وائل نوارة في الآونة الاخيرة تصاعدت الاصوات التي تطالب بدمج الاقتصاد غير الرسمي في المنظومة الاقتصادية الشرعية. ويسوق المنادون بهذا الاتجاه الكثير من الاسباب والمخاطر والفرص الضائعة التي تحتم من وجهة نظرهم تشجيع او فرض هذا الاندماج، وفي المقابل لا نجد هيكلاً فكرياً - متكاملاً من الناحية النظرية ومدعماً بالدراسات الميدانية - يشرح اسباب ظهور الاقتصاد غيرالرسمي وتناميه حجماً وتأثيراً، هيكلاً يقيم اهمية وحجم هذا الاقتصاد ويقترح الظروف المواتية التي يمكن ان يحدث عندها هذا الاندماج بصورة تطوعية ويوضح المخاطر التي يمكن ان تهدد حيوية الاقتصاد القومي "محصلة القطاعين الرسمي وغيرالرسمي" اذا تم فرض هذا الاندماج بطرق تشريعية وتنفيذية وبوليسية قبل توافر الظروف المناسبة لحدوث الاندماج التطوعي. نشأة الاقتصاد غير الرسمي بداية، لدينا قناعة بأن ظهور الاقتصاد غير الرسمي سبق نشأة الدول والاقتصاد الرسمي المرتبط بها، فمن الناحية التاريخية عندما كان الافراد يعيشون في مجموعات صغيرة لا ترقي لمرتبة الدولة كان علي الافراد ان يقوموا بأنشطة اقتصادية وتجارية من زراعة ورعي ومقايضة ولم تكن هناك حاجة للحصول علي ترخيص من اية جهة للقيام بمثل هذه الانشطة، والي اليوم تنشأ مشروعات وصناعات وحرف متناهية في الصغر تكاد تكفي بالكاد لتوفير القوت لاصحابها واسرهم، ولا يمكن معها تصور ان يلجأ صاحب المشروع او الحرفة الي الدولة للحصول علي ترخيص او بناء هيكل اداري ومحاسبي يتفاعل مع القوانين واللوائح الرسمية وجهات تحصيل الضرائب، وعند نجاح المشروع ونموه الي حد معين يصبح من الصعب معه العمل بمعزل عن السلطات الادارية وعندئذ تضطر المنشأة لتوفيق اوضاعها ولو بصورة جزئية مع القوانين المنظمة لنشاطها ولا يعني هذا ان المشروعات التي تعمل بمعزل عن الدولة تعمل بصورة غير منظمة تضيع معها حقوق المتعاملين سواء كانوا مستهلكين او موردين او عاملين او ممولين؛ لان اعراف المنافسة والسمعة التجارية تحتم علي المنشأة ان تتقيد بتلك الاعراف من اجل ان تستمر في العمل. وظيفة العمل وهنا لابد ان نبدأ في النظر الي الدولة كحل اداري وتشريعي نشأ وتطور بالاتفاق الضمني بين افراد المجتمع ومجموعات المصالح المختلفة، فجاء لينظم العلاقة بين افراد المجتمع ومجموعاته، ولكي تستقيم الامور، كان علي الافراد والمنشآت والمجموعات ان يتنازلوا عن جزء من حريتهم المطلقة في العمل والحركة ويسددوا جزءاً من عوائد انشطتهم الاقتصادية للنظام من اجل ان يحصلوا علي متطلبات اساسية لا يمكن لاي منهم ان يوفرها لنفسه او لمجموعته بصورة منفردة ومن هذه المتطلبات الجماعية: 1 - الامن: فالدولة تحمي الافراد والممتلكات حتي يعيشوا باطمئنان. 2 - التشريع: الدولة ايضاً تضع التشريعات التي تنظم العلاقات المختلفة، والوضع المثالي هوان تنبع هذه التشريعات من اعراف المجتمع وتقاليده المتفق عليها فتأتي وتوثق هذا الاتفاق الجماعي ليصبح ملزماً للجميع. 3 - العدل: توفر الدولة النظم القضائية والقانونية التي تنظم حل المنازعات والخلافات بصورة سلمية بين الافراد والجماعات والمؤسسات، كما تفرض تنفيذ هذه القوانين والاحكام التي تصدر عن المنظومة القضائية حتي تصبح تلك الاحكام فعالة وملزمة بالفعل وليست مجرد حبر علي ورق. 4 - البنية الاساسية: من طرق ومواصلات ووسائل اتصال وصولاً للمظلة الاجتماعية من رعاية صحية وخدمات تعليمية... الخ. 5 - البنية السياسية: وهي التي تحكم كل هذه الوظائف وتنظم عملها لتضع آلية لاتخاذ القرارالمجتمعي وكيفية صياغة القوانين ووضع السياسات الواجب اتباعها وطريقة ادارة موارد الدولة وتحديد الانفاق العام وطريقة توزيع الثروة علي افراد وجماعات المجتمع، بحيث تأتي هذه السياسات والتشريعات لتعبر عن رأي الاغلبية وفي نفس الوقت ترتضيها الاقلية. نشوء الدولة الموازية أو الدويلات الموازية فإذا فشلت الدولة في توفير الحد المعقول من الامن والعدل والعيش الكريم او جاءت القوانين منفصمة عن الواقع والاعراف او غير قابلة للتطبيق او عجزت الدولة عن توفير الخدمات الاساسية من رعاية صحية او خدمات تعليمية...الخ، يسعي الافراد والجماعات للحصول علي هذه الخدمات الضرورية لحياتهم بصورة مستقلة عن الدولة فتنشأ الدولة الموازية بصورة تدريجية فإذا تعمقت الفجوة بين ما تفرضه الدولة من قوانين وبين ما يمكن الالتزام به او بين ما هو مفروض وما يتم تطبيقه بالفعل، زادت الهوة بين الدولة الرسمية والدولة الحقيقية، والدولة الحقيقية او الفعلية هي التي يحصل من خلالها المواطنون علي الامن والعدل والخدمات التعليمية والصحية وعندها قد يضطر القائمون إلي تطبيق القوانين او تقديم الخدمات الحكومية الي غض البصر عن المخالفات لانهم يعلمون في قرائر انفسهم انه لا يمكن تطبيق القوانين بحذافيرها. ومن الناحية الاخري عندما يجد الموظف الح