منذ أن اغتيل رفيق الحريري في الرابع عشر من فبراير الماضي وكل الأسنة مشرعة ضد سوريا في محاولة لالصادق الاتهام بها بوصفها هي الفاعلة، ولهذا ازدادت الضغوط الأمريكية عليها لمحاصرتها بهدف اسقاط نظام الحكم فيها وهو أمر أكده أحد كبار المسئولين العسكريين الاسرائيليين عندما أشار منذ عدة أسابيع إلي أن النظام السوري لن يبقي لفترة طويلة من الوقت، وجاء هذا في معرض رده علي تساول حول امكانية استئناف المباحثات مع سوريا من جديد حيث عقب يومها قائلا: مع من تتفاوض اسرائيل؟ لا اعتقد ان النظام السوري الحالي سيبقي في الحكم لفترة طويلة تؤهله لأن يدخل في التفاوض مع اسرائيل ولعل ما صرح به هذا المسئول الاسرائيلي يتسق مع ما يحاول المحافظون الجدد تسويقه. تحذيرات جديدة لبوش ظن كثيرون أن الضغط الذي تمارسه أمريكا سيتلاشي أو علي الأقل سيقلص في اعقاب تنفيذ سوريا لبند الانسحاب من لبنان في السادس والعشرين من ابريل الماضي، غير أن هذا لم يحدث واستمرت إدارة بوش في تحرشها بالنظام السوري، فوجدنا بوش يوم الجمعة الماضي يعرب عن قلقه حيال وجود عناصر استخبارية لسوريا في لبنان ويطالبها بسحبها، وسارع كوفي أنان ليندمج في نفس التيار متزامنا مع تحذيرات بوش لسوريا يعلن أنان قراره بإرسال فريق تحقيق من الأممالمتحدة إلي لبنان للتأكد من سحب سوريا لعناصر استخباراتها من لبنان. لقد ظهر كيف ان امريكا مارست ضغوطا علي أنان منذ أن انتقدت تقريره عن انسحاب سوريا بالكامل من الأراضي اللبنانية، ويومها رفض أنان الاستسلام لتلك الضغوط ولكنه اليوم ضعف أمامها واضطر إلي الاذعان لها عندما قرر ارسال فريق تحقيق للمرة الثانية إلي لبنان. مخطط أيديولوجي الاتهامات الأمريكية لم تتوقف وكل الدلائل الواقعة اليوم تؤكد أنها لن تتوقف، فكل يوم تتذرع أمريكا بقصة جديدة ولاشك أن هذا ينبع من مخطط ايديولوجي رسمته أمريكا بالاتفاق مع اسرائيل منذ غزو العراق من أجل اعادة رسم خريطة المنطقة. وتلعب أمريكا ومعها اسرائيل علي سيناريو يستهدف قلب نظام الحكم في سوريا، أما الوسائل لتحقيق ذلك فتعتمد علي إثارة المشكلات والقلاقل الداخلية بالاضافة إلي تكثيف الضغوط الدولية علي النظام السوري، فما كان يمكن لادارة بوش اتباع المنهج الذي تبنته في العراق والذي ارتكز علي استخدام القوة العسكرية ومبدأ الصدمة والترويع. والسبب واضح فلقد فشل الاسلوب العسكري في تطويع المواقف في عاصمة الرشيد ووجدت ادارة بوش نفسها في مأزق حاد لا تملك الخروج منه حتي الآن. ذرائع ضد سوريا لجأت ادارة بوش إلي شتي الوسائل لانهاك النظام السوري واستنفاد طاقته واسقاطه في النهاية وعليه اتهمته بالكثير سواء بالتدخل في الشأن اللبناني أو بالدخول علي خط الاحداث في العراق بدعوي توفيره الدعم الكامل للعمليات المسلحة في العراق ضد الوجود الأمريكي أو بدعم حزب الله الذي تدرجه أمريكا علي قائمة الارهاب والذي لا تنسي له واقعة تفجير مقر المارينز في بيروت سنة 1983 والتي سقط من جرائها أكثر من مائتي جندي أمريكي. صفقة مزدوجة ان ادارة بوش وهي تخطط للاطاحة بنظام بشار انما تلعب علي ورقة أكبر تستهدف معها اسقاط النظام في ايران بعد سوريا، ذلك أنها لم تتخل عن قناعتها بأن ايران لاتزال تمثل خطرا علي مصالحها ومصالح اسرائيل في المنطقة، وتدعم ذلك التقارير الواردة عن محاولة ايران تطوير سلاحها النووي. مخطط لاسقاط النظام ورغم محاولات سوريا الانطلاق نحو تبني منطق التغيير والاصلاح في الداخل وهو ما ظهر بشكل جدي خلال المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث الحاكم الذي اختتم الخميس الماضي إلا أن أمريكا تمضي في مخططها الرامي إلي تغيير النظام السوري بكل السبل ولهذا شرعت قانون محاسبة سوريا وصدقت علي فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية وفي الوقت نفسه عمدت إلي اثارة التوترات في الداخل مستغلة الوضع بين العلويين والسنة واستخدمت ورقة الأكراد ضد النظام لاثارة القلاقل، هذا بالاضافة إلي سعيها لقطع الطريق أمام التعامل مع النظام السوري وتحريض الخارج ضده وحرمانه من آية وسائل خارجية لمساعدته بما يعني عزل سوريا كلية عن محيطها العربي والدولي. ورقة العملاء وتسعي أمريكا جاهدة اليوم إلي تجنيد العديد من العملاء في الداخل السوري بهدف مساعدتها علي الاطاحة بنظام بشار ومن ثم تبحث عمن يتولي عملية الترويج لهذه المهمة لاسيما ان هناك وجوها سورية معارضة تقيم في أمريكا وتعمل جاهدة علي دعم المخطط الأمريكي في محاولة منها لتقديم نفسها علي أنها النموذج الذي يمكن أن يكون علي رأس النظام الجديد في سوريا، أما أكثر ما يساعد أمريكا علي المضي قدما في مخططها فهو الصمت العربي حيال كل ما يجري في المنطقة وهو صمت يترجم علي انه الرضا بكل ما تفعله أمريكا في دولنا...!