إسماعيل إمام عيسي * في النظم الديمقراطية - تمثل الحكومة حزب الأغلبية.. أما الحكومة الائتلافية فانها تتشكل في حالتين: الأولي: التقارب الشديد في نسب فوز الاحزاب المختلفة في الانتخابات، بحيث لا يتمكن أي حزب من تحقيق الغالبية الكبيرة. الثانية: حالة الطواريء والأوقات العصيبة التي تمر بها البلد.. كأوقات الحروب.. مثلا وليس معني هذا أن تعمل الحكومة بتفويض مطلق من الشعب.. بل هو تفويض مشروط بالرجوع إلي القاعدة الشعبية والائتناس بالرأي العام والتشاور مع المجالية النيابية في القرارات المصيرية أو حتي في قرارات تمس صميم الحياة اليومية أو المرافق العامة. لا يمكن لأية حكومة أن تخرج عن هذه القاعدة والأسس المعمول بها.. والا تكون قد فقدت شرعية استمرارها، ويجوز للبرلمان ان يسحب الثقة منها.. او حتي في حالات التألق الديمقراطي تستقيل الحكومة لاحساسها بانفصالها عن الأمة وخسرانها الرأي العام والذي تعبر عنه استطلاعات الرأي والصحف والاعلام عموما بقنواته المختلفة أيضا المؤسسات والجمعيات المدنية والأهلية.. واخيرا المظاهرات العامة. اسوق هذه المقدمة بمناسبة تعامل الحكومة المصرية مع القاعدة الشعبية بتجاهل وعدم اهتمامها بالمشاركة الشعبية أو بالرأي العام، وبالتالي تصدر قرارات سلطوية أو حتي تعسفية تمس أموراً حياتية اساسية، استنادا لرؤي أحادية أو لدراسات غير جادة تطبيقا لسياسة الأمر الواقع. وعلي الناس تقبل الأمر تدريجيا والاعتياد عليه والأفضل نسيانه. الأمثلة علي ذلك كثيرة ومتعددة .. التوقيت الصيفي. فقد ثبت انه غير مقبول شعبيا وغير مؤثر اقتصاديا.. فالحجج التي كانت تثار عند بداية الأخذ به.. انه يوفر ساعة من الليل.. مما يوفر طاقة الكهرباء.. ويقلل سهر الناس والحقيقة غير ذلك تماما لأن ساعات العمل تتحدد بعدد الساعات ولمواجهة تأخير الساعة تؤخر ساعة بداية العمل وتضاف علي موعد انتهائه.. وكأنك يا أبو زيد ما غزيت...! فالمؤسسات والهيئات العامة والخاصة التي كانت تبدأ صباحا في 30.8 أصبحت تبدأ في 30.9 وتتبع نفس القاعدة في الفترة المسائية. أما السهر خارج البيوت فانه يتم لاسباب عدة.. أهمها الحر، وممارسة انشطة اجتماعية أو ثقافية أو رياضية خارج المنزل out door atiries وطبقا للتوقيت الصيفي فإن غروب الشمس يحدث بين السابعة والنصف والثامنة مساء.. واعتاد الناس الخروج بعد الغروب بغض النظر عن عقارب الساعة ومن اعتاد منهم قضاء ساعتين أو ثلاث في نشاطه الليلي لا ينقص هذه الساعات، بيد انه من آثار ذلك المعاناة والمكابدة المتكررة التي تحدث بعد انتهاء عمل المواصلات العامة.. وتنفرد السرفيس بالعمل.. تدافع يصل إلي اهدار الكرامة! أما عن استهلاك الطاقة فلا يقصد بها لمبات الاضاءة العادية او الفلورسنت انما يقصد بها أجهزة التكييف التي تزايدت اعدادها في مصر في الآونة الأخيرة بصورة لا تكاد تصدق.. وهذه بدورها تعمل في ساعات الحر نهاراً أو ليلا بغض النظر عن عقارب الساعة. اضافة إلي أن التوقيت الصيفي يؤثر سلبا علي الساعة البيولوجية للانسان، ويربك التعامل مع الخارج، أوقات الوصول والسفر ومواعيد العمل وكل ما طرأ عليه تغيير. هذا فيما يخص عدم جدوي التوقيت الصيفي.. أما من الناحية الاجرائية فانه قرار يمس الحياة اليومية لكل المواطنين ولابد من المشاركة الشعبية في اصداره! فرغم التحفظ علي شفافية تمثيل مجلس الشعب ومصداقية ذلك فانه لابد من موافقة المجلس بشرط ان يرجع الاعضاء إلي دوائرهم للتشاور. تأسيسا لثقافة الديمقراطية يجب علي الحكومة ان تنشر في وسائل الاعلام المختلفة مبرراتها مدعمة بالأرقام - وليس مجرد كلام مرسل كما يجب أن تساعد - بشكل جدي - علي انشاء مراكز لتوفير المعلومات في جميع الميادين الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية ومن بين هذه المراكز.. ما يختص بقياس الرأي العام بطريقة علمية وان تحترم نتائجها عند اتخاذ أي قرار عام، وايضا تفعيل المجتمع المدني بمؤسساته يمكن ان يسهم في التعبير عن الرأي العام، ثقافة الديمقراطية يا سادة لابد لها ان ترسخ بخطوات جادة ومدروسة ونظرا لأن الظروف التاريخية في مصر أرست قاعدة ان التغيير والمبادرة دائما تأتي من أعلي السلم الاداري في الدولة، فانه من الواجب - مؤقتا علي الأقل - ان تقود الحكومة والدولة بمؤسساتها المختلفة مسيرة الاصلاح والتطوير، وتبدأ بالدروس العملية لنشر ثقافة الديمقراطية. سيادة رئيس الوزراء ارجو اعادة النظر في قرار التوقيت الصيفي بغض النظر عن مثاليه ومآثره، فقط اتخاذ الاجراء الديمقراطي برجوع الاعضاء الممثلين للأمه لدوائرهم للتعرف علي الرأي العام، وايضا تفعيل وسائل مؤشرات قياس الرأي العام في هذه النقطة كبداية سليمة لمسيرة ديمقراطية صحيحة. ويدخل في السياق موضوع طرح الثقة في رئيس شركة الاتصالات المصرية الذي تجاوز بتهديد اعضاء مجلس الشعب.. بعدم التوسع في نشر الخدمة التليف