وصف المرقبون الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي اختلطت نتائجها بدماء الناس في الكثير من اللجان بأنها أعنف انتخابات مرت بمصر، وكان ذلك نتيجة أعمال البلطجة والعنف التي خلفت عشرات القتلي ومئات المصابين، وإذا كانت الدورات السابقة قد شهدت نواب المخدرات.. نواب التهرب من التجنيد.. مرورا بنواب سميحة.. فقد ظهر في هذه الدورة "نواب البلطجة" مع خالص التقدير والاحترام لمن فاز بموقعه بعيدا عن العنف. دخلت "العالم اليوم الاسبوعي" عالم البلطجة الذي كانت الانتخابات البرلمانية بالنسبة لهم موسما للعمل وفرصة لتحقيق أكبر قدر من الايرادات التقينا ب"الزعيم" ورجاله الذين زاولوا مهامهم في العملية الانتخابية داخل القاهرة ووصلوا إلي سوهاج. وفيما يلي اعترافات البلطجية. البلطجية ليسوا كما تظهرهم أفلام السينما مفتولي العضلات ويرتدون الأساور الحديدية، وذوي وجوه شريرة، وإنما أشخاص عاديون يميل بعضهم للنحافة وملابسهم لا تعبر عن تلك الصورة النمطية التي تقدمها السينما فقد يكون البلطجي رجلاً "شيك" مهندم الملبس والشكل. وفي عالم البلطجة هناك تخصصات تفرضها طبيعة هذه المهنة ومهارة البلطجي في تخصص معين أثناء "الخناقات" فهناك بلطجية "المخ"، وبلطجية "العضلات" ويدير الأول العملية ويقسم المهام المختلفة بين باقي البلطجية فمنهم من يقوم بالتكسير ومن يقوم بتقطيع اللافتات.. أول من يحمل السيوف والسنج، ومن يضرب نفسه لكي يخلق مشكلة للمرشح المنافس، والنوع الثاني من البلطجية هو الذي يتبع أوامر "الزعيم" أو "الريس" الذي يقود ذلك الفريق من الخارجين عن القانون! ومع بداية الانتخابات يتفق المرشح مع هذا الرئيس سواء بنظام "المقاولة" بمجموعة بلطجية للوقوف بجواره خلال فترة الانتخابات أو بنظام "اليومية".. لكل بلطجي، وتتراوح التسعيرة وفقا "للشغل" الذي يقوم به البلطجي، فتبدأ من مائة جنيه يوميا للبلطجي الذي يقف فقط كعزوة للمرشح ويدور معه في كل أنحاء الدائرة بخلاف الأكل والشرب والسجائر وتتدرج حتي تصل إلي عشرة آلاف جنيه في اليوم للبلطجي "السوبر" الذي يقدر علي "كل شيء"!! ويختلف عمل البلطجية في الأيام التي تسبق يوم التصويت عن يوم الانتخاب نفسه فهناك عمليات كر وفر وضرب لابد من التخطيط الجيد لها وخاصة ما يتعلق بتقفيل اللجان خاصة التي يمتلك المرشح المنافس عدداً كبيراً من الأصوات فيها، فتصبح المهمة هي افتعال المشاجرات بكل الوسائل حتي تأتي الشرطة وتغلق اللجنة!! ولا يهتم البلطجي بخلفية المرشح السياسية أو برنامجه أو انتمائه الحزبي أو توجهاته الايدولوجية، فالمهم هو قدرته المالية.. و"كم سيدفع"؟! والفوز في الانتخابات كما يقول البلطجية يرجع لمن يدفع أكثر ويؤجر بلطجية جدعان تعرف كيفية تقفيل اللجان وبأعلي سعر لأن الانتخابات البرلمانية موسمية تأتي كل خمس سنوات وبعدها يعمل من فترة لأخري من أجل التدريب والحفاظ علي مستوي اللياقة اللازمة ويصبح عمله في غير موسم الانتخابات حسب التساهيل مثل استئجاره في خناقة أو وضع يد علي أرض.. شقة.. محل.. وكل شيء بثمنه. والأهم أن هؤلاء البلطجية يقدمون عملهم، يقومون به بحماس ولا يخجلون منه أو يخافون من عواقبه وهناك من يفخر بلقب بلطجي ويعتبرها نوعا من الفتونة والشجاعة والقوة وهناك من يرفض ذلك اللقب ويعتبر نفسه متطوعا يقوم بإرجاع الحق لأصحاب باستخدام القوة. الزعيم حاورت "العالم اليوم الاسبوعي" ثلاثة من هؤلاء البلطجية اشتركوا مع مرشحين مختلفين أثناء الانتخابات البرلمانية ولهم تجربتهم الخاصة ورؤيتهم لمسارات العملية الانتخابية واجوائها وهي تجربة أكثر سخونة وحوار أكثر صراحة وشجاعه من حوارات أغلب السياسيين ورجال البرلمان. ونبدأ بالحاج سعيد فله تاريخ طويل في عالم البلطجة ولديه علي حد قوله من الحكايات والقصص ما يملأ كتبا ومجلدات وليس صفحات جريدة واحدة فتاريخه طويل مع المرشحين الذين وقف بجوارهم وساندهم ويرجع إلي عشرين عاما سواء كان المرشح ينتمي للحزب الحاكم أو الاحزاب الأخري وأهله ذلك التاريخ لأن يصبح صاحب لقب "الزعيم" في منطقة الجيزة فهو الذي يتفق مع المرشح علي "المقاولة" ويجمع الافراد وينظم عمل كل فرد منهم. يقول لنا الحاج سعيد.. كان لدينا "سبوبة" شغل في انتخابات الاعادة في سوهاج ويبدأ ذلك من اصدار شائعات ودعاية مضادة ضد المرشح المنافس ويمر بتقطيع اللافتات الدعائية ولا تنتهي بتقفيل اللجان لأننا نعمل أثناء الفرز من خلال نشر دعاية مضادة بأن فلان المرشح نجح فنثير أعصاب المؤيدين للمرشح المنافس، ويقومون بضرب اللجنة، وبهذا يتم إلغاء الفرز.