فرصة أخري للإسلام السياسي لإثبات حسن النوايا والمصالحة مع الشعب كتب سامي فهمي: بعد أن يؤدي د. محمد مرسي اليمين الدستورية كأول رئيس لمصر بعد ثورة يناير المجيدة تبدأ مرحلة انتقالية ثانية برئيس منتخب يتولي السلطة التنفيذية فقط في ظل غياب السلطة التشريعية بعد حل مجلس الشعب، انتهت المرحلة الانتقالية الأولي التي استمرت حوالي عام ونصف العام وتم خلالها تسليم السلطة التشريعية لمجلس الشعب المنتخب، إلا أنه وقبل 48 ساعة من انطلاق جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمها بحل مجلس الشعب ليعود المجلس العسكري ويسترد السلطة التشريعية مرة أخري قبل تسليم السلطة التنفيذية للرئيس المنتخب. ويقيد الإعلان الدستوري المكمل سلطات رئيس الجمهورية في إعلان الحرب أو الاستعانة بالقوات المسلحة في حفظ الأمن الداخلي وحماية المنشآت الحيوية باشتراط موافقة المجلس الأعلي للقوات المسلحة أولا، فضلا عن منح المجلس الأعلي للقوات المسلحة لنفسه وفي ظل وجود الرئيس الجديد سلطة تقرير كل ما يتعلق بشئون القوات المسلحة وتعيين قادتها ومد خدمتهم بحسب المادة 53 مكرر من الإعلان الدستوري المكمل الصادر في 17 يونيو الحالي. احتفظ المجلس العسكري بسلطة التشريع في الإعلان الدستوري المكمل بالنص علي «مباشرة المجلس الأعلي للقوات المسلحة للاختصاصات المتعلقة بإقرار السياسة العامة للدولة والموازنة العامة ومراقبة تنفيذها»، بالطبع في سبيل ممارسة هذه الاختصاصات يصبح للمجلس العسكري حق اقتراح وإعداد مشروعات القوانين وعرضها علي رئيس الجمهورية للتصديق عليها، أوضح اللواء ممدوح شاهين عضو المجلس العسكري في المؤتمر الصحفي الذي عقده الأسبوع الماضي أن من حق رئيس الجمهورية الاعتراض علي القوانين التي يقرها المجلس العسكري وعدم التصديق عليها مما يعني عدم إصدارها، الأمر يعني أن إصدار القوانين في الفترة القادمة قد يشوبه حالة من الضبابية والشد والجذب بين المجلس العسكري ورئيس الجمهورية في حالة عدم وجود تعاون وتنسيق بينهما مما قد يؤدي إلي تعطيل إصدار قوانين جديدة لحين انتخاب مجلس الشعب الجديد، مع ملاحظة أن الإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس 2011 يعطي الحق لمجلس الوزراء بالاشتراك مع المجلس الأعلي للقوات المسلحة في وضع السياسة العامة للدولة والإشراف علي تنفيذها، كما يحدد الإعلان الدستوري اختصاصات مجلس الوزراء في إعداد مشروعات القوانين واللوائح والقرارات، مما قد يحمل بارقة أمل في تعاون بين المجلس العسكري ومجلس الوزراء الذي يقوم بتعيينه رئيس الجمهورية المنتخب، غير أن أمر إحالة مشروعات القوانين بعد إقرارها إلي رئيس الجمهورية للتصديق عليها لابد أن يمر عبر موافقة واعتماد المجلس العسكري المهيمن علي السلطة التشريعية. والاختصاص الأساسي لرئيس الجمهورية يتمثل في تعيين رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم وإعفائهم من مناصبهم إلي جانب تمثيل الدولة في الداخل والخارج وإبرام المعاهدات والاتفاقيات الدولية، وأيضا العفو عن العقوبة أو تخفيضها، كما يلزم الإعلان الدستوري رئيس الجمهورية بتعيين نائب له أو أكثر ويحدد اختصاصاته وذلك خلال ستين يوما علي الأكثر من مباشرته لمهام منصبه، وفي حالة إعفاء نائب رئيس الجمهورية من منصبه لأي سبب فمن الضروري أن يعين غيره، بتولي رئيس الجمهورية فور انتخابه استكمال تشكيل مجلس الشوري بتعيين ثلث أعضائه، ويكون تعيين هؤلاء لاستكمال المدة الباقية لعضوية مجلس الشوري والمحددة ب 6 سنوات. تقليص اختصاصات رئيس الجمهورية والحد من سلطاته وحصرها فقط في إدارة الجهاز التنفيذي للدولة في ظل القوانين الحالية يقلل من مخاوف تحويل مصر إلي دولة دينية، وفي ذات الوقت يتيح الفرصة أمام تيار الإسلام السياسي لإثبات القدرة والجدارة لإدارة مؤسسات الدولة لو تمكن الرئيس الجديد من السيطرة علي حالة الانفلات الأمني وضبط التسيب بالشارع والسيطرة علي ارتفاع الأسعار وغيرها من الأمور اليومية التي يعاني منها حاليا المواطن، إنها فترة اختبار أخري للإسلام السياسي بعد الإخفاق في تجربة مجلس الشعب المنحل، والفشل مرة أخري في تحقيق إنجازات تهيئ المناخ لوضع نص بالدستور لانتخاب رئيس جديد بمجرد إقراره في استفتاء عام.