لا يستطيع أي مراقب لحال قطاع النقل في مصر أن ينكر قيمة مشروع مترو الأنفاق والجدوي الاقتصادية من التوسع فيه بانشاء الخط الثالث للمترو الذي فتحت وزارة النقل مؤخراً الباب لتقديم عروض تنفيذه بتكلفة 6.5 مليار جنيه فهو إلي جانب تحقيقه فرصاً في الربحية لشركات القطاع الخاص التي تتيح لها الوزارة المشاركة في أعمال التنفيذ وكذلك للعمالة المصرية والتي قدر وزير النقل حجم استفادتها من المشروع بنسبة 95% من 50 ألف فرصة عمل يوفرها المشروع فالخط الثالث يحقق وفراً كبيراً في تكلفة الطاقة المستخدمة في وسائل النقل التقليدية والتي كان سيزداد الاعتماد عليها إلي جانب ان ازدياد الاعتماد علي هذه الوسائل في ظل معدل نمو الرحلات اليومية في المستقبل والذي ارتفع خلال الفترة من 1985 إلي 2001 بنسبة 400% يفوق طاقة الطرق في مصر ويمثل شكلاً غير حضاري مقارنة بمترو الانفاق، إلا أن الخبراء اختلفوا حول تقييم استفادة الاقتصاد المصري من هذه التجربة. فمن ناحية توقع الخبراء ازدياد نسبة المشاركة المصرية في أعمال التنفيذ بعد الخبرة التي كونتها في تجربة الخطين الأول والثاني والذي اعتمدت فيهما علي شركات أجنبية بنسب كبيرة ومن ناحية أخري أثارت أرقام خسائر الخط الأول والثاني المعلنة عن وزارة النقل مخاوف العديد من الخبراء من أن تثمر الإدارة الاقتصادية في تحقيق الخط الثالث لنفس الخسائر مما يجعل هذا الخط عبئاً إضافياً علي الموازنة.. وهناك من يري أن خسائر خطي المترو حالياً والتي وصلت إلي 450 مليون جنيه في وقت وصلت الإيرادات والغرامات إلي 257 مليون جنيه قد تجعل التفكير حالياً في إنشاء الخط الثالث مغامرة.. قد تدفع ثمنها الميزانية العامة للدولة خاصة أن الإدارة "المصرية" للمترو ليست علي ما يرام من حيث ارتفاع نسبة الإهلاك وانخفاض أعمال الصيانة. يعتبر خبراء النقل بمصر أن إنشاء الخط الثالث لمترو الأنفاق أمر ملح بغض النظر عن جدواه الاقتصادية وذلك لعدة أسباب من أهمها مستقبل الكثافة المرورية الذي أكدت دراسة المخطط الشامل للنقل بالقاهرة الكبري الصادرة عن وزارة النقل مؤخراً علي أنه بحلول عام 2022 سيكون قد ارتفع عدد الرحلات سنوياً إلي 25 مليون رحلة بينما في الوقت الحالي هناك حوالي 14 مليون رحلة سنوياً وهذا يعني تزايد الاحتياج لوسائل النقل العام خاصة للسرفيس والميكروباص اللذين يعتمد عليهما حالياً 50% من ركاب هذه الرحلات إلي جانب الأتوبيس الذي يعتمد عليه 32% من الركاب. وأكد المخطط أن زيادة الاعتماد علي هذه الوسائل في المستقبل يمثل عبئاً فوق طاقة الطرق في مصر مشيراً إلي أن إنشاء الخط الثالث سيساهم في تخفيض معدل نمو هذه الرحلات بنسبة 15% وهو ما يحدث توازناً في مستقبل الحركة المرورية، وباكتمال الخط الرابع وخطوط الربط مع مدينتي العاشر من رمضان والسادس من أكتوبر سترتفع نسبة مستخدمي المترو إلي 42% مستقبلاً عن 15% في الوقت الحالي. ويشير د. مصطفي صبري أستاذ النقل والمرور بجامعة عين شمس إلي أن مشروع مترو الأنفاق أثبت بالتجربة العملية أنه من أنجح مشروعات النقل في حل الأزمة المرورية حيث يشير إلي دراسة "حتمية تنفيذ شبكة مترو أنفاق القاهرة الكبري" والتي صدرت عام 2003 وشارك في إعدادها وصدرت عن "المجالس القومية المتخصصة" والتي رصدت نجاح الخط الأول والثاني في تخفيض معدلات استخدام السيارات الخاصة وهو ما حل جزءاً من أزمة "ركن" السيارات في القاهرة التي تساهم في عرقلة حركة المرور في الوقت الذي فشلت فيه مشروعات كمشروع اعطاء امتياز الجراج متعدد الطوابق للقطاع الخاص في حل هذه المشكلة حيث لم تنجح إلا في توفير 6000 مكان للانتظار في ظل وجود عجز في 100 ألف مكان حتي عام 2000 مما أدي إلي انخفاض سرعة السير إلي أقل من 15كم ساعة وسيرتفع العجز إلي 400 ألف مكان إذا لم يواجه باستكمال مخطط التوسع في الخطين الثالث والرابع. ويضيف د. مصطفي صبري أن الدراسة رصدت قيمة العائد علي الاقتصاد القومي من هذا المشروع سواء بتوفير الوقت والذي قدرته ب 1692 مليون جنيه في العام من جراء انشاء الخط الثالث في الوقت الذي اقتصر فيه عائد الخط الثاني في هذا الصدد علي 288 مليون جنيه في العام للخط الثاني و150 مليون للخط الاول هذا الي جانب الوفر في استخدام الطاقة والذي يصل الي 161 مليون جنيه في العام في الخط الثالث وقدرت العائد الاقتصادي السنوي للخط الثالث من جملة الاستثمارات بنسبة 16% للخط الثالث في الوقت الذي اقتصرت فيه علي 1.7% للخط الثاني و15% للخط الاول.