أدي ارتفاع اسعار البترول لمستويات قياسية الي تحقيق وفورات مالية كبيرة في المنطقة العربية وانعكست علي اسواق المال بما فيها السوق المصرية. وقد احتلت البورصة المصرية المركز الاول بين الاسواق العربية بالنسبة لنسبة الصعود حيث صعد مؤشر كيس 30 للعام 2005 بالكامل نحو 145.39% ليسجل رقما قياسيا 6306 نقاط. واحتل المركز الثاني سوق دبي بنسبة صعود 137.55% رغم انه كان في المركز الاول في النصف الاول من العام الماضي ولكن شهد موجة قوية من الانخفاضات في نهاية 2005 وفي المركز الثالث جاء السوق السعودي حيث صعد نحو 107.66% وسوق بيروت كان مفاجأة نهاية العام حيث قفز بقوة وليرتفع علي مدار العام بالكامل 106.03% وسوق الاردن 91.86% والسوق الكويتي ارتفع 78.61% ثم السوق القطري 70.28% وسوق ابو ظبي 68.02% وسوق مسقط 44.44% وسوق البحرين 23.45%. هذه الارتفاعات التي شهدتها الاسواق العربية تعود الي اسباب عديدة اهمها الارتفاعات القياسية في اسعار البترول والتي ادت الي تجاوزه حاجز ال60 دولارا مما ادي الي تحقيق وفورات مالية ضخمة تم دفع جزء كبير منها الي اسواق المال والذي ادي الي ارتفاعات قياسية في اسعار الاسهم ليصل مضاعف الربحية لبعض الشركات في السعودية الي نحو 50 ضعفا. وقد حاولت الدول الخليجية امتصاص السيولة المتوافرة لديها عن طريق تأسيس شركات جديدة وطرحها للاكتتاب العام بارقام تجاوزت آلاف المليارات من الدولارات هذا بالاضافة الي تأسيس صناديق استثمار اسلامية وعقارية وطرح صكوك اسلامية. ورغم ذلك ارتفعت اسعار الاسهم في اسواق الخليج وبصفة خاصة السعودية بصورة كبيرة دفعت المحللين الي التحذير من كارثة يمكن ان تصيب هذه السوق فقد اصدرت مؤسسة نامورا تقريرا بعنوان "الفقاعة الكبري للاسواق العربية.. خطر محدق" وربط التقرير بين فقاعة مؤشري ناسداك لاسهم التكنولوجيا الامريكية ومؤشر نيكاي للاسهم اليابانية من جهة في كلا السوقين وصل معدل الربحية الي مستوي 80 الي 90 مكررا وبين المؤشر العام في سوق الاسهم السعودي من جهة اخري ووفقا للتقرير يبلغ معدل مكرر الربحية نحو 50 مكررا. اما عن أداء البورصة المصرية فالصورة مختلفة حيث انه رغم الارتفاعات الكبيرة التي شهدتها الاسعار علي مدار العام الماضي الا انها لا تزال رخيصة وجاذبة للاستثمار حيث لا تزال مضاعفات الربحية منخفضة وتصل بعض الاسهم الي نحو 12 ضعفا مما يعني المزيد من الفرص للنمو. وقد ساعدت الحكومة المصرية البورصة المصرية في هذا الاداء الجيد بعد ان اظهرت جديتها في تحسين مناخ الاستثمار بالقضاء علي العقبات التي تواجه المستثمرين بالاضافة الي التطورات السياسية التي تشهدها الساحة حاليا وانعكست ايجابيا علي اداء السوق واهمها تعديل الدستور بما يسمح بوجود اكثر من مرشح لانتخابات الرئاسة. ويمكن ان نبرز اهم المحطات التي ساعدت السوق علي الانتعاش والصعود فهناك قانون الضرائب الجديد الذي ادي الي تخفيض الضرائب علي الشركات كما الغي الاعفاءات غير المبررة وهناك قرار تخفيض الجمارك هذا بالاضافة الي توقيع بروتوكول الكويز بين مصر والولايات المتحدة والذي ادي الي نشاط كبير في قطاع الصناعات النسيجية في السوق.. ومن العوامل المهمة التي ساهمت في نشاط السوق ايضا وجود مؤشرات علي جدية الحكومة في برنامج الخصخصة فقد تم طرح حصص في ثلاث شركات في البورصة منها اثنتان في قطاع البترول ليدخل السوق للمرة الاولي.. وهما سيدي كرير واموك بالاضافة الي الطرح الاخير لنسبة 20% من اسهم المصرية للاتصالات والذي احدث هزة كبيرة في السوق حيث بلغ حجم تغطية الطرح الخاص اكثر من 55 مرة والطرح العام نحو 10 مرات. كما ساهمت سياسات الحكومة في دفع القطاع الخاص الي طرح اسهمه من جديد في البورصة وتوسيع دائرة الملكية حيث قامت شركة راية بادراج اسهمها في البورصة وطرحها في اكتتاب خاص تم تغطيته بنجاح كبير هذا بالاضافة الي خطة الحكومة لطرح اسهم جديدة عن طريق البورصة حيث يترقب السوق خلال هذا الربع من العام الجاري طرح حصص في 5 شركات ادوية والبداية مع شركة سيد للادوية بالاضافة لحصة اضافية في اموك وحصص في مصر للالومنيوم والشرقية للدخان وميدور. وتوسعت الشركات المحلية ايضا في الأسواق المحيطة حيث قامت المجموعة المالية هيرمس وشركة بايونيرز بافتتاح فروع لهما في دبي ويتجهان حاليا الي الحصول علي تراخيص في السعودية بمساهمات من مستثمرين في هذه الأسواق. ويري خبراء السوق ان العام الحالي سيشهد مزيدا من النشاط للسوق خاصة مع البدء في تطبيق نظام الشراء بالهامش وطرح المزيد من الأوراق المالية الجديدة وتطبيق نظام البيع علي المكشوف ايضا. اما بالنسبة للأسواق العربية الأخري فيتوقع المحللون ان تواصل نشاطها مع احجام تعاملات كبيرة تعكس السيولة المرتفعة في هذه الأسواق نتيجة ارتفاع اسعار البترول الا انها ارتفاعات محفوفة بالمخاطر وفقا للما تؤكده الدراسات الحديثة عن هذه الأسواق. ونذكر ان النشاط الحالي للأسواق العربية يعد امتدادا لنشاط عام 2004 حيث سجل المؤشر المجمع لصندوق النقد العربي 52% نسبة ارتفاع مقارنة بنسبة 2% فقط ارتفاعا في عام ،2003 ويقيس المؤشر أداء نحو 14 بورصة عربية هي: أبوظبي، وعمان، والبحرين، والسعودية، والكويت، والدار البيضاء، والجزائر، وتونس، ودبي، والخرطوم، ومسقط، والدوحة، وبيروت، ومصر. فقد سجلت جميع الأسواق العربية المدرجة في مؤشر صندوق النقد العربي خلال عام 2004 ارتفاعات متباينة تصدرها سوق دبي الذي حقق افضل اداء بين الأسواق العربية بنسبة ارتفاع 124% وتلته البورصة السعودية والبورصة المصرية اللتان ارتفعت بنسبة 103.3% و71% علي الترتيب ثم سوق ابوظبي للأوراق المالية بنسبة ارتفاع 67.18%. وعلي صعيد القيمة السوقية في الأسواق العربية، شهدت زيادة كبيرة خلال عام 2004 بلغت نسبتها 72% ليصل الي 622 مليار دولار مقارنة بنحو 362 مليار دولار عام 2003. وعلي الرغم من هذه الزيادة الكبيرة في الأسواق العربية مجمعة لا تستحوذ إلا علي نحو 20% من حجم رؤوس الأموال المستثمرة في الأسواق الناشئة.