مع تصاعد وتيرة التصريحات الأمريكية عن قرب اعلان بدء التفاوض الرسمي مع الجانب المصري بشأن اتفاق التجارة الحرة بين البلدين ورغم أن المفاوضات لن تكون سهلة علي الاطلاق مقارنة بالمفاوضات المماثلة مع دول اخري في المنطقة مثل الاردن والبحرين وسلطنة عمان مثلما اشار عدد من المسئولين الامريكيين مؤخرا، وبعيدا عن التساؤل الذي يطرح نفسه عند تناول الملف وهو اذا ما كان قرار التوصل الي بدء التفاوض الرسمي سياسيا بالدرجة الأولي أم اقتصاديا خاصة ان الاصلاحات التي حققها البرنامج المصري تضع مصر في مركز ووضع يؤهلها للتوصل الي اتفاق للتجارة الحرة مع أمريكا.. فان "الأسبوعي" يلقي الضوء في التحقيق التالي علي النشاط الدائر الذي تقوم به لجان التفاوض خلال المرحلة الحالية ونكشف الحقائق حول بعض القضايا الشائكة في هذا الملف. رؤية محددة أولا المهندس رشيد محمد رشيد وزير الصناعة والتجارة الخارجية يوضح بداية أن هناك 14 لجنة تضم ممثلين عن الوزارات المختلفة تقوم بمناقشة عدد من الموضوعات الواجب الاتفاق عليها مثل الملكية الفكرية وتحرير الخدمات وتوافر مبدأ الشفافية في تجارة السلع الزراعية وقضايا العمالة والفساد مشيرا الي انه من المهم قبل الدخول في مرحلة المفاوضات الرسمية لابد من الاتفاق علي رؤية محددة في هذه الموضوعات. وأضاف وزير الصناعة والتجارة الخارجية في تصريحات خاصة ل "الاسبوعي" انه كان من المقرر البدء في التفاوض الرسمي حول منطقة التجارة في أكتوبر الحالي ولكن تم تأجيله بحيث لن يتجاوز ذلك لاشهر الأربعة القادمة خاصة انه طبقا لقانون الولاياتالمتحدة وقبل الدخول في هذه المرحلة والجلوس علي مائدة التفاوض يجب اعطاء تقرير للكونجرس الذي يملك السلطة بالموافقة علي تلك المفاوضات ثم يتم الانتظار لمدة 3 شهور ليقرر موعدا للبدء في الجلوس علي مائدة المفاوضات الرسمية. واشار المهندس رشيد محمد رشيد إلي أن تصريح ربورت زوليك مساعد وزيرة الخارجية الامريكية مؤخرا يوضح أن مصر في مقدمة الدول التي تريد الولاياتالمتحدة التفاوض معها. الادارة الحالية الأفضل وفي نفس الاتجاه تحدث جلال الزوربا رئيس اتحاد الصناعات مشيرا إلي أن خطوات الاصلاح الاقتصادي التي اتخذتها الحكومة مؤخرا ساهمت في تقريب المفاهيم بين الاقتصادين المصري والامريكي حيث لا يمكن ان يحدث اندماج بين اقتصاد اشتراكي مع آخر رأسمالي. واضاف الزوربا ان توقيع الاتفاقية مع الولاياتالمتحدة ليس بسبب الفوائد الاقتصادية فقط التي ستعود علي الاقتصاد المصري وانما الأهم انها ستساهم في اجراء المزيد من الاصلاحات في العديد من الجوانب الاقتصادية ودعا الزوربا الحكومة المصرية إلي سرعة التوصل إلي بدء التفاوض الرسمي في ظل وجود الادارة الامريكية الحالية حتي لا تبدأ فرق التفاوض من جديد لو تغيرت الادارة. فكرة المعونة وأكد الدكتور أحمد جلال المدير التنفيذي للمركز المصري للدراسات الاقتصادية انه من مصلحة مصر وأمريكا الاسراع ببدء الاعلان عن التفاوض الرسمي حول اتفاق التجارة الحرة، مشيرا إلي ان الفائدة الحقيقية للاتفاق هي تعديل العلاقات الاقتصادية المشتركة التي تقوم في معظمها حاليا علي فكرة المعونة! وأوضح الدكتور احمد جلال انه بالحساب الكمي يمكن للاتفاق ان يرفع الدخل القومي لمصر أكثر من 3% اضافة إلي تنوع الأسواق وفتح فرص العمل ومحاربة الفقر وبالنسبة لأمريكا فإن تحول المنطقة ومنها مصر إلي معدلات نمو مرتفعة يدفع المنطقة الي الاستقرار السياسي وهو ما تسعي إليه أمريكا من وراء ابرام مثل هذه الاتفاقيات. اضاف جلال ان نموذج الاتفاق الامريكي الشيلي هو الأقرب لاتفاق التجارة الحرة مع مصر وهو ما يجعلها تستغرق أكثر من عام للتوصل إلي اتفاق بشأن حركة السلع والخدمات ورؤوس الأموال والعمالة والبيئة والشفافية. وبين الدكتور أحمد جلال ان من أهم اسباب الاتفاقية دفع عملية الاصلاح الاقتصادي واذا لم ينجح المفاوض المصري خلال المرحلة الحالية في الحصول علي ما يساعدنا في ذلك فهذا معناه انه مفاوض فاشل "علي حد تعبيره". عمالة الأطفال أما الدكتور سمير رضوان رئيس منتدي البحوث الاقتصادية للدول العربية يري أن عمالة الأطفال من القضايا الشائكة في هذا الاتفاق وايضا الملف الزراعي وخاصة ان الامريكان انفسهم لم يقرروا بعد للآن موقفهم من الدعم الذي يقدم للمزارعين الأمريكيين وخاصة منتجي القطن.. مشيرا إلي أن هذا الملف هو السبب في عدم توصل منظمة التجارة العالمية إلي نقطة التقاء بين الأمريكيين والأوروبيين وأضاف رضوان أن الاتفاق يفتح سوقاً كبيرة أمام المنتجات المصرية خاصة أن أمريكا وقعت اتفاقيتي الكافتا مع دول أمريكا الوسطي والنافتا.