"يا عم أهو كلام ابن عم حديت" هكذا اعتاد المصريون ان يقولوا حينما يستمعون لوعود اي من مرشحي البرلمان في حملاتهم الانتخابية طيلة السنوات الماضية والقليل بل النادر من يفي بوعوده بحل مشكلات الدائرة الانتخابية وغالبا ما يختفي عضو البرلمان ويصبح الوصول اليه لإمضاء طلب للتعيين او تأشيرة من احد وزراء الحكومة ضربا من ضروب المستحيل ولكنها المرة الأولي التي يجد الشعب المصري امامه 10 مرشحين لانتخابات الرئاسة والجميع يتحدث عن أرقام بالملايين للتعيينات الجديدة ومليارات الجنيهات التي تنفق خلال الست سنوات القادمة ووعود كثيرة بدور حقيقي للمواطن من خلال تعديلات دستورية جوهرية.. وهذه الوعود "الوردية" كما يصفها بعض فئات الشعب اطلقت العنان لخيال العديد منهم في جو مفعم بالديمقراطية الي التساؤل هل هناك من يحاسب الرئيس القادم علي تنفيذ وعوده ومتي يمكن ان يسقط الشعب الحكومة إذا لم تستطع حل مشاكله وتلبية جزء من احلامه؟ بداية نحن إزاء سؤال مشروع هكذا بدأ الدكتور اسامة الغزالي حرب عضو مجلس الشوري اجابته ويري ان السؤال يسري علي جميع المرشحين ولكن الاجابة تخضع لطبيعة السياسات المتبعة بعد فوز المرشح واضاف حرب ان النظم الديمقراطية بها آليات وادوات تضمن تنفيذ هذه المتابعة وما اذا كانت برامج المرشحين مجرد كلام أم وعود حقيقية فالمحاسبة جزء حيوي في سياق الديمقراطية مشيرا الي ان البرلمان والصحافة يلعبان دور الرقيب بشكل يومي وفي حالة تحديد سقف لمرشح الرئاسة الا تتجاوز مدته الرئاسية 4 سنوات كما في النظم الديمقراطية وفترتين علي الاكثر لابد من محاسبته علي برنامجه وما تحقق منه في نهاية توليه المسئولية. وأكد حرب أن المساءلة تفتح قضية مهمة وهي التطوير الديمقراطي والتي هي اوسع بكثير من تعديل المادة 76 فلابد لكل السياسات التشريعية والدستورية الاخري ان تتكيف مع الوضع الجديد حيث سنكتشف ان هناك قصورا في التعديلات التي تمت بعد الانتخابات الرئاسية وليس معني ذلك ان نتوقف عند هذا الحد ولكن يجب ان نستمر في طريق الاصلاح حتي نصل الي ما نحلم به من الرقابة الشعبية علي الوعود الانتخابية والمحاسبة في مرحلة تالية. القضاء علي الأمية السياسية ويتفق مع الرأي السابق الدكتورة يمن الحماقي رئيس قسم الاقتصاد بجامعة عين شمس وعضو الامانة العامة للحزب الوطني وتؤكد ان الشعب طبعا هو من له الحق في محاسبة الرئيس القادم مشيرة الي ان برامج المرشحين واهمها الوطني والوفد والغد وضعت خطوات محددة لمرشحها لتعميق الديمقراطية التي تعني حكم الشعب ومزيدا من الصلاحيات له ومنها محاسبة المسئولين وعلي رأسهم الرئيس القادم. واضافت ان هذه البرامج تسعي الي زيادة دور البرلمان في محاسبة الحكومة وهو ما يعكس زيادة قدرة الشعب من خلال ممثليه البرلمانيين علي المساءلة. وأوضحت انه من اهم النقاط التي يجب ان يركز عليها الجميع السعي لإزالة الامية خاصة السياسية لكي يعرف الجميع حقوقه وواجباته وهي بداية قدرة الشعب علي المساءلة. واكدت ان الشعب يملك هذا الحق من خلال مجالسه النيابية والمحلية وهي الاساس في عملية المحاسبة ويساندها في ذلك الدور الفاعل للاحزاب مشيرة الي ان السؤال يفتح الكثير من الموضوعات واجابته الحقيقية تبدأ بان ينبذ المجتمع السلبية ويشارك بقوة في الحياة السياسية. المساءلة الشعبية.. كيف؟ اما الدكتور محمد السعيد إدريس رئيس وحدة دراسات الثورة بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية فيوضح ان هناك نوعين من الرقابة في الانظمة الديمقراطية الاول ويمارس اثناء الحكم وتقوم به اجهزة رقابية مثل البرلمان والذي يملك سطلة التشريع وسلطة سحب الثقة من الحكومة والثاني هو الرقابة الشعبية واكد انه في ظل الظروف الماضية كانت الامتحانات الانتخابات عاجزة عن اعطاء السلطة للشعب في محاسبة الرئيس او الحكومة حيث لم يكن يشعر المواطن باهمية صوته امام صناديق الاقتراع ومشيرا الي انه اذا استمر الوضع كذلك بالنسبة للانتخابات البرلمانية القادمة بمعني انه اذا كان البرلمان لا ينتخب بشكل ديمقراطي فهذا يعني استمرار غياب هذه القاعدة الديمقراطية وهي محاسبة الرئيس. واوضح الدكتور محمد السعيد ادريس ان الرئيس القادم اذا لم يتخذ قرارات بعد توليه بتطوير المواد الخاصة بالديمقراطية وان يجري تعديلا دستوريا حقيقيا يضمن تداول السلطة بعيدا عن المادة 76 المشوهة -علي حد تعبيره- وان يتم تحديد فترة الرئاسة بفترتين فقط وان يتم انتخاب نائبا لرئيس الجمهورية.. فانه لن يكون هناك تواجد حقيقي للمساءلة الشعبية.