كان من الطبيعي بعد أن خيمت السياسات السوداء لنظام الحكم منذ أوائل السبعينيات علي سماء مصر وأرضها وكل مقدرات مجتمعها - سياسات التبعية للمخطط الأمريكي - الصهيوني، وإفقار الشعب لحساب تربحات الفاسدين والطفيليين - تحت الشعارات المراوغة أمثال: «الانفتاح وتحرير الاقتصاد»، ثم لحقتها شعارات «الخصخصة، واللحاق بركب العولمة» كان من الطبيعي أن تتم تصفية الإصلاح الزراعي، وتم للمخططين لذلك تنفيذ مستهدفهم بهدوء شديد ومن خلال مراحل متتالية. أولا.. ضرب الإصلاح الزراعي عام 1976: كان من المنطقي للبعثة الأمريكية التي أرسلتها الإدارة الأمريكية في السبعينيات لوضع الحلول للمشكلة الزراعية في مصر!!، أن توصي بتصفية الحركة التعاونية الزراعية، وتم ذلك بالقرار 805 لسنة 1976 بإلغاء هيئة التعاون، ثم بالقرار 824 بحل الاتحاد التعاوني، ثم بالقانون 117 لسنة 1976 بتسليم مهام وأموال التعاون إلي بنك التنمية والائتمان وما يسمي بنوك القري. وأصبح الفلاح المصري واقعا تحت رحمة - أو عدم رحمة - بنوك القري وفوائدها المرتفعة في سبيل الحصول علي الائتمان، وكبار التجار وسوقهم السوداء بالنسبة لمستلزمات الإنتاج، والمحتكرين لتسويق حاصلاته. ثانيا.. قتل الإصلاح الزراعي عام 1992: بإصدار الحكم علي صدورونفاذ القانون 96 لسنة 1992 الخاص بالعلاقة الإيجارية، ثم قتل الإصلاح الزراعي، حيث وضع أكثر من 6 ملايين فلاح كادح - من المستأجرين وأسرهم - بين خيارين أيهما أسوأ من الآخر.. أما ترك الأرض مجال عملهم ومصدر رزقهم الوحيد أو الخضوع لعقود إذعانية جديدة شديدة الاستقلال وصلت بها القيمة الإيجارية للفدان في السنة الواحدة إلي 5 آلاف جنيه. ثالثا.. التمثيل بجثة الإصلاح الزراعي عام 1996: وفقا للقانون 5 لسنة 1996، أجهز علي أهم قيمتين للإصلاح الزراعي: حماية أرض مصر، وتحديد سقف لملكيتها، حيث أصبح - وفقا لهذا القانون - من حق أي مستثمر حتي لو كان أجنبيا تملك أي مساحة من أراضي مصر بالمجان أو بإيجار رمزي! .. ولم يكتف النظام - وسياساته الإجرامية - بذلك - بل لاحقوا «أبناء القتيل» من المنتفعين بالإصلاح وشنوا عليهم الحملات البوليسية من أجل ترك أرضهم لسماسرة الأراضي ومدعي الملكية علي غير حق.