أنهي محامو وباحثو المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية إعداد مشروع قانون لوقف التصالح علي فساد نظام مبارك، يستهدف إلغاء أحكام المرسوم بقانون 4 لسنة 2012 بتعديل أحكام قانون ضمانات وحوافز الاستثمار رقم 8 لسنة 1997 والذي نشر بالجريدة الرسمية في العدد 52 مكرر (ه) بتاريخ 3 يناير 2012. وذكر محامو وباحثو المركز في المذكرة الايضاحية لمشروع القانون أن "الفساد المنهجي" أو "الفساد المنظم" هو المصطلح الأقرب لتوصيف ما كان يحدث في عهد هذا النظام الذي أطاحت به ثورة 25 يناير المجيدة من أجل تحقيق الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية، فقبل هذه الثورة وبعدها خاضت المقاومة الاجتماعية المصرية معارك عدة من أجل فضح هذه الممارسات التي سهلت الاستيلاء علي ثروات المجتمع بل ساهمت في تفكيك بنيته الاقتصادية حيث تم منحها مساحات شاسعة من الأراضي دون مقابل حقيقي، كما تم نزح ثروة المجتمع وتدمير مقومات الصناعة المصرية تحت مسمي الخصخصة وتوسيع قاعدة الملكية، ووصل الأمر إلي حد صياغه تشريعات تسهل لها إتمام ممارساتها. وقال المركز إنه بدلاً من انتظار انعقاد مجلس الشعب ليقوم بدوره الرقابي والتشريعي ليراجع كل الممارسات الاقتصادية التي تمت في عهد مبارك فوجئ المجتمع بإصدر المجلس العسكري للمرسوم بقانون رقم 4 لسنة 2012 والذي تضمن ثلاث مواد، المادة الأولي منه تنص علي إضافة مادتين لقانون ضمانات وحوافز الاستثمار (المادة 7 مكرر، والمادة 66 مكرر):فالمادة 7 مكرر تتيح التصالح مع المستثمر في جرائم اختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر التي ترتكب منه بصفته أو بشخصه أو التي اشترك في ارتكابها، ويجوز التصالح في أي حالة تكون عليها الدعوي الجنائية قبل صدور الحكم البات فيها (حكم النقض) .وترتكز شروط التصالح علي فكرة رد الأموال، والأهم من ذلك هو آثار هذا التصالح فالمادة تؤكد علي ".. ويترتب علي تمام التصالح انقضاء الدعوي الجنائية بالنسبة للمستثمر, ولا يمتد الانقضاء لباقي المتهمين معه في ذات الواقعة ولا يستفيدون منه." وهكذا جاء النص ليجعل من المستثمر ملكا متوجا يرتكب ما يشاء من جرائم اختلاس المال العام والعدوان عليه في ظل نشاطه الاستثماري، ويستطيع أن يستعين بمن شاء وإن اكتشفت جريمته فالتصالح والإفلات من العقاب سهل وبسيط بالنسبة له أما الشركاء ممن لا يحملون صفة المستثمر فلهم الجحيم وعليهم العقاب. ويضيف المركز :أما المادة 66 مكرر فإنها تتيح لرئيس مجلس الوزراء إصدار قرار بتشكيل لجنة لتسوية المنازعات التي تنشأ عن العقود المبرمة بين المستثمرين والجهات التابعة للدولة، وتكون مهمتها بحث ما يثار بشأنها من منازعات بين أطرافها تتعلق بالعقود المشار إليها، وذلك من أجل تسويتها علي نحو يضمن الحفاظ علي المال العام ويحقق التوازن العقدي، وفي حالة وصول اللجنة مع الأطراف إلي تسوية ودية نهائية تكون تلك التسوية واجبة النفاذ وملزمة بعد اعتمادها من مجلس الوزراء. ويتسأل المركز: ما هذه اللجنة، ومن هم أعضاؤها، وما معايير تشكيلها، وما القواعد الحاكمة لأعمالها. وما ضمانات حمايتها للمال العام، وما شروط إعادة التوازن العقدي للعقود الادارية؟.. هي أسئلة دون أجوبة. كما لم يتم النص حتي علي اشتراط عدم مخالفتها لأحكام القضاء واجبة النفاذ. وأكد المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن استمرار العمل بالمرسوم المقترح إلغاؤه يفتح الباب للتصالح علي الفساد الاقتصادي الذي قام به مبارك ورجال نظامه سواء كانوا رجال حكم أو رجال أعمال، وهو ما سيعوق المحاسبة التي يجب أن تتم مع كل من اعتدي علي مقومات الاقتصادي المصري في ظل هذا النظام.