الشراكة الجديدة بين الحكومة والقطاع العام من ناحية والقطاع الخاص في تقديم الخدمات بمختلف انواعها علي الطريقة البريطانية هل تنجح في مصر؟ طرحت العالم اليوم الاسبوعي تلك الثقافة الجديدة التي يجري العمل علي ترويجها في مصر علي عدد من الخبراء وفيما حظيت بتأييد اصوات من الخبراء اكدوا انها ضرورية سواء للنهوض بقطاع الخدمات في مصر او لجذب الاستثمارات وقالوا ان المناخ مهيأ لها حاليا الا ان احد خبراء التخطيط والتنمية يري انها تتعارض مع دور الدولة الحارسة في اقتصاد السوق وتساءل: اذا كانت اسعار وجودة الخدمات هكذا وهي في يد الحكومة فيكف سيكون وضعها بعد دخول القطاع الخاص. تتفق التقارير والدراسات سواء المصرية او الانجليزية علي وجود مجموعة من المميزات والمكاسب لدعم وترويج وجذب الاستثمار الخاص في مشروعات البنية الاساسية ويأتي علي رأسها معالجة قصور التمويل الحكومي والاسراع بمعدل النمو الاقتصادي والاجتماعي بالاضافة الي رفع كفاءة تشغيل المرافق العامة الاقتصادية ومستوي مشروعات التنمية الاجتماعية والمشروعات القومية كما يشمل ذلك نقل بتعية المخاطر التجارية بشكل اساسي الي المستثمر الخاص ونقل التكنولوجيا الحديثة وتوسيع الملكية الخاصة والتوجه نحو اقتصاديات السوق وكذلك تنشيط سوق المال المحلية من خلال اصدار اوراق مالية جديدة وانشاء صناديق للاستثمار في البنية الاساسية. وقد اوضح الخبير البريطاني ستيفن هارس ان هذه المشاركة تحقق العديد من المكاسب واهمها علاج التخوف من بيع الشركات للاجانب وسد الابواب الخلفية للخصخصة ويعتبر ذلك احدي الادوات الجديدة لايجاد نوع من التوازن بين القطاعين الخاص والعام. تبطيق محدود وبالرغم من اهمية هذه المشاركة فانها مازالت محدوده للغاية في مصر كما اكد ذلك الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار الذي اوضح انه علي مدار الخمس عشرة سنة الماضية لم يتم اقامة سوي 16 مشروعا بالمشاركة باستثمارات بلغت نحو 6،2 مليار دولار فقط وذلك في حين ان دولاً ناشئة مثل ماليزيا والفلبين وجمهورية التشيك تزيد وحدها علينا بنحو 10 مليارات دولار خلال الفترة نفسها وارجع محيي الدين ذلك الي عدة عوامل علي راسها قصور التنظيم التشريعي وصعوبات متعلقة بالاطار المؤسسي اضافة الي ضعف الوعي العام ويشير محيي الدين الي ان الحكومة المصرية كانت هي المسئولة خلال العقود الماضية عن تمويل وإقامة وتشغيل مشروعات البنية الأساسية، ولكن القطاع الحكومي اصبح نتيجة الزيادة السكانية المتنامية النمو الاقتصادي وزيادة الالتزامات المالية، غير قادر علي تحمل عبء اقامة مشروعات البنية الاساسية بمفرده. احمد عرفة تجربة سابقة ومن جانبه يوضح المهندس حمدي رشاد المستشار السابق لوزارة قطاع الأعمال العام أن نظام المشاركة تم مناقشته في السنوات الماضية، وكان موضع ترحيب من المسئولين في ذلك الوقت، ولكن المناخ التشريعي والمؤسسي لم يكن مهيئا لذلك، ليس فقط علي مستوي مشروعات البنية الأساسية، ولكن علي مستوي المشروعات الانتاجية الكبري التي لا يستطيع القطاع الخاص دخولها بمفرده لضخامة استثماراتها، ويشير الي أن المشاركة ليست نوعا من أنواع الخصخصة المبنية علي نقل الادارة كاملة الي القطاع الخاص، ولكنها أحد الادوات التي يكون الغرض منها الحرص علي تقديم منتجات أو خدمات بطريقة مميزة وجودة عالية. ويتفق مع هذه الآراء شريف فتحي رئيس مجلس ادارة الجمعية المصرية للمديرين الماليين، ويشير الي أن ذلك لا يغني عن البدء فورا في بيع شركات قطاع الأعمال العام، ويشدد علي ان التحسن في المناخ الاستثماري في مصر خلال السنة الماضية يعد مؤشرا قويا، وخطوة كبيرة للتغلب علي المشكلات المتعلقة بالمشاركة وتفعيلها في ظل الثقة الحالية بين القطاعين العام والخاص، ويلفت في ذلك الاطار الي ان وضع الخطوط العريضة لهذه المشاركة من شأنه زيادة تدفق الاستثمارات الأجنبية صاحبة الخبرة في مشروعات البنية الاساسية الي مصر، وخاصة أن حجم هذه المشاركة عبر السنوات الماضية عامة لم يرق الي المستوي العالمي المطلوب في دولة مثل مصر. مصير الدولة الحارسة وعلي الجانب الآخر يشدد الدكتور محمود عبد الحي مدير معهد التخطيط القومي السابق علي ان التوجه الحالي نحو اقتصاد السوق الحر، وبالتالي نحصر عن دور الدولة الحارسة في مسئوليتها عن الأمن والعدالة والمرافق العامة، ويري بناء علي ذلك أن دخول القطاع الخاص في مشروعات المرافق والبنية الاساسية يتعارض مع ذلك التوجه كما يري انه يفترض في مشروعات البنية الاساسية ان تقدم خدمات معنية للشعب باسعار مناسبة، وذلك في حين ان هدف دخول القطاع الخاص في مثل هذه المشروعات، هو الربح الذي سينعكس بدوره علي اسعار هذه الخدمات. ويقول د. عبد الحي أن الدولة تستطيع من خلال الضرائب تمويل هذه المشروعات، كما يفترض إن يتم تخصيص هامش من هذه الحصيلة لاعمال التطوير أما مفاهيم الخصخصة من خلال نقل الملكية أو خصخصة الادارة أو المشاركة التي تعد نوعا من أنواع الخصخصة، فيجب أن تكون في المشروعات ذات الانتاج المباشر. كما ينتقد عبد الحي الاسعار الحالية للخدمات التي تقدمها الحكومة أو الشركات التابعة لها، ويري أنه لا توجد أسس واضحة في تقديرها، كما تتم بطريقة مخالفة لجميع الأنظمة العالمية مثل أمريكا التي تتطلب قيام أي شركة قبل رفعها سعر خدمة معنية ولو بسنت واحد، أن تأخذ حكما يقضي بذلك من المحكمة المختصة ويتساءل في دهشة اذا كان ذلك يتم و الخدمات في يد الحكومة، فما الذي سيفعله القطاع الخاص اذا انتقلت اليه هذه المشروعات ؟