مئوية نجيب محفوظ في مئوية "نجيب محفوظ" لا أملك الا أن أعيد نشر ما كتبته عنه فنحن ندفع للطبيب ثمن النصيحة ولا نعمل بها فما بالك بالنصائح المجانية وأول نصيحة سماوية لأهل الأرض "اقرأ" لكننا لا نفعل ومن جمال العلم يقال أن لكل قاعدة استثناء حتي هذه القاعدة فليس بالضرورة أن كل خواجة اسمه "جون" فقد درست "الفلسفة" مثل أستاذي نجيب محفوظ لكنه حصل علي "نوبل" وحصلت أنا علي "معاش".. وللمتربصين أؤكد أن هذا ليس كلاماً في السياسة لكنه كلام بالأدب عن الأدب فبعد الهجوم القاسي للمهندس "الشحات" علي نجيب محفوظ تذكرت يا منصف الموتي من الأحياء أن له رواية اسمها "الشحات" (الشحاذ) يقول "نجيب محفوظ" في الرواية (احترسوا فأحياناً يرتدي العقرب ثياب ممرضة ويصبح الذئب حارساً للدجاج) ويصرخ الصديق عثمان في وجه "الشحات" المشعوذ (لن نبلغ أي حقيقة الا بالعقل والعلم والعمل) ولأن "شحات" الرواية ابتعد عن معطيات العصر وخاصم حقائق الكون وارتد الي الماضي السحيق يقول له محفوظ في الرواية (ليس طريق الايمان ان تهجر العالم لأنك عندما تهجر العالم تكون قد هجرت الله) فمن الذي ابتعد عن الله؟ الذي تفاعل مع الدنيا أم الذي أنكرها وحرمّها... يقف "الشحات" في الرواية يتأمل "الأهرام" ويتمني لو أزالها ويتردد بين التشدد والصراحة وفي آخر صفحات الرواية يسقط "الشحات" سقوطاً مدوياً بسبب اضطراب أفكاره وانكاره للنصائح (راجع الرواية) ويصرخ وهو يسقط (اذا كنت تريدني فلماذا هجرتني؟).. يسقط حائراً بين التشدد والصراحة.. حقاً لماذا هجرتني ولماذا هجرنا القراءة وانتقلنا من القراءة للجميع الي الكتابة للجميع وشغلنا الدنيا ليس بالاختراعات ولكن بالتصريحات... اختار نجيب محفوظ لبطل روايته اسم "عمر حمزاوي" ربما ليصنع باحساسه المرهف تناقضاً يوضح اتجاهات الظلام وزوايا الاضاءة... فالذي حدث الآن بعد وفاة نجيب محفوظ بسنوات أن "عمرو حمزاوي" نجح بينما سقط "الشحات" سقوطاً مدوياً وهو يهمس لرفاقه (اذا كنتم تريدونني فلماذا هجرتموني) وفضح الجميع وهو يصرخ في لحظة السقوط (لست الأكثر تشدداً لكنني الأكثر صراحة.. لست الأكثر تشدداً لكنني الأكثر صراحة).