السيد القصير يوجه 7 رسائل بمؤتمر الغربية: ندعم القيادة السياسية.. ومرشحينا معروفين مش نازلين بباراشوت    وزير الاستثمار والتجارة الخارجية يفتتح فعاليات الإحتفال باليوم الوطني لمصر فى إطار فعاليات معرض إكسبو أوساكا 2025    دعوات للطيب بالإضراب عن الطعام .. هل أوقف الغضب الصهيوني نداء الأزهر العالمي لوقف حصار وتجويع غزة؟!    المرزوقي يدعو لإضراب عالمي عن الطعام ويوم غضب الجمعة تضامنا مع غزة    ترامب حريص على إطلاق سراح المحتجزين في غزة وإنهاء الحرب    عبد الله السعيد: التجديد للزمالك شرف كبير وأسعى لحصد البطولات    وزير التعليم ل"dmc": الرئيس السيسى وجه بضرورة توفير أفضل تعليم لمحدودى الدخل    "يوليو.. أيام الثورة".. ظهور الضابط جمال عبد الناصر ويعلن فقدانه الثقة بقيادة البلاد    الأوراق المطلوبة للاشتراك في صندوق التكافل بنقابة الصحفيين    ارتفاع البتلو وانخفاض الكندوز، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    حماس تسلم ردها على مقترح وقف إطلاق النار بقطاع غزة إلى الوسطاء    92 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال آخر جلسات الأسبوع    الكرة الطائرة، الزمالك يعلن تجديد عقد داليا المرشدي    هل انتهت الأزمة؟ خطوة جديدة من وسام أبو علي بعد أيام من غلق حسابه على إنستجرام    وزير الزراعة: نعمل لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الخبز المدعوم وزراعة 3.1 مليون فدان قمح (فيديو)    اليوم، تعديلات جديدة في مواعيد تشغيل القطار الكهربائي بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    تتبع رئيس الوزراء، الحكومة توافق على إنشاء اللجنة الدائمة لمتابعة وتحليل المؤشرات الدولية    5 معلومات عن المايسترو الراحل سامي نصير    أحمد سعد يطلق "حبيبي ياه ياه" بمشاركة عفروتو ومروان موسى (فيديو)    مصطفى كامل: نمتلك فيديوهات خادشة ضد راغب علامة في حفله بالساحل الشمالي    أعراض برد الصيف وأسبابه ومخاطره وطرق الوقاية منه    ورشة عمل لمناقشة حالات أورام الكبد بمستشفى حميات قنا    طريقة عمل الآيس كريم حلوى باردة تسعد صغارك في الصيف    رسميًا.. برشلونة يُلغي جولته التحضيرية في اليابان بسبب خرق تعاقدي    رسميًا.. أتلتيكو مدريد يضم السلوفاكي دافيد هانكو لتعزيز دفاعاته    حدث ليلًا| حقيقة بيع مناطق بوسط البلد ورد رسمي على أنباء توتر العلاقات المصرية السعودية    وزير الزراعة: الرئيس مُهتم بصغار المزارعين.. "مشكلتنا في المياه مش الأرض"    بسبب لهو الأطفال .. إصابة 4 أشخاص في مشاجرة بالجيزة    البابا تواضروس الثاني: اثبتوا في الإيمان    يعاني من متلازمة المحتال الخفية.. أكبر نقاط القوة والضعف لبرج الحمل    لتأهيل 5000 متدرب.. ختام فعاليات الأمن السيبراني بجامعة أسوان (صور)    رغم التخرج- لماذا تطاردنا كوابيس الثانوية العامة في أحلامنا؟ "فيديوجرافيك"    مدبولي: توجيهات رئاسية بإنهاء المتأخرات المستحقة للشركاء الأجانب بقطاع الطاقة    ناجى الشهابي: ثورة 23يوليو ما زالت ملهمة للسياسة الوطنية رغم محاولات التشويه    الأردن: إدخال قافلة مساعدات من 36 شاحنة مواد غذائية إلى شمال غزة    إيران توافق على زيارة فريق من الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الأسابيع المقبلة    الثالثة من الدوري الألماني.. ليفربول يتعاقد مع هوجو إيكيتيكي    أحمد سعد يطرح أغنية «حبيبي ياه ياه» بمشاركة عفروتو ومروان موسى    في عيد ميلاده.. أحمد عز يتصدر قائمة الأعلى إيرادًا بتاريخ السينما المصرية    المركز القومي للبحوث يحصد 5 من جوائز الدولة لعام 2024    هل يجوز أخذ مكافأة على مال عثر عليه في الشارع؟.. أمين الفتوى يجيب    تقرير: عطية الله يرحب بالعودة لصفوف الوداد    «سلاح البر مفتاح الحسم».. رئيس الأركان الإسرائيلي: نعمل في طهران وبيروت ودمشق وغزة    «بعد طلب وزير خارجية الاحتلال».. هل ستصنف أوكرانيا الحرس الثوري الإيراني «منظمة إرهابية»؟    تحدث في معدتك- 5 أعراض لمرض الكبد الدهني احذرها    خادم الحرمين وولى العهد السعودى يهنئان الرئيس السيسى بذكرى ثورة 23 يوليو    رئيس الوزراء يتفقد موقع إنشاء المحطة النووية بالضبعة ويشيد بالتقدم المحقق    الأهلي يترقب انتعاش خزينته ب 5.5 مليون دولار خلال ساعات    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم نتمنى ان نكون مثلكم ?!    ضبط 3695 قضية سرقة كهرباء خلال 24 ساعة    وفاة شخصين متأثرين بإصابتهما في حادث تصادم سيارتين بقنا    الإفتاء توضح كيفية إتمام الصفوف في صلاة الجماعة    محفظ قرآن بقنا يهدي طالبة ثانوية عامة رحلة عمرة    بالفيديو.. الأرصاد: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد حتى منتصف الأسبوع المقبل    الرئيس السيسي: هذا الوطن قادر بأبنائه على تجاوز التحديات والصعاب    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    خلال فترة التدريب.. مندوب نقل أموال ينهب ماكينات ATM بشبرا الخيمة    مستشار الرئيس للصحة ينفي شائعات انتشار متحور «Xfg»: لم نرصد أي حالة في مصر حتى الآن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد تسليمه لمفسديه:ملف إصلاح التعليم مشروع قومي مستقبلي«1-2»
نشر في الأهالي يوم 24 - 03 - 2010

ينطوي مفهوم الإصلاح علي معني الصلاح أي أن الشيء صالح ولا تشوبه شائبة، ومن ثم فالمفهوم ينطوي علي نقيضه وهو الفساد.
وعندما تتبني الدولة مفهوم الإصلاح كأساس لسياستها في مختلف المجالات في المجتمع فالمطلوب هو القضاء علي الفساد في كل هذه المجالات.
وإذا كانت «المحاسبة» أو «المساءلة» هي الوسيلة للكشف عن الفساد من أجل القضاء عليه، فأنا أطرح هنا أهم قضية من قضايا فساد المجتمع المصري وهي قضية فساد التعليم.
يلزم من المساءلة تحديد المسئولية في انتشار الفساد في التعليم، ومن الشائع تحميل مسئولية فساد أي قطاع من قطاعات الدولة علي الوزير الذي يمثل هذا القطاع، وقد يكون هذا صحيحا إلي حد ما في بعض القطاعات، أما الوضع في قطاع التعليم فيختلف تماما، حيث إن المسئولية الحقيقية لا تقع علي الوزير وحده بل تقع أيضا، وفي المقام الأول، علي من يوجه السياسة التربوية للوزارة ويطبقها في المجالات التربوية من التعليم الأساسي حتي التعليم الجامعي، وأعني بهم أساتذة كليات التربية. فما الذي فعله أساتذة كليات التربية لإفساد التعليم في مصر؟ تبني أساتذة كليات التربية النظريات التربوية الأمريكية والإنجليزية التي عفي عليها الزمن وهجرها أهلها لأنها أفسدت التعليم في بلادهم وكادت أن تدفع بهم نحو التخلف الحضاري.
مثال ذلك عندما سبق الاتحاد السوفيتي أمريكا في مجال غزو الفضاء بإطلاق الصاروخ «سبوتنك» إلي القمر، أصاب الهلع المجتمع الأمريكي فبحث عن مصدر الخلل فوجده في فساد التعليم، فرفع شعار «أمة في خطر» وشرع في إجراء تغيير جذري في نسق التعليم، ثم تجدد هذا الموقف عندما أعلن «بل جيتس» عن مشروع لتأسيس نسق تعليمي جديد يواكب روح العصر، أي روح القرن الواحد والعشرين، المتمثلة في الإبداع الفكري المتجدد والتي لا يوفرها أي نسق تعليمي تقليدي.
والسؤال الآن: ما هي النظريات المفسدة للتعليم التي يتبناها أساتذة كليات التربية في مصر؟.
إنها النظريات التي تعتبر أن التعليم هو الوسيلة للمحافظة علي المجتمع ضد التغيير لأنها تري أن التغيير يهدد استقرار المجتمع التقليدي الثابت.
ومن أجل تحقيق هذه الغاية تري هذه النظريات أن نسق التعليم ينبغي أن يقوم علي مجرد حفظ وتذكر معلومات لا علاقة لها ببناء الشخصية الواعية أو بفهم البيئة المحيطة، وبناء عليه فإن تعريف هذه النظريات للتعليم هو أنه «التكيف مع البيئة»، ولفظ «التكيف» هو المضاد للفظ «التغيير»، وإذا كان التغيير يشترط الإبداع وما يصاحبه من تفكير ناقد كأساس للتعليم، فالتكيف يشترط الحفظ والتذكر ويستلزم السمع والطاعة.
حتمية الدروس الخصوصية
ومن هذه النظريات الراسخة في نسق التعليم المصري والتي يدرسها أساتذة كليات التربية لمعلمي المستقبل، نظرية العالم التربوي الأمريكي «بنجامين بلوم» في كتابه الشهير «تصنيف الأهداف التعليمية» الذي صدر في الخمسينيات من القرن الماضي، وهو يعتبر الكتاب العمدة في كليات التربية في مصر.
ويتأسس تصنيف «بلوم» علي الأهداف الستة الرئيسية التالية: المعرفة، الفهم، التطبيق، التحليل، التركيب، التقويم. وإذا تتبعنا عرض «بلوم» لهذا التصنيف فإننا نلاحظ أن «المعرفة» تمثل البنية الأساسية للتصنيف الهرمي للأهداف التعليمية، ومن ثم فإن ذلك يستدعي تعريفا أكثر تفصيلا.
ففي أجزاء كثيرة من كتاب «بلوم» نجد تعريف «المعرفة» يشتمل علي سلوكيات ومواقف اختبارية تدور حول التذكر، إما من خلال التعرف أو الاستدعاء للأفكار والأشياء والظواهر، وطبقا لبلوم فإن أهم ما يميز المعرفة هو مدي قدرة الطالب علي التذكر أو التعرف أو استدعاء إجابات سليمة لأسئلة محددة. يتضح من ذلك أن محور مفهوم المعرفة عند بلوم، والذي تقوم عليه العملية التعليمية، هو التذكر، وبناء عليه ينحصر التعليم في الحفظ والتذكر واستدعاء المعلومات من الذاكرة، وبناء عليه أيضا يصبح التلقين هو أساس التدريس.
وعندما تصاغ هذه الأهداف التعليمية في أهداف إجرائية يتأسس عليها المنهج الدراسي بما يشتمل عليه من طرق تدريس وتقويم وكتاب مدرسي وتدريب معلم وإدارة مدرسية.. إلخ.. تكون النتيجة الحتمية هي الدروس الخصوصية لأن الطالب في حاجة إلي من يلقنه الصيغة المكثفة البسيطة للإجابات النموذجية الصحيحة ويدربه علي تذكرها من أجل استدعائها في الامتحان، فمهما قدمت الدولة من كادرات لرفع أجر المعلم - توهما منها أن الدروس الخصوصية مجرد وسيلة لزيادة دخل المعلم - فستظل الدروس الخصوصية في ازدياد.
وهنا أطرح تساؤلا: هل يمكن لهذه الأهداف التعليمية أن تشكل أساسا لإصلاح التعليم في القرن الحادي والعشرين؟.
علي الرغم من أن الإجابة هي بالنفي، فمازال أساتذة كليات التربية في مصر يسترشدون بتصنيف بلوم للأهداف التعليمية كفلسفة للإصلاح المنشود، والمثير للانتباه في هذا الصدد أن لا أحد منهم يدرك ما ينطوي عليه هذا التصنيف من سلبيات.
ضرورة الإبداع
فنحن نحيا في عصر الكوكبية الذي يتسم بانفجار المعرفة والمعلومات مما أفضي إلي ضرورة التخلي عن السياسات التعليمية القائمة علي مجرد اكتساب المعلومات، فتحديات القرن الحالي تحتم علي القائمين علي التعليم أن يحددوا أهدافا تعليمية تؤهل الجيل القادم لمواجهة مثل هذه التحديات، ولكن نظرا لتجذر نظرية بلوم وتصنيفه في اللاوعي التربوي المصري فإن الإجهاز علي بلوم في بلدنا يعد ضربا من المستحيل، فالتربويون الذين يتبنون أفكار بلوم، وهم الأغلبية من أساتذة كليات التربية، يزعمون أن تصنيف بلوم جامع مانع، بل إنهم يذهبون إلي حد القول بأن «التقويم» الذي يتربع علي قمة التصنيف الهرمي «لبلوم» يمثل المعني الحقيقي للإبداع، وذلك لأنه يشتمل علي التركيب والتحليل والتطبيق والفهم، لكن هؤلاء الأساتذة يغفلون شيئا مهما، سواء كانوا علي وعي أو علي غير وعي، وهو أن التركيب والتحليل والفهم والتطبيق كلها عمليات تتم علي معلومات قديمة معطاة سلفا ويتم تلقينها للطالب ليحفظها ويتذكرها. ومن بين نظريات الفساد التربوي أيضا بعض الأفكار التي أنتجها خبراء التربية الأمريكان وتسببت في تخلف التعليم في أمريكا وأدت إلي تسرب الطلاب من المدارس هروبا من تعليم غير مجد. وتقوم بعض هذه النظريات علي اعتبار أن العملية التعليمية مجرد لعبة، فتركز علي إجراءات عملية لتوصيل معلومات تتسم بالسطحية ولا تثير الفكر الناقد، وأهم ما في هذه النظريات أنها تصر علي استبعاد تغيير الواقع، وقد كان غياب هذا البعد في تلك النظريات من أهم أسباب تسرب الطلاب من التعليم في أمريكا لأن من نتائجه أنه لم يؤهلهم لمواجهة الواقع المتغير وذلك بتكوين عقلية مبدعة قادرة علي إحداث التغيير.
أما خبراء التربية في بلادنا فكانوا حريصين كل الحرص علي استجلاب هذه النظريات الفاشلة وتكليف المعيدين بأقسام اللغة الإنجليزية بكليات التربية بترجمة هذه النظريات الفاسدة من أجل تدريسها لمعلمي المستقبل في مصر، وفي كل الأحيان تأتي الترجمة في غاية الركاكة نظرا لضعف مستوي خريجي أقسام اللغة الإنجليزية بهذه الكليات.
أما المفارقة المذهلة فهي أن الدولة عندما شعرت بأن نسق التعليم السائد مسئول عن تخريج أجيال متلاحقة غير مؤهلة لتلبية احتياجات المجتمع ولا احتياجات سوق العمل، ولا تصلح لأي شيء سوي التطرف الديني الذي غالبا ما يؤدي إلي الإرهاب، من جهة، أو التفكك الاجتماعي الذي يصل إلي حد ارتكاب الجرائم غير المسبوقة، من جهة أخري، عندئذ لم يكن أمامها سوي التوجه نحو أساتذة كليات التربية لمساعدتها في إنقاذ التعليم!! ولم تكن الدولة علي وعي بأنها تسلم التعليم مرة أخري إلي مفسديه وتطلب منهم إصلاحه، رافعة شعار «التعليم قضية أمن قومي»، وبدأت ملحمة «تطوير التعليم» علي أيدي مفسدي التعليم، وكلما تقدمت مسيرة ما يسمي ب «تطوير التعليم» تخلف التعليم ومن ثم تخلف المجتمع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.