الشعب في الميدان والمخلوع علي سرير الهوان وبعد أن عمدت دماء الشهداء ثورة الشعب المصري وبعد أن أضاء نور عيون شبابها ظلمة الليل الطويل الذي جثم علي صدر مصر ثلاثين عاما، مازال الطريق طويلا وقد وضعت فيه صخور الإعاقة الخبيثة بفعل فاعل حتي نظل نلف وندور في المكان. ولكن من راهن علي أي شيء سوي انتصار الثورة فقد خسر رهانه مسبقا خسر رهانه واسود وجهه بالخزي والعار والهزيمة لأنه لم يتعلم أن الشعوب لا تقهر. وبنظرة علي الأيام التي مضت، سنري أن شعب مصر لن يفرط في دماء شهدائه ولن يفرط في حقه في وطنه. أما النظام الذي سقط زعيم عصابته فنحن نراه علي سرير المذلة والهوان مفرطا في كرامته وإنسانيته وشرفه مذلولا مهانا مستجديا للشفقة والعطف، وكلما رأيته أتذكر مع الفارق في التشبيه جملة أم آخر ملوك غرناطة وهو يسلم مفاتيحها باكيا ومعلنا السقوط النهائي لدولة الأندلس «أبك كالنساء ملكا لم تحافظ عليه كالرجال». نظرة علي أيام مضت تؤكد أننا حتما سننتظر وإن ثورتنا مستمرة، فمازال الشعب المصري مستعدا لتعميد حريته بالدم ومازال قادرا علي إضاءة ظلمة لياليها بنور عيونه. هنا في ميادين حريتنا وتحرير إرادتنا سنغني أغنية الشهيد «مينا دانيال» «ليه الثورة جميلة وحلوة وانت معايا» سنضع أمامهم رغم أننا لا نراهن علي الفهم والتعلم درس الشهيد عماد عفت الذي تعلمه من أستاذه عبدالمنعم تعيلب: «لنتعلم ما يصير به الإنسان إنسانا.. قبل أن يصير به المسلم مسلما». سوف تخسرون رهانكم يا من نصبتم الشادر وأقمتم المولد، سوف تخسرون رهانكم يا من تبجحتم وأدنتم أشرف البنات وأسقطتم الشهادة عن مينا ومايكل وأبانوب وماري ومريم فدماؤهم هي التي أخرجتكم من الجحور.. هي التي تجمعنا وهي عزيمة ثورتنا. ويا مخلوع ويا أسرة المخلوع ويا خدم المخلوع.. تطلعوا إلي وجوهكم في المرايا واعلموا أن الشعب المصري لن يعود إلا عندما يثأر منكم ينتزع حقه في «العيش والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية».