قد تكون قضايا "البيئة" ثقيلة علي قلب رجال الأعمال باعتبارها قضية أخلاقية لا تفوح منها رائحة الأرباح إلا أن بروتوكول "كيوتو" علي وجه التحديد جاء مخالفا لهذه الفكرة حيث تواكب دخوله إلي حيز التنفيذ في نهاية العام الماضي تحقيق بعض الدول أرباحا طائلة من وراء أهدافه الأخلاقية. فعقب انضمام روسيا للبروتوكول والتي رفعت نسبة الدول الصناعية الموقعة إلي 55% - الحد الأدني كما اشترط البروتوكول - فاجأت بعض الدول الأوروبية والاسيوية الكبري الرأي العام العالمي بإعلانها تعارض هدف البروتوكول بتخفيض معدلات انبعاث غازات الاحتباس الحراري من هذه الدول الكبري مع طموحاتها النصاعية وأنها لا تستطيع أن تطبق كل الخفض المطلوب من هذه الانبعاثات علي مصانعها وهو ما جعل الحل الوحيد لتحقيق هذا الخفض هو اللجوء إلي سوق "الكربون العالمي" وفي هذا السوق يتعاقد سماسرة الدول الكبري علي تمويل صناعات الدول النامية التي تبعث غازات الاحباس الحراري نتيجة تخلف نظم إنتاجها لتبديلها بنظم أقل إنتاج الهذه الغازات وبمقتضي ذلك تكون الدول الكبري قد خفضت من نسبة هذه الانبعاثات في المناخ العالمي بطريقة غير مباشرة.. وهو ما دفعنا للسؤال عن موقف مصر من هذا البيزنس وكيف يمكن الاستفادة منه لجذب هذه الاستثمارات الأجنبية الوافدة إلي الصناعة المصرية وحل مشكلات مصر البيئية خاصة وأن خبراء الصناعة قد أشاروا إلي أن سماسرة أجانب من دول أوروبية وآسيوية قد بدأوا في التعاقد مع المصانع المصرية بالرغم من أن رقابة الأممالمتحدة علي التزام الدول الكبري في تخفيض انبعاثاتها من غازات الاحتباس الحراري بنسبة 2.5% من معدلات عام 90 ستبدأ خلال الفترة 2008 إلي 2012 حيث ستوقع الأممالمتحدة غرامات علي الدول غير المتزمة طبقا للبروتوكول إلا أن الدول الصناعية بدأت تتحرك جديا في أواخر العام الماضي للتعاقد مع مصانع الدول النامية لتخفيض انبعاثاتها خلال هذه الفترة ورصد ذلك تقرير تجارة الكربون الصادر عن البنك الدولي للربع الأول من عام 2005 حيث جاء في التقرير أن دول الاتحاد الأوروبي تأتي في صدارة الدول العارضة لتمويل "الكربون" خلال هذه الفترة بنسبة 60% من إجمالي التمويل تليها اليابان بنسبة 21% بينما تأتي دول قارة آسيا في صدارة الدول الحاصلة علي التمويل لنفس الفترة بنسبة 45% تمثل الهند النسبة الأكبر فيها 31% تليها دول أمريكا الجنوبية بنسبة 35% بينما انخفض نصيب افريقيا من 3% في الربع الأخير في العام الماضي إلي صفر. ويشير التقرير إلي قضية التسعير والتي اثرت جدلا واسعا بين الممولين في الخارج حيث جاء في التقرير أن هناك تفاوتا في حجم التمويل المقدم لكل مصنع والذي يتم حسابه علي أساس سعر طن الكربون التي تتخلص منها النظم البيئية الحديثة خلال فترة الخفض المنصوص عليها في البروتوكول وأرجع التقرير احداهم أسباب هذا التفاوت إلي انخفاض سعر طن الكربون في المصانع التي لم تحصل علي ترخيص من الأممالمتحدة بأنها مؤهلة للمشركة في تخفيض الكربون بالدول الكبري وهو ما يجعل الممولين يسعرون وحدة الكربون المبيعة من هذه المصانع بأسعار منخفضة لحساب المخاطرة من التعاقد مع هذه المصانع في حال رفض الأممالمتحدة ترخيصها لأسباب فنية. أما عن مصر فقد بدأت إجراءات استخراج التراخيص حديثا حيث بدأت وزارة البيئة في تلقي طلبات الترخيص فقط بعد تصديق مجلس الشعب علي البروتوكول في يناير من هذا العام وذلك من خلال اللجنة الوطنية لآلية التنمية النظيفة وتتلخص هذه الاجراءات في إجراء الحصول علي موافقة مبدئية من الوزارة علي صلاحية المشروع لتأدية الخفض المستهدف من البروتوكول ويسمي دوليا بletter of ectlon أما الخطوة التي تلي ذلك هي الحصول علي الموافقة النهائية من الادارات المختصة بالأممالمتحدة وتأخذ دورة أوراق الترخيص من ستة أشهر إلي سنة يبدأ بعدها مندوبو الأممالمتحدة في متابعة المشروع بشكل دوري لاقرار حجم الخفض السنوي في المشروع لخصمه من حساب الدول الصناعية وتختلف تكلفة هذه الشهادة حسب مدة المشروع حيث تتكلف المشروعات التي تكون مدتها الزمنية 10 سنوات من 5 إلي 7 آلاف دولار سنويا بينما تتكلف المشروعات التي تكون مدتها 21 عاما وتسمي "ثلاثة في سبعة" من 30 إلي 40 ألف دولار كل سبع سنوات وذلك حسب نوعية المشروع ووافقت اللجنة الوطنية علي 7 مشروعات تتولي تمويلها دول أجنبية. السعر العادل ويعتبر د.عطية سعد الدين رئيس قسم الطاقة بمعهد التبين أن السعر العادل لطن الكربون في مصر مازال غير واضح وذلك بسبب حداثة إجراءات التسجيل في مصر حيث يقتصر تسجيل المشروعات حتي الآن علي مشروع خفض انبعاثات شركة أبو قير للاسمدة ومشروع مزرعة الزعفرانة للطاقة الكهربائية بالرياح بالبحر الأحمر مشيرا إلي أن عملية التسجيل تجعل سعر وحدة الكربون المبيعة يرتفع بنسب كبيرة.