أي كتابة لأي كاتب محترف، لا يمكن أن تقارن بهذه الكلمات المشحونة بالصدق والمرارة التي تتضمنها الرسالة التي وردت إلي مؤخرا، والتي أشرف بأن أترك لها مساحة العمود بالكامل. الأستاذ.. مستشار اتحاد الفلاحين بالطبع أنت لا تتذكرني، فأنا واحد من مئات الفلاحين الذين شاركوا في الجمعية العمومية التأسيسية لاتحاد الفلاحين يوم 30 أبريل عام 1983، التي عقدت في مقر حزب التجمع بالقاهرة وبرعاية زعيمه - الرجل الوطني العظيم - خالد محيي الدين، ذلك اليوم السعيد الذي قرر فيه الفلاحون من جميع المحافظات توحدهم في مواجهة الظلم الواقع عليهم من النظام وحكامه. ومع انتصار ثورة الشباب - التي شارك فيها كل المصريين - وعلي الرغم من فداحة التضحيات واستشهاد المئات وإصابة الآلاف من الثوار، فقد استبشرنا نحن الفلاحون بأن مبادئ هذه الثورة النبيلة بالعدالة والحرية سوف ترفع عنا الظلم والاستغلال. ولكن - للأسف - بعد مرور أكثر من عشرة شهور، لم يتغيرشيء.. كبار التجار يتحكمون في السماد ويرفعون سعره عشرات الأضعاف، وبنك التنمية مازال يلاحقنا لإدخالنا السجون من أجل مديونيات ما تراكمت علينا إلا نتيجة لسياساته الاستغلالية، والقطن يملأ دورنا ولا يجد له مشترين، ورغم ذلك كنت أقول لإخواني الفلاحين: إذا كنا قد صبرنا علي الفاسدين سنين طويلة ألا نصبر قليلا علي ثورتنا النبيلة، وإن كنت - في قرارة نفسي - أتساءل بنفس السؤال الذي طرحته أنت في العمود الذي تكتبه.. «هل هناك من يريد أن نقول أين هي الثورة؟». أما ما حدث مؤخرا منذ 19/11/2011 وحتي 17 ديسمبر، فأمر آخر فظيع وكريه وأصابني - لأول مرة - باليأس. فالأمن المركزي يقتل - بالرصاص وبقنابل الغاز المسموم عشرات الشباب الثوار ويصيب المئات منهم. ومنهم ابني الوحيد وثمرة حياتي وصانع بسمتي وأملي، الذي فقأ المجرمون عينه نتيجة مشاركته لأصدقائه من مصابي الثورة في اعتصامهم السلمي، والذي ضاعف من ألمي: بيان رئيس المجلس العسكري الذي لم يتكرم حتي بإعلان التحقيق مع السفاحين. تواصل المسيرات الانتخابية لأحد قيادات الحزب الوطني الذي بلغ به الفجر أن يترشح في دائرتنا بعد أن مارس علي أبنائها كل صور الاستغلال والفساد. عبدالبصير السلاموني عضو اتحاد الفلاحين