أقتصاد نفسي لا اعرف لمن أشكو زحام القاهرة. يكفي اني قطعت المسافة من مطار القاهرة يوم السبت الماضي- وهو يوم اجازة- إلي ان وصلت مدينة الشيخ زايد في ثلاث ساعات بالتمام والكمال، ووقفت بالسيارة قرابة النصف ساعة فوق كوبري 15 مايوفي المسافة بين مستشفي الجلاء الي الزمالك. لا أعرف كيف استقبلنا نحن تقرير هيئة المعونة اليابانية عن زحام السيارات الذي قال ان شوارع القاهرة ستتحول الي انابيب مسدودة بالصاج خلال اعوام قليلة، وانا من سكان المهندسين واعلم ان الشارع الذي سكنت فيه عام 1970 كان ممتلئا بالحدائق، والان صارت المحلات تزحم الشارع والسيارات وتصطف مزدوجة بحيث لم تعد هناك فرصة الا لمرور سيارة واحدة، وفي اتجاه واحد، وآه إن دخلت سيارة نقل تحمل زجاجات المياه الغازية او المعدنية، واه دخلت الشارع سيارة نقل تحمل بضائع لمحل من محلات البقالة، هنا يصبح الجحيم هو الشارع والشارع هو الجحيم. أتساءل احيانا: كيف استطاعت روما تنظيم المرور فيها وهي من اكثر مدن اوروبا فوضوية في قيادة السيارات؟. وقد تتعجب حين طبقوا فقط قواعد اتبعوها بأمانة واعني بها احترام اشارات المرور، فضلا عن الاحتفاظ بمسافة ثلاثة امتاربين كل سيارة وأخري. ولكن كيف يمكن ان ينتظم المرور في القاهرة، واغلب البشر يظنون ان الدنيا مخلوقة لهم لوحدهم والباقون هم كمالة عدد؟ عن نفسي شحصيا انا اسمح لاي قائد سيارة ان يتخطي سيارتي دون ان اسد امامه الطريق، بل قد اسمع السباب، فأفتح الشباك واقول لمن يسبني "والله انت اين ناس طيبيين" فأري حمرة الخجل وهي تعلو وجهه، فأسير بعيدا عنه. ولكن ماذا نفعل في سيارات المسئولين الكبار الذين يسيرون ولا يحلو لهم الوصول الي اماكن اعمالهم او منازلهم الا في ساعات الذروة؟ هل يمكن ان نطلب منهم ان يأكلوا في مكاتبهم، وان يناموا الظهر هناك، ثم يعودون بيوتهم في آخر الليل؟ طبعا هذا الطلب يحمل من قلة الذوق الكثير. اتذكر اني سمعت شريف بسيوني رئيس الجمعية الدولية للقانون الجنائي الدولي انه سأل شيمون بيريز ذات مرة "متي تخشي مصر؟ " فكانت اجابة الثعلب الاسرائيلي "حين ينتظم المرور بها". الا يجب ان نجعل الاسرائيليون في عمل حساب لنا بأن ننظم المرور في شوارع عاصمتنا؟ أنا لا احلم، فقط اتمني ان نحاول مجرد محاولة ان يقود كل منا سيارته، وهو يعلم انه ليس اهم واحد في العالم، ولذلك لابد له أن يصل، وأن يصل غيره إلي الاماكن التي يريدون الوصول اليها بإتباع قواعد المرور.