التيار الإسلامي المصري تخلي عن مطلب الثورة ببناء دولة مدنية حديثةبعد فوز راشد الغنوشي رئيس حزب النهضة في تونس، بالمركز الأول وترشيحه لتشكيل الحكومة وُجهت له اسئلة حول الموقف من الحانات وارتداء النساء للمايوهات علي البحر والملاهي الليلية التي يقصدها السياح طوال العام.. حينذاك كان رده أن حزبه له أولويات مختلفة تنصب علي مواجهة مشكلاته الرئيسية المتمثلة في النهوض بالاقتصاد وحل مشكلة البطالة ومكافحة الفساد ومحاربة صور التخلف والفقر، مع احترام الحريات العامة. جاء هذا بعد إنشاء تحالف يضم ثلاثة أحزاب تونسية حصدت أكبر عدد من مقاعد المجلس الوطني التأسيسي اتفاقا حول "تشكيل حكومة ائتلافية" وتنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية خلال فترة لا تتجاوز العام من تاريخ مباشرة المجلس التأسيسي لمهامه. ووقع الاتفاق نوفمبر الماضي بين الغنوشي ومنصف المرزوفي -يساري- أمين عام حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، ومصطفي بن جعفر -يساري- أمين عام حزب التكتل من أجل العمل والحريات. واتفقت علي "تشكيل حكومة ائتلافية لتحقيق أهداف الثورة". وقالت إن الحكومة "ستضع في مقدمة أولوياتها مباشرة القضايا العاجلة وإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية، تلك الخطوة التي وصفها البعض بانها "الاولي لوضع خارطة لعملية الانتقال الديمقراطي ووضع دستور للبلاد بالاضافة الي تكوين حكومة تسيير شئون البلاد". تونس العلمانية وكان قد ذكر زعماء حزبيون أن الحكومة التونسية التي يقودها الإسلاميون ستركز علي الديمقراطية وحقوق الإنسان واقتصاد السوق الحر في تغييرات مقررة علي الدستور، لتترك بذلك الدين بعيدا عن الوثيقة التي ستقوم بإعدادها، ولن تدخل الحكومة الشريعة أو مفاهيم إسلامية أخري لتغيير الطبيعة العلمانية للدستور الذي كان قائما عندما أطاحت الثورة بالرئيس زين العابدين بن علي. وفي هذا الإطار، قال الغنوشي: "إن حزبه ضد محاولة فرض أسلوب حياة معين. واتفقت كل الأحزاب علي الاحتفاظ بالمادة الأولي من الدستور الحالي التي تنص علي أن "اللغة الرسمية لتونس هي العربية ودينها الإسلام"، ولن تكون هناك أي إشارات أخري للدين في الدستور. إسلاميو مصر اما الإسلاميون في مصر «اخوانها بسلفييها» بوجه عام لا يركزون الا علي سلوكيات الناس وأخلاقهم فقضيتهم تمركزت حول حجاب المرأة وصوتها العورة وجلوسها في البيت، اما قضية الحريات العامة والعدالة الاجتماعية والفقر والبطالة.. فلا تمثل لديهم الأولوية اطلاقا، فلا كلام عن قضايا التعليم او الثقافة او الفن والاعلام. ضف الي ذلك تلويحهم الدائم بقضية تطبيق الشريعة والحدود. ومنع الاختلاط في المدارس او الجماعات.. وغيرها من مسائل لا دخل لهم فيها لانها ببساطة امور خاصة حسب كل شخص، ولو وضعنا فكر اسلاميي تونس الاغلبية في البرلمان واول من اكدوا علي بناء دولة مدنية حديثة وبين اسلاميي مصر، الاعلبية ايضا في البرلمان لوجدنا شتان بين مسلميهم ومسلمينا، فوجدنا ان "هناك يفكرون وهنا يكفرون". تصريحات كارثية!! اما عن موقفهم من الفنون، قال مرشح البرلمان الحاصل علي 60% من أصوات الناخبين في دائرة المنتزه في الاسكندرية، وهو الداعية السلفي عبد المنعم الشحات والمتحدث باسم الدعوة السلفية بالإسكندرية، الذي قال علانية:"انه لا يزال عند رأيه الذي أعلنه منذ وقت قريب، بأن الديمقراطية ''حرام وكفر''، وقال ايضا انه ضد وجود وزير أو رئيس وزراء او رئيس قبطي لان الناس اختارتنا في البرلمان لتطبيق الشريعة. تحريم الاختلاط واكد مؤخرا الداعية حازم صلاح ابو اسماعيل والمرشح للرئاسة، ان قانوناً لن يسمح بتواجد شاب مع فتاة في مكان عام ككافتيريا مثلاً لأن هذا يصادم تقاليد واعراف المجتمع، وهذا يجب ان يكون ممنوعا وإلغاء الكافتريات وتخصص للمتزوجين فقط، أذن هل سننشئ هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر كنموذج السعودية وهذا مايريدونه فعلا؟ علي الجانب الاخر نجد حملات جماعة الاخوان المسلمين والتي تبنت دعوة عدم الاختلاط داخل الجامعات، وأصبحت وظيفة شباب الاخوان بالجامعة حمل الراية وإصلاح مجتمع الجامعة، في حين كشفت صحيفة «تليجراف» البريطانية أن الحكومة المصرية الجديدة تريد أن تعود السيدات مرة أخري إلي المطبخ. تطبيق الشريعة فبعد ظهور الاحزب الاسلامية عقب الثورة ظهرت معهم حقيقتهم فبدلا من ان تكون احزابا سياسية تحولت لأحزاب دينية من خلال تصريحات قادتها الذين أشاروا كثيرا إلي انهم قادمون لانتهاك حرية وحقوق الاخر لامفر. فقد تضمن حزب النور السلفي والذي انشأ عشرات المقرات بالمحافظات، برنامجه "الالتزام بالمرجعية العليا للشريعة الإسلامية". ولن يقبلوا بنظام آخر غير الشريعة الإسلامية لحكم مصر، وأبدوا رفضهم لتولي القبطي أو المرأة للولاية أو الرئاسة، واشترطوا العودة لولي الأمر قبل تطبيق الحدود، محذرين من الدعوات التي تنادي بالاقتداء بالحضارة الفرعونية. وكما قال الداعية ياسر برهامي أنه لا يجوز المساواة بين المسلم وغير المسلم وقال: "لا يمكن أن نقبل أن نولي أمرنا لقبطي، وكذلك بالنسبة للمرأة لا يمكن لها أن تتولي شئون المسلمين، مستندا للحديث القائل "لن يفلح قوم تولي أمرهم امرأة". كما قال الداعية محمد بن عبد الملك الزغبي، مؤخرا المرأة التي لا تنتخبنا ..آثمة! محذرا النساء بعدم التأثر بحملات المقاطعة للتصويت للتيار الاسلامي، مطالبا منهن ان يكن واقفات مع الاسلاميين خلال الانتخابات القادمة وإلا ستكون آثمة!. التكفير!! وكان قد أفتي الشيخ سيد حسن العفاني أمين عام حزب النور السلفي ببني سويف، بتكفير الليبراليين والعلمانيين، قائلا "ما يقوم به الليبراليون والعلمانيون من انفتاح بدون مراعاة الشريعة الإسلامية هو كفر وارتداد عن الدين، والتيار السلفي ليس أمامه أي خيارات أخري سوي العمل علي تطبيق الشريعة الإسلامية والتصدي بكل قوة لهؤلاء". اما عن الجزية، قال عادل شحتو قيادي بجماعة الجهاد الإسلامية إنه في حال وصول الجماعة للحكم في مصر فإنه يجب علي النصاري ان يدفعوا الجزية أو يخرجوا بره البلد، ويؤمن لهم خروجهم. مؤكدا أن الديمقراطية ليست دين الإسلام انما هي دين اليهود والنصاري ومخالفة للشرع. وأضاف أنه سيقوم بإغلاق الاهرامات، وابو الهول، وشرم الشيخ لانها شاهدة علي عصر الوثنية.! ويري محمود عزت، نائب المرشد العام للجماعة، ان تطبيق الحدود لن يأتي الا بعد امتلاك الأرض، وأضاف لابد أن تقام الحدود بعد تمهيد المجتمع للحكم الإسلامي، وترسيخ الهوية الإسلامية لمصر، والتأكيد أن حزب الجماعة وسيلة تؤدي إلي الحكم. الامر نفسه الذي أكده سليم العوا مرشح الرئاسة: إن تطبيق الحدود في مصر غير ممكن الآن، لأنه يجب أولاً توافر شروط تطبيقها في المجتمع. وجه العملة الاخر "الاخوان" علي الجانب الاخر نجد الاخوان وتصريحاتهم المطابقة للسلفيين، فلم يختلف الاخوان عن السلفيين في الهجوم وتكفير من يخالفهم في الفكر وهذا ما اشار اليه المحامي الاخواني صبحي صالح عضو لجنة التعديلات الدستورية، والذي أفتي بتكفير المسلم الليبرالي والمسلم العلماني، وعدم زواج الإخواني من غير الإخوانية. وقال محمد بديع مرشد جماعة الإخوان، ان الجماعة تسعي لتأسيس أندية رياضية كبري يمتلكها الإخوان للمنافسة علي الدوري وكأس مصر، وانشاء فرقة مسرحية "محترمة"علي حد تعبيره فهل هذا يعني ان الموجود حاليا عكس تشبيهه؟، ايضا قال: محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة: وفي رده حول تطبيق الشريعة الإسلامية قال إن البرلمان هو الذي سيقرر ذلك لا جماعة بمفردها، ايضا اكد عبد الرحمن البر عضو مكتب الارشاد بجماعة الاخوان المسلمين ان تطبيق الشريعة الاسلامية هو الضمانة الحقيقية لمجتمع صحي افراده اسوياء، وقد طالب سعد الكتاتني، بضرورة وجود ضوابط تحكم وجود السائحين في مصر مثل احترام التقاليد العامة، قائلا: مصر بلد متدين والسياحة الشاطئية ولبس البكيني لا يجب أن يكون في الشواطئ العامة. ووصف الداعية السلفي محمد حسين يعقوب الاستفتاء علي التعديلات الدستورية بأنه "غزوة الصناديق"، مؤكداً ما سماه "انتصار الدين" فيها، وقال يعقوب: الدين هيدخل في كل حاجة، مش دي الديمقراطية بتاعتكم، الشعب قال نعم للدين، واللي يقول البلد ما نعرفش نعيش فيه أنت حر، ألف سلامة، عندهم تأشيرات كندا وأمريكا، مؤكدا لانصاره :ما تخافوش خلاص البلد بلدنا!!. مبررات ليست في صالحهم وهناك مبررات يلتمسها البعض في محاولة لتبرير مواقف الاسلاميين المتطرفة منها القول بان البنيان الفكري للحركة الإسلامية في مصر ثابتا لم يتغير، بسبب انشغال الحركة بالدفاع عن نفسها وتجميع عناصرها، الأمر الذي أدي إلي الحفاظ علي الجسم وضمور الفكر والعقل.. بالاضافة الي أن الحركة الإسلامية في مصر تأثرت بدرجة أو أخري بالدعوة السلفية، وهذا التأثير بدا واضحا في اهتمام خطاب الإسلاميين في مصر بالسلوك والمظاهر وعدم اكتراثهم بالهموم الحياتية للناس. وهي السمات الأساسية للخطاب السلفي الذي يختزل التدين في تلك المظاهر... اذن أيا كانت مبررات غياب الوعي السياسي لتلك التيارات الاسلامية فكيف تصبح في يوم وليلة اكبر قوي اكتسحت نسبة اصوات في البرلمان؟ وكيف في ظل اهتماماتهم المظهرية في الشكل والاخلاق والحجاب وما الي ذلك.. وإغفال امور مهمة كالعدالة الاجتماعية او استعادة الاقتصاد والاستثمار، واستكمال الثورة وتنفيذ مطالبها ببناء دولة مدنية حديثة تقوم علي مبادئ المواطنة التي لا يؤمنون بها اصلا؟ واين مواقفهم من القضايا الحياتية والتي من اجلها خرج الملايين لإعطائهم اصواتهم املا في تحقيق حياة افضل لهم ولابنائهم؟ هل سنسير علي خطي التطوير التكنولوجي سر التقدم في كل دول العالم ام سنحرمه لانه فكر غربي؟ ومامصير العلوم الحديثة في الطب والكيمياء والاكتشافات، ومن يقول "لا" في وجههم كيف سيعقاب هل بقطع يده ام طرده الي كندا وامريكا كما قال شيوخهم من قبل؟ هل سيكون للمرأة التي هي عورة في نظرهم دور في البناء السياسي والمجتمعي؟ اسئلة كثيرة جدا مطروحة امام أعضاء البرلمان الجدد، ومن ثم عليهم الاجابة عليها، واذا لم يستطيعوا عليهم العودة لما كانوا عليه من قبل ولهم جزيل الشكر والاحترام.