تعرض القسم الالكتروني الاساسي في شركة سوني اليابانية لنزيف مستمر من الخسائر خلال السنوات الثلاث الاخيرة.. ولجأت الشركة منذ عام تقريبا الي سير هوارد سترينجر وهو امريكي مولود في ويلز ليتولي منصبي رئيس مجلس الادارة والرئيس التنفيذي وعينت له مساعدا يابانيا هو الدكتور ريوجي تشوباتشي في منصب الرئيس علي امل ان يتعاونا معا في اقالة سوني من عثرتها. وتقول مجلة "فورتشن" ان سوني شركة من الرموز اليابانية العملاقة في صناعة الكترونيات المستهلك والاجهزة الصوتية وانها هي التي قدمت للعالم الووكمان والتليفزيون ثلاثي الابعاد والاقراص المدمجة وجهاز الموسيقي الشهير بلاي شتيشان.. ومع ذلك، فان شركة سوني لم تدخل بعد العصر الرقمي علي النحو المطلوب وان هذا هو سر ما تلقاه من عنت في مجال المنافسة مع شركات اخري رقمية مثل مايكروسوفت وسامسونج وأبل وشارب ونوكيا وكانون وغيرها. وخلال العام الاخير، بذل سترينجر - 63 عاما - ومعه تشوباتشي - 58 عاما- جهودا خارقة لتعويم سوني وبدأ الرجلان جهودهما للاصلاح بخطة واسعة لخفض التكاليف حيث قاما بالاستغناء عن 5700 عامل واغلاق 9 مصانع بما فيها مصنع سوني في جنوب ويلز وباعا ما قيمته 705 ملايين دولار من الاصول الفرعية واستغنيا عن قائمة كبيرة من المستشارين العجائز في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات من العمر وكان عددهم 45 مستشارا ولكل منهم سيارة وسائق وسكرتير الي جانب دورهم المعوق في عملية صنع القرار داخل الشركة وهذا هو الاهم. وقد لا تكون خطوة خفض التكاليف خطوة مبهجة ولكنها علي اية حال ليست صعبة حيث ان الاصعب منها هو ما يقوم به سترينجر الان لتمويل سوني من صانع تقليدي للاجهزة الي منتج رقمي ذكي لكل من البرمجيات والخدمات والمحتوي والاجهزة التي تستخدم هذا كله. إن الناس لا تصدق ان سوني فقدت تفوقها في اجهزة الموسيقي هكذا بسرعة ولكن هذا هو ما حدث بالفعل بعد ان تحول الووكمان الي ادارة تقليدية تماما بالمقارنة مع الآيبود الذي تنتجه شركة مثل أبل.. وقد حدث هذا علي الرغم من ان سوني تمتلك نصف شركة (BMG) ثاني اكبر شركات العالم الموسيقية الي جانب انها اشترت في السنوات الماضية العديد من شركات الموسيقي والافلام ليكون لديها المحتوي الذي تغذي به اجهزتها.. وقد كانت الحلقة المفقودة في هذا المجال هي البرمجيات وكان توافر البرمجيات يستلزم دخول سوني الي العصر الرقمي وهذا هو ما يحاول سترينجر وتشوباتشي ان يفعلاه الآن.. وحتي الاجهزة الموسيقية الرقمية التي تنتجها سوني اجهزة لاتزال حتي الان معقدة وصعبة الاستخدام بالمقارنة مع اجهزة الشركات المنافسة. وتقول مجلة "فورتشن" ان تحديث سوني يحتاج الي ثورة ثقافية وان سترينجر يجب ان يهدم الاسوار العالية التي تفصل وحدات سوني الانتاجية عن بعضها البعض.. ويحتاج الي هدم نظام التوظف القائم علي فكرة العمل مدي الحياة ونظام الترقي القائم علي الاقدمية لكي يعطي للشباب فرصة اوسع، خصوصا ان سوني لديها 158 الف عامل وموظف في مختلف وحداتها ويحتاج لدفع المصممين الي الاهتمام بالاحتياجات الحقيقية للزبائن والتركيز عليها.. ويحتاج الي ان يجعل من خلق القيمة لحملة الاسهم هدفا مهما لادارة سوني وان يعطي للربحية اولوية علي التناغم بعكس ما هو سائد في ثقافة الشركات اليابانية عموما. والحقيقة ان سترينجر وهو يفسر ثقافة شركة سوني لا يريد ان يوصف بانه الرجل الذي حول هذه الشركة الي كائن داروني لا يؤمن الا بحكمة البقاء للاصلح وانما هو يريد ان يزاوج بين القيم اليابانية الاصلية التي نشأت عليها سوني منذ 60 عاما وبين الاحتياجات التنافسية الضاغطة التي تمكن سوني من النجاح في الاسواق. والغريب ان سترينجر لا يتحدث اليابانية كما انه ليس مهندسا بل انه قضي معظم حياته العملية في مجال الصحافة والترفيه اما معلوماته عن البرمجيات والالكترونيات فهي ايضا محدودة ومع ذلك فاليابانيون يرون انه الرجل القادر برؤيته المستقبلية وجرأته علي ان يدخل سوني سريعا الي العصر الرقمي في جميع المجالات. وقد يكون لحديث الارقام دلالته بشأن جسامة المهمة المنوط بالرجل تحقيقها حيث تقول الارقام ان سعر سهم سوني هبط 40% في السنوات الاخيرة وان قيمتها السوقية لا تتجاوز 45 مليار دولار في حين تصل قيمة سامسونج ال 98 مليار دولار وابل (54 مليار دولار) وما تسوشيتا (53 مليار دولار).. وفي العام المنتهي يوم 31 مارس 2006 كانت ايرادات سوني 63.8 مليار دولار وارباح التشغيل لا تتجاوز 1.6 مليار دولار اما قسم الالكترونيات الذي يدر 64% من جملة ايرادات الشركة فقد كان من الخاسرين وكانت خسارته 264 مليون دولار وهذه كلها اوضاع لابد ان تتغير.