شهدت الاجتماعات المصرية الأمريكية التي عقدت علي هامش منتدي دافوس الاقتصادي العالمي تصاعداً لوتيرة الخلاف المصري الأمريكي حول اتفاق التجارة الحرة بين البلدين. وكشف بيان رسمي مصري صدر عن وزارة التجارة المصرية عن فحوي الخلاف حيث أصر الجانب الأمريكي علي ربط البدء في مفاوضات التجارة الحرة مع التقدم علي مسار الإصلاح السياسي في مصر بينما رفض الجانب المصري ذلك. وقال البيان الذي صدر في دافوس أمس إن الجانب المصري يؤكد علي عمق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين والالتزام بمسيرة الإصلاح إلا أن "مصر لا تري ربطاً بين قضايا الإصلاح السياسي ومستقبل اتفاق التجارة الحرة". وقال رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة إن الإصلاح السياسي يمثل حجر الزاوية علي أجندة الإصلاح المصرية كما أكد الرئيس مبارك في برنامجه الانتخابي، إلا أن خطوات تنفيذ البرنامج تظل شأناً مصرياً داخلياً يخضع لقواعد القانون والدستور المصري. وأضاف رشيد أن اتفاق تجارة حرة مع واشنطن يحتم علي الطرفين الكثير من العمل كما أنه في الوقت نفسه يقدم مزايا لكل من الجانبين. وعلمت "العالم اليوم" أن الاجتماعات التي عقدها وزير التجارة والصناعة مع روبرت بورتمان الممثل التجاري الأمريكي وروبرت زوليك نائب وزيرة الخارجية الأمريكية قد تناولت تفاصيل ذلك الخلاف حيث أصر الجانب الأمريكي علي خمسة "اشتراطات سياسية" أنه يجب أن تقوم مصر بتنفيذها أو إحداها قبيل البدء في المفاوضات، إلا أن الجانب المصري رفض ذلك الربط مشيراً إلي أن مسيرة الإصلاح الاقتصادي تسير بوتيرة متقدمة تهيئ الاقتصاد المصري لبدء المفاوضات في حين يظل الإصلاح السياسي شأناً داخلياً يتطلب العديد من الإجراءات والخطوات التي تسير في قنواتها الشرعية. وفيما لم يعلق الجانب الأمريكي علي البيان المصري "حتي مثول الجريدة للطبع" فقد أكد روبرت زوليك ل "العالم اليوم" أنه من غير الدقيق الحديث عن اشتراطات مسبقة ولكنه حوار بين أصدقاء تربطهم علاقة وثيقة. وكان من المتوقع أن تعلن مصر والولاياتالمتحدة خلال الربع الأول من العام الحالي بدء مفاوضات التجارة الحرة بين البلدين، إلا أن أنباء صدرت من واشنطن في أعقاب الحكم بحبس رئيس حزب الغد المعارض أيمن نور خمس سنوات علي ذمة قضية تزوير التوكيلات كشفت عن تأجيل واشنطن البدء في المفاوضات لأجل غير مسمي، وقد شنت الصحف الأمريكية الكبري وفي مقدمتها الواشنطن بوست والنيويورك تايمز هجوماً عنيفاً علي النظام المصري وبخاصة فيما يتعلق بالإبقاء علي قانون الطوارئ "الذي يحل موعد تجديده في مارس من هذا العام" وحبس أيمن نور وطالبت تلك الصحف الإدارة الأمريكية بما أسمته ب "عتاب النظام المصري" علي تلك السياسات "غير الديموقراطية" كما وصفتها. وقد علمت "العالم اليوم" أن الإفراج عن نور لم يكن من بين "الاشتراطات" الأمريكية. وكانت مصر تعمل منذ سنوات لعقد اتفاق تجارة حرة مع الولاياتالمتحدة علي غرار ما تم توقيعه مع إسرائيل والأردن والمغرب وذلك لفتح الأسواق الأمريكية أمام المنتجات المصرية، ووقعت مصر العام الماضي اتفاق المناطق الصناعية المؤهلة مع إسرائيل والذي يسمح بدخول المنتجات المصرية وبخاصة "المنسوجات" إلي الأسواق الأمريكية معفاة من الجمارك مع وجود 11.7% نسبة مكون إسرائيلي بها، واعتبر المسئولون الأمريكيون حينها ذلك الاتفاق خطوة أولي في طريق اتفاق التجارة الحرة مع الولاياتالمتحدة. وقالت مصادر رسمية ل "العالم اليوم" إن مصر تري قرار البدء في مفاوضات التجارة الحرة هو قرار مشترك بين القاهرةوواشنطن، وأن أي قرار يتم التوصل إليه بين الجانبين لن يؤثر علي عمق العلاقات علي حد تعبير المسئول .