فشلت المرأة في دخول البرلمان الكويتي في أول انتخابات برلمانية تشارك فيها المرأة بالانتخاب والتصويت..! ورغم أن الانتخابات شهدت اقبالا كبيرا من النساء علي صناديق الاقتراع إلا أن 28 مرشحة فشلن جميعا في الفوز ولو بمقعد واحد من مقاعد مجلس الأمة الكويتي البالغ عددها 50 مقعدا..!! ولم تكن هزيمة المرأة في الانتخابات الكويتية مستبعدة، ولم تكن مشاركتها أكثر من عرض مسرحي يلطف من حدة الحملة الانتخابية في الكويت التي تتميز عادة بالضراوة والمنافسة الحامية وشراء الأصوات الانتخابية. والواقع أن فرصة فوز امرأة في أية انتخابات تجري في دول الخليج العربية مازالت صعبة للغاية مهما كانت المساندة الرسمية والاعلامية لمشاركة المرأة. ففي انتخابات مثل التي جرت في الكويت فإن المجتمع الكويتي مازال يتعصب للقبيلة والأصول وتتفق القبائل علي مرشحين بعينهم يكون لهم الفوز في حالات كثيرة، ويأتي هناك أيضا التيار الديني المتشدد الذي لا يصوت المنتمون إليه للمرأة، بل ويقف البعض منهم معارضا تماما لمشاركتها السياسية..! ولقد كان أحد أعضاء الجمعيات السياسية ذات الطابع الديني في مملكة البحرين واضحا تماما في موقف جمعيته من مشاركة المرأة بالترشيح حين قال إن أي شخص لن يستطيع الاتصال بامرأة في منتصف الليل لايقاظها إذا كانت نائبا عن منطقته وأن يطلب منها مساعدته في أمر ما..! ويقف الرأي العام في الكثير من الدول العربية معارضا أيضا لدعوات تمكين المرأة سياسيا خاصة عندما يشعر بأن وراء هذه الدعوات ضغوطا أمريكية وأنها جزء من العولمة التي يريد الأمريكان فرضها علي المنطقة. ويزيد علي ذلك أيضا أن عقلية الرجل الشرقي مازالت كما هي في النظرة إلي دور المرأة والقوامة عليها والإيمان بأن دورها يأتي خلف الرجل لا أمامه..! وقد يبدي بعض الرجال تأييدهم علنيا لحقوق المرأة السياسية ويشجعونها علي المطالبة بهذه الحقوق ويؤكدون علي مكانتها وأهميتها ولكنهم عند التصويت يبدون رأيا اَخر..! والمثير في الأمر أن النساء في المجتمعات الخليجية لا يقمن أيضا بالتصويت للنساء، وقد تجلي ذلك بوضوح في الانتخابات الكويتية التي كانت فيها النساء يملأن الشوارع ويتحدثن في الفضائيات ويحملن الاعلام واللافتات ويحضرن الندوات والديوانيات، وأقبلن كذلك علي التصويت والمشاركة ولكنهن لم يصوتن للمرشحات ولو فعلن ذلك لكانت امرأة واحدة علي الأقل قد دخلت البرلمان في مسابقة جديدة في منطقة الخليج العربية. والأمل معقود الاَن علي الدولة الخليجية الثانية التي ستجري فيها انتخابات برلمانية قبل نهاية هذا العام وهي مملكة البحرين. ورغم أن هناك أكثر من عشرين سيدة يجهزن أنفسهن للمعركة الانتخابية التي تدور حول 40 مقعدا، ورغم أن بعضهن تلقين دورات خاصة في الولاياتالمتحدةالأمريكية علي فن الحملات الانتخابية والعمل السياسي إلا أن فرصهن في الفوز تبدو ضئيلة للغاية وقد تفوز احدي السيدات إذا ما تم ترشيحها في احدي الدوائر ذات الكثافة السكانية المنخفضة والبعيدة عن المدينة والقري وفازت بالتزكية..! ونفس الأسباب التي أعاقت فوز المرأة في الكويت هي التي ستواجه المرأة في البحرين حيث يوجد تشابه في المناخ الليبرالي والمنفتح في البلدين والذي يقابل أيضا تيارات أخري محافظة وتقليدية ومتشددة بالغة القوة وجيدة التنظيم وتتمتع بامكانيات مادية تمكنها من السيطرة علي الشارع واجتذابه إلي صفوفها. ولا يمكن النظر إلي نجاح المرأة في الفوز ببعض المقاعد في الانتخابات البرلمانية المصرية علي سبيل المثال علي أنها قابلة للتكرار في الانتخابات البرلمانية الخليجية. إذ إن نساء مثل نوال عامر وفايدة كامل وكريمة العروسي وثريا لبنة فزن في الانتخابات البرلمانية المصرية عدة مرات وفشلن أيضا في الدخول لمجلس الشعب مرات أخري إنما كان لهن دور جماهيري علي مدي عقود طويلة من الزمان والتحمن بالجماهير وخاصة في المناطق الشعبية التحاما مباشرا وتجاوبن مع روح الشارع ومتطلباته بشكل جعلهن جزءا منه. هذه النماذج لا توجد في منطقة الخليج حيث لا يوجد هذا النوع من المشكلات الحياتية اليومية التي تشهد معيشة يومية من القيادات النسائية لمشكلات الجماهير والالتحام معها والتعبير عنها. وتفتقد بعض المترشحات في المجتمعات الخليجية أن نجوميتهن في المجتمع من واقع اسهاماتهن في العمل الاجتماعي أو الاعلامي تكفل لهن النجاح والتواصل الجماهيري وهي قناعات خاطئة إذ إن الشهرة والانتشار في المجتمعات التقليدية المغلقة لا تجلب إلا الغيرة والحسد وتشجع علي توجيه السهام والطعنات واختلاق الوقائع والاشاعات وغالبا ما يتفق الناس علي الشخص المجهول لأنهم لا يعرفون عنه شيئا، ويختلفون حول الاشخاص المعروفين لأن لكل واحد منهم رأيا مختلفا فيه..! وعلي أية حال لقد كانت شجاعة محسوبة للمرأة الكويتية في اقدامها علي خوض التجربة رغم ادراكها صعوبتها في مجتمع له تعقيداته الاجتماعية ومفاهيمه التقليدية، ولقد أضفي أيضا نكهة مميزة علي الانتخابات الكويتية أضافت الكثير إلي الحوار الديمقراطي المتدفق في هذا البلد الذي مارس ديمقراطية مختلفة منذ وقت بعيد. [email protected]