اعتبر عدد من رجال القانون أن استخدام الشيكات الحكومية في السداد بالآجل تشوبه عدم الدستورية، حيث يخالف أحكام الشيك الواردة في قانون التجارة لعام 1999 التي أكدت أن الشيك أداة وفاء، وما أكدته محكمة النقض أن الشيك يحل مجري النقود في المعاملات التجارية والمصرفية. وقال هؤلاء القانونيون إن تلك ميزة تستأثر الجهات الإدارية والحكومية ولا تتحقق للقطاع الخاص والأفراد بما يقضي علي مبدأ المساواة للأشخاص والجهات الاعتبارية المختلفة. وأشاروا إلي أن استمرارية استخدام هذه الشيكات في السداد بالآجل من قبل الحكومة يعد انتهاكا لمكانة الشيك وهيبته التي أعادها إليه قانون التجارة. علي الجانب الآخر رأي عدد آخر من القانونيين أن هذا الطرح تضييع للوقت والجهد ومحكوم عليها بالفشل مسبقا، لأن المشرع استثني الحكومة من هذه الجزئية مراعاة للبعد الاجتماعي الذي تقدمه الجهات الإدارية المختلفة في الدولة للمواطنين، بالإضافة إلي أن أحكام عدم الدستورية تعتمد بصفة أساسية علي اختلال التوازن بين المراكز القانونية المختلفة، وهي لم تتوافر في الدعوي المزمع إقامتها ممن يفكرون في إثارة شبهة عدم الدستورية من وراء استخدام هذه الشيكات الحكومية. بداية تقول د. سميحة القليوبي أستاذ القانون التجاري بحقوق القاهرة وأحد المشاركين في إعداد وصياغة قانون التجارة الجديد: إن المادة 503 فقرة 1 من قانون التجارة 17 لسنة 99 أكدت أن الشيك الصادر من شخص ما يستحق الصرف نقدا حتي ولو تضمن تاريخا آخر، أما الفقرة الثانية من ذات المادة فقد استثنت الشيك الحكومي والمسطر مراعاة للبعد الاجتماعي علي أساس أن الشيكات التي تصدرها الجهات الإدارية كالمعاشات والمرتبات، فهي ترتبط بإجراءات إدارية لابد من اتباعها بواسطة هذه الجهات حتي تصل هذه الشيكات إلي مستحقيها سواء الموظفين أو أرباب المعاشات الذين يصل عددهم إلي نحو 9 ملايين نسمة. أضافت.. أنها فوجئت بالقانون 156 لسنة 2004 الذي جاء ليتم التوسع في استخدام الشيكات الحكومية لسداد التوريدات وأعمال المقاولات التي تنفذ لصالح الجهات الإدارية المختلفة، وبالتالي فهذا يمثل تعميما لهذا الاستثناء الذي خصه المشرع للجهات الحكومية المرتبط نشاطها بالتعاملات الاجتماعية، لذا فهي تصف هذه التعميمات والتوسع في هذا الاستثناء بأنه "مصيبة" تقلل هيبة ووضعية الشيك التي أوجدها قانون التجارة، ورغم ذلك فهي تؤكد بأنها لن تفكر في الطعن بعدم الدستورية علي هذا الاستثناء، لكنها كانت تود أن تلجأ الحكومة إلي أداة أفضل حتي تكون القدوة في الالتزام واحترام القوانين وتنفيذها كأن تصدر وثيقة بمديونياتها للمستفيد أو الاقتصار علي استخدام هذه الشيكات الآجلة بين الجهات الحكومية بعضها البعض، مشيرة إلي أن استخدام هذه الشيكات في السداد بالآجل يعد مخالفا لوظيفة الشيك. الحكومة لها العذر بينما تؤكد د. جورجيت صبحي قلليني أستاذ القانون التجاري بحقوق القاهرة أن الحكومة لها العذر في استخدام مثل هذه الشيكات، لأنها تصدر جماعية لأعداد كبيرة من المستحقين، وبالتالي فهي تحتاج إلي إجراءات إدارية مطولة حتي تصل إلي مستحقيها.. فالأصل أن هذه الشيكات تصدر لصرف المرتبات والمعاشات حتي تصرف للمستفيد في وقت محدد شبه متفق عليه. تضيف.. أن توسع الجهات الحكومية في استخدام الشيكات الآجلة ليس عليه غبار ولا يمثل مخالفة قانونية أو دستورية، لأن أصحاب المراكز القانونية مختلفون، فالمقارنة بين الأشخاص أو الجهات الاستثمارية من جانب والحكومة بأجهزتها المختلفة من جانب آخر غير متوازنة، لأن عدم الدستورية تعتمد علي أصحاب المراكز القانونية المتساوية، وقد نوقشت هذه القضية مرارا وتكرارا عند مناقشة أحكام الشيك في قانون التجارة قبل إقرارها، وكان يترأس لجنة الصياغة والمناقشة المستشار فاروق سيف النصر وزير العدل السابق، وهو متخصص في القانون الدستوري وانتهت المناقشات إلي أن الشيكين في القطاع الاستثماري والأشخاص والحكومة في مراكز قانونية مختلفة وليسا متساويان وتصعب المقارنة بينهما، حيث إن مدفوعات الحكومة بالشيكات الآجلة تبغي من ورائها مراعاة البعد الاجتماعي، بالإضافة إلي أن إصدار هذه الشيكات يرتبط بإجراءات إدارية محددة والموازنة العامة للدولة.