سعد هجرس الرسول الكريم محمد بن عبد الله، صلي الله عليه وسلم، هو الذي حث المسلمين علي طلب العلم ولو في الصين، علما بأن السفر وجزيرة العرب في أيام النبي، أي منذ اكثر من أربعة عشر قرنا كان أمرا عسيرا وبالغ المشقة. واليوم.. وبعد أن تقدمت البشرية تقدما عظيما، ودخلت ثالث ثورة كبري، هي الثورة المعلوماتية، أصبح العرب والمسلمون في الذيل، وفي آخر طابور المساهمين في الابداع العلمي والحضاري. وآخر التقارير التي تلطم وجوهنا بهذا العدد هو التقرير السنوي للمنظمة العالمية للملكية الفكرية "ويبو" لعام 2005. فقد كشف هذا التقرير ان السنة المنصرفة شهدت رقما قياسيا لعدد طلبات براءات الاختراع المقدمة ل "ويبو"، حيث بلغ هذا العدد نحو 134 الف طلب براءة اختراع بنسبة نمو 4.9% عن عام 2004. والجديد في ترتيب الدول بهذا الخصوص هو ان الصين تقدمت ثلاث مراتب متخطية كلا من كندا وايطاليا واستراليا فاحتلت المرتبة العاشرة. كما أن كوريا الجنوبية قفزت الي المرتبة السادسة متقدمة علي هولندا في ترتيب العام الماضي. في حين بقيت الولاياتالمتحدة في مركز الصدارة عالميا، اذ قدمت 6.33% من الطلبات الاجمالية، وتلتها اليابان، فالمانيا، لتليها فرنسا ثم بريطانيا. أما الدول العربية فقد كان ظهورها علي نفس القائمة ظهورا متواضعا، حتي لا نقول مخجلا، اذ جاءت مصر الأولي بنحو 48 طلب براءة اختراع، تلتها الامارات ب 31 اختراعا، فالسعودية ب 26 طلب تسجيل، في حين أن اسرائيل قدمت 1481 طلبا للمنظمة أي أن اسرائيل قدمت براءات اختراع تبلغ اكثر من 30 ضعف اكبر دولة عربية!! بل ان الشركات، وليس الدول فقط، كان الفارق بين اسهام الواحدة منها في بعض الحالات وبين الدول العربية مجتمعة، فارقا مذهلا وفاضحا. وعلي سبيل المثال فان شركة فيليبس الكترونيكس الهولندية سجلت 2492 طلبا، وشركة ماتسو شيتا اليكتريك اليابانية 2002 طلب، وسيمنز الالمانية 1402 طلب، ونوكيا الفنلندية 898 طلبا. وهذه الارقام هي المقياس الحقيقي الذي يكتسب دلالة اهم من كل الشعارات والهتافات والكلمات البليغة والاقوال المعسولة. وهذا التخلف الفاضح اللصيق بالدول العربية والاسلامية هو الاساءة الحقيقية للرسول الكريم صلي الله عليه وسلم. وليت كثيرا من الذين يزعمون الدفاع عنه ضد اساءات الرسول الكاريكاتورية الدنماركية السخيفة وغير المقبولة، أن يدركوا ان اساءتهم لنبيهم صلي الله عليه وسلم بتكريسهم التخلف عن مسيرة العلم والعقلانية وانتاج الحضارة افدح كثيرا من الاساءة الدنماركية. وأن ازالة الاساءة الدنماركية وغير الدنماركية لن يكون بالهتافات الغاضبة وحرق الاعلام وانما بالعلم والعمل والابداع واعلاء شأن العقل والعقلانية. والله أعلم