تقرير : أسماء أمين اعتبرت قيادات مصرفية أن قيام البنوك المصرية بتأسيس صناديق للاستثمار في الذهب هو مخاطرة عالية. وقالت القيادات انه سبق للبنوك ان قامت بالمضاربة علي الذهب في البورصات العالمية وتحملت نتيجة لذلك خسائر كبيرة لعدم درايتها الكافية بهذا النوع من النشاط المالي. وكانت أسعار الذهب قد تصاعدت خلال الأيام الماضية وبعد ان كان سعر الأونصة لا يتجاوز ال 350 دولاراً خلال العشرين سنة الأخيرة قفز في الأسابيع الستة الماضية ليصبح 650 دولاراً أي نحو ضعف ما كان عليه، وأصبح الذهب قابلا للتداول مثل الأسهم ويتم ذلك عبر الانترنت وقد زاد الطلب الاجمالي علي الذهب للاستثمار وبنسبة 37% في العام الماضي وارتفعت حجم المقتنيات الاستثمارية منه من 2.1 مليار دولار عام 2005 إلي 2.10 مليار دولار في هذا الوقت. وقد أدي هذا إلي اتجاه الصين والأرجنتين والهند إلي تأسيس صناديق استثمار في الذهب. هذا التصاعد المستمر واتجاه بعض الدول لإنشاء صناديق استثمار في الذهب جعلنا نطرح سؤالا: هل من الممكن ان تتجه البنوك المصرية لإنشاء مثل هذه الصناديق؟ بداية أوضح كمال محجوب مساعد مدير عام سوق المال ببنك مصر إيران للتنمية ان الاتجاه إلي المضاربة في البورصات العالمية وخاصة في المعادن النفيسة كالذهب والفضة أدي إلي إصابة مصر بخسائر فادحة في فترة الثمانينيات، مشيراً إلي ان البنك المركزي وقتها قد اصدر تعليمات بمنع عمليات المضاربة هذه. وأضاف محجوب ان إدارة مثل هذه الصناديق للاستثمار في الذهب تحتاج إلي خبرات ذات كفاءة عالية لكي نستطيع إدارتها دون تعرضها لخسائر فادحة مؤكداً ان هذه الخبرات لا تتوافر في مصر بصفة خاصة والدول النامية بصفة عامة. ويحذر كمال من ان إنشاء صناديق استثمار في الذهب أو حتي المساهمة فيها مستشهدا بالتجارب السيئة، السابقة للبنوك في هذا المجال والخسائر التي لحقت بها في فترة الثمانينيات، مؤكدا ان هذه التجارب أضرت البنوك والاقتصاد المصري ضرراً بالغاً. وأوضح كمال ان الذهب يستخدم كغطاء للاصدار أي العملات التي تصدرها الدول المختلفة، موضحاً انه يتم اختيار معدن الذهب لأنه من المعادن النادرة التي يحتفظ بقيمته ولذلك تم اختياره ليكون غطاء مقابلا لما تصدره أي دولة من عملات ورقية. وأضاف كمال ان ارتفاع سعر الذهب عالميا يرفع قيمة الاحتياطيات منه مؤكداً انه هذا يعتبر استثمارا في حد ذاته بينما لا يوجد استثمار حقيقي يعود علي الاقتصاد المصري لإنشاء صناديق استثمار في الذهب. وأشار محجوب إلي ان الاقتصاديين يرون ان الاقتصاد الحقيقي ليس في السوق الثانوي أو المضاربة في البورصة بينما في إنشاء شركات وهذا سيساعد علي تدعيم العملة المحلية. ويري ان زيادة تأسيس الشركات التي تقوم علي أسس إدارية ومالية سليمة أفضل من الاتجاه في المضاربة بالذهب أو المعادن موضحا ان هذه الشركات ستؤدي إلي الحد من اعتماد الاقتصاد المصري علي الدول الأخري. ويري محجوب انه لابد وان يكون هناك اتجاه متوازن لاستخدام الاحتياطي من الذهب الذي يتواجد في الخزانة المصرية وبحيث يتم إدارته بعيدا عن المضاربة، موضحا انه يمثل غطاء جيداً يساعد علي دعم الجنيه المصري. وأوضح ان المضاربة بما لدينا من الاحتياطي من الذهب يمكن ان تؤدي إلي خسائر لا نستطيع ان نتحمل عواقبها. ويحذر محجوب البنوك من استغلال ارتفاع سعر الذهب عالميا في المساهمة في إقامة مثل هذه الصناديق مؤكدا انها سينتج عنها "تقلبات والبعد عنها غنيمة". ويتساءل محجوب: ما العائد من انشاء مثل هذه الصناديق وما الهدف منها؟ مؤكداً انها مخاطرة كبيرة. وأوضح ان الدول والاقتصاديات الكبيرة هي التي تقوم بإنشاء مثل هذه الصناديق موضحا انها يمكن ان تكون "طعما" لتقع فيها الدول الفقيرة لتخسر هذه الدول احتياطاتها من الذهب. وقال إن التاريخ يعيد نفسه فهذا ما حدث منذ 30 عاما عندما ارتفع سعر البترول وقد قامت الدول "المحترفة" باسترجاع أموالها بوسائل استثمار جديدة وكانت المضاربة في الذهب من هذه الوسائل. وأكد ان الاستثمار في مثل هذه الصناديق يمثل "مقامرة" والذين يديرونها هي دول الغرب، ومحذرا من الوقوع في مثل هذه "المقامرة" غير المضمونة مثلما حدث قبل ذلك، وقال إن من يكسب هذه المقامرة هو الذي يديرها فقط. من جانبه أوضح مصطفي الهواري مدير الأوراق المالية ببنك القاهرة ان القانون الخاص بإصدار صناديق الاستثمار رقم 95 لم يحدد الاستثمار في الذهب بينما حدد الاستثمار في الأوراق المالية فقط. ويري الهواري انه لابد أولاً من اصدار قانون يسمح بالمضاربة في الذهب وموافقة البنك المركزي أيضا. وأشار الهواري إلي انه في فترة الثمانينيات كانت هناك بعض البنوك تضارب في الذهب مثل بنك "الأهرام" و"التجاريون" مما أدي إلي تعرض هذه البنوك لخسائر فادحة. ويري الهواري ان المضاربة في الذهب له مخاطرة عالية.. ومشيرا إلي ان من الممكن ان تقوم