اليسار سروع القائم بأعمال الممثل المقيم لبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي مهمومة بحكم موقعها بالشأن التنموي في مصر، ولكن في إطار النظرة الدولية لجميع المتغيرات السياسية والاقتصادية في مصر، طرحنا عليها أبرز النقاط الساخنة في تقرير التنمية البشرية عن اثنتي عشرة محافظة مصرية، بالإضافة إلي التقرير الوطني العام للتنمية البشرية، كما ناقشنا معها عدة قضايا حول مقارنة وضع مصر التنموي وتجارب الدول النامية والرسائل السياسية التي يحملها التقرير حول لامركزية القرار في مصر وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية في صناعة القرار ومدي تصادم ذلك مع الرؤية الحكومية. * تقارير المحافظات نبهت إلي قضية هامة وهي الفوراق الكبري في مؤشرات التنمية داخل كل محافظة فما تفسيرك لهذه الظاهرة؟ برنامج الأممالمتحدة الإنمائي يعمل في دول نامية عدة لإصدار هذه التقارير من أجل تنبيه الحكومات إلي هذه الفوارق التي تؤدي إلي حرمان الكثيرين من حقهم في التنمية وهذه ظاهرة توجد في بلاد نامية كثيرة وهي في مصر توجد بنسب مقبولة إلي حد ما فإذا قارنا مصر بلبنان نجد أنه بالرغم من ان تعداد لبنان 4 ملايين نسمة فقط، إلا ان هناك فوراق تنمية واضحة أيضاً بين الريف والحضر ومناطق الوسط والمناطق النائية. * مشكلة غلبة الحيازات الزراعية الصغيرة علي نمط التملك بالمحافظات وتأثيرها علي تطور هذا القطاع كانت المشكلة المشتركة بين أغلب المحافظات التي طرحتموها في التقرير ولكنكم لم تطرحوا حلولا مفصلة تتناسب مع ضخامة هذه المشكلة؟ الهدف الأساسي من التقرير هو ان يقدم المعرفة لصانعي القرار اما من حيث قدرة الحكومة علي دفع هذا القطاع الضخم إلي ان يصبح قطاعاً زراعياً غير تقليدي وأكثر تطورا فهو يرتبط في الأساس بما طرحناه في التقرير الوطني حول فكرة "العقد الاجتماعي الجديد" الذي يصبح بمثابة عقد شراكة بين المواطن والحكومة ليعملا كشركاء في التنمية وعلي المستوي المحلي حاولنا ان ندعم هذا الفكر من برنامج "مصر لتنمية القرية" والذي يهتم بإعادة تفعيل آليات المشاركة في المجتمع المحلي في وضع الخطط التنموية. * نادت التقارير بدعم الجمعيات الاستهلاكية التعاونية التي اتضح ان قاعدتها الجماهيرية ضعيفة جدا وان تأثيرها في ضبط أسعار السوق محدود، ألا يتناقض ذلك مع السوق الاقتصادي الحر الذي دعوتم له في تقاريركم التنموية؟ تعلمون ان مصر مرت بتحولات ايديولوجية عدة وان العقد الاجتماعي القديم مازالت له بقايا في حياتنا بمصر وما حاولنا ان ندعو له هو إعادة هيكلة النظام الاقتصادي من خلال العقد الجديد بشكل يتلاءم مع الوضع الاقتصادي الحالي فالنظام الاقتصادي الجديد الذي ندعو إليه هو نظام متوزان يحقق النمو ويأخذ بعين الاعتبار حماية الفقراء ومصالح محدود الدخل، ويعد ضبط الأسعار إحدي الآليات المحققة لهذا الهدف ولكن أود ان أشير أيضاً إلي اننا لا نفرض فكرا معينا ولكننا نقوم بدور المرشد. * ما تقييمك لمستويات الأسعار في مصر؟ هي مسألة نسبية فمن ناحية مصر جاذبة للسياحة لأن أسعارها بالنسبة للسياح منخفضة نسبيا ولكن علي الصعيد المحلي فبالتأكيد فإن مستويات الأسعار بالنسبة لكل من هم تحت خط الفقر تعتبر مرتفعة. * ركزتم في تقارير المحافظات علي تطوير السياحة في مناطق عدة ولكن في ظل المؤشرات المنخفضة للخدمات والتنمية بهذه المناطق كيف يمكن ان تكون جاذبة للسياحة؟ كل هذه المشكلات من الممكن حلها بالسياسات التنموية المقترحة فلو اخذنا تجربة إسبانيا كنموذج سنجد انها قبل عشرين عاما كانت تعد من فقراء الدول النامية الآن وبعد ان اعتمدت علي السياحة كنشاط اقتصادي رئيسي لتحقيق النمو تفتح أبوابها لاجتذاب العاملين من شرق أوروبا وهو مؤشر علي انها تطورت بشكل كبير خلال هذه الفترة. * العنصر البارز في تحليلكم للمجتمع المدني بالمحافظات هو ان نقابة المعلمين تعد أكبر النقابات من حيث عدد الأعضاء وبالرغم من ذلك نبهتم في التقرير الوطني إلي ان المعلمين يحتاجون إلي زيادة في الرواتب هل هذا يعطينا مؤشرا علي ضعف الوضع النقابي في مصر؟ بالطبع هذا يعطينا مؤشرا علي ان هذه النقابة تحتاج إلي المراجعة والتقييم من الناحية المؤسساتية ومهامها التمثيلية للمهنة ونحن نضع هدف دعم النقابات والمجتمع المدني، باعتباره إحدي أولويات التنمية ولكن أؤكد مرة أخري اننا نسلط الضوء علي المشكلات فقط من أجل تصويبها وليس من أجل الهجوم علي جهة بعينها. * وصف الخبراء المقترحات الاقتصادية التي طرحت في التقرير الوطني لتحقيق التنمية بأنها غير واقعية فحديثكم عن التوجه إلي أن مصر تصبح جزءاً من الحلقة الصناعية الدولية وصف بأنه تجاهل لمعايير المنافسة الدولية نظراً إلي ان دول جنوب شرق آسيا سبقتنا في هذا المجال؟ لقد قدمنا في التقرير سياسة متكاملة وعرضنا الميزانية المطلوبة لهذه السياسة وكذلك توقعاتنا بالنمو الاقتصادي في حال تطبيق هذه السياسة، إضافة إلي اننا كان اهتمامنا الأساسي هو ألا يهتم الاقتصاد المصري بالتصدير فقط ويهمل الوضع المحلي حتي لا يصبح هناك فجوة بين معدلات نمو الدخل والاقتصاد وثبات معدل الفقر ومؤشرات النمو في الخدمات الاجتماعية والصحية، كما اهتممنا بالتركيز علي القطاعات الاقتصادية التي تحقق أعلي معدلات التشغيل إضافة إلي دعم المنشآت الصغيرة لحل مشكلة البطالة. * تضمن التقرير الوطني وتقارير المحافظات رسائل سياسية عدة حول فكرة اللامركزية.. بصراحة هل هناك خلاف في وجهات النظر بينكم وبين الحكومة حول النظرة السياسية للامركزية؟ لا يوجد خلاف مع النظام السياسي في وجهات النظر، ونحن نلقي الضوء علي الاصلاحات الضرورية لتحقيق التنمية وفي هذا السياق نركز علي ان هناك ترابطاً مباشراً ما بين الإصلاحات السياسية ومشاركة المواطن في صنع القرار والسياسات في تحقيق التنمية ويضم ذلك في تقاريرنا في كل العالم، وهذه المقولات التي تعرضت لها هي نوع من إلقاء الضوء علي أهمية هذه الإصلاحات، وتتوافق كلها مع برنامج الرئيس الانتخابي وخطة الحكومة للتنمية وهناك توافق في الافكار مع الحكومة حول "العقد الاجتماعي الجديد" الذي تعرضنا له والمضي قدما في هذا الاتجاه يعتمد علي الإرادة السياسية في التطبيق ونحن ندعم توجه الحكومة في هذا المسار كما اننا بصدد عقد حوارات مع المسئولين والمجتمع المدني حتي يصير هناك حوار عن العقد الاجتماعي وتغيير العلاقة بين المواطن وصانع القرار.. ولكن في النهاية نحن نلقي الضوء فقط علي السياسات التي تحقق النمو، باعتبارنا مؤسسة حيادية ندعم جهود الحكومات التي نعمل في بلدانها علي تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.