها لحساب توصيل المرافق لاراضي الصحراء البكر كما هو مقترح من البعض من الممكن ان يعوضنا عن الأراضي القديمة؟ هذا هو السؤال الذي طرحناه علي الخبراء والمستثمرين واختلفوا بشأنه بين مؤيد ومعارض ونعرض فيما يلي الجدل الدائر حول هذه القضية. في البداية يوضح د. مصطفي مدبولي مدير عام المكتب الفني لهيئة التخطيط العمراني بوزارة الاسكان ان الوزارة بدأت بالفعل في تطبيق برنامج الرئيس مبارك بخصوص اعتماد الحيز العمراني الجديد حيث تم عمل هذا الحيز في 500 قرية وتم فيها اعادة تخطيط للاراضي التي سيرخص البناء عليها وتم هذا التخطيط علي أساس الاحتياجات المطلوبة للتوسع السكاني حتي عام 2022 ويشمل الحيز العمراني الجديد أجزاء من أراض زراعية ولكن تم وضع الاولية للأراضي البور والأراضي المتخللات بين البيوت ثم الاراضي ذات الجودة القليلة وأوضح ان من المخطط توسيع الحيز العمراني في 2000 قرية حتي ديسمبر القادم. وقال مدبولي إن الحكومة تدرس فرض رسوم مقابل دخول الأراضي الزراعية في الحيز العمراني ولكن لم يتم تحديده حتي الآن. ويوضح د. أيمن أبو الحديد مدير مركز بحوث الزراعة في المناطق القاحلة بجامعة عين شمس ان الدراسات المعدة عن الزراعة في مصر. رجحت ان 18% من مساحة الاراضي المصرية قابلة للزراعة وعلي الرغم من ان المساحة المزروعة حاليا لا تتعدي 4% الا ان حركة الاستصلاح حققت طفرات كبيرة خلال العشرين عاما الماضية فمع الفاقد المتواصل من الأراضي التي تم تجريفها ارتفع اجمالي المساحة المزروعة الي 8 ملايين فدان بعد ان ظلت ثابتة علي 6 ملايين فدان لفترة طويلة. وعلي الرغم من أن هذه المؤشرات تشجع علي الانطلاق نحو الأراضي الجديدة الا ان ابو الحديد لا يوافق علي التوسع علي حساب الاراضي القديمة نظرا الي ان تكلفة تحديث النظم الزراعية بها لرفع مستوي وكم الانتاج اقل بكثير من تكلفة تأسيس أرض جديدة، اضافة الي ان فتح الباب للبناء علي الاراضي القديمة قد يعرضها للاختفاء خلال بضع سنوات وهو ما يعني اننا سنضطر للبناء علي الاراضي الجديدة في المستقبل. لذا فهو يري ان دعم ثقافة الانتقال للظهير الصحراوي دون التفريط في الاراضي القديمة هو الاتجاه الاكثر رشدا لتحقيق توسع مستقبلي في الرقعة الزراعية. ويتفق معه د. رياض عمار استاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة اذ يقول ان الاراضي القديمة لا تعوض وانه من واقع دراسته لمشروعات توشكي وسيناء خرج بأنه لا يوجد متر تم استصلاحه في مصر يعوض مترا في الأراضي القديمة وفي أحسن تقدير هي تقترب من مستوي القديمة، فالاراضي القديمة كونها النيل علي مدار زمني طويل من طبقات متجانسة ومعادن متزنة ويقول انه لو كانت هناك تكلفة موجهة للارشاد الزراعي لامكن التحكم في التلوث كما انه من الممكن حل مشكلاتها بغسل الارض في سنتين أو ثلاثة علي الأكثر بدلا من التفكير في التخلص منها.