يجب أن يكون لك سبح طويل في نهر الحب الإلهي، للتقرب من الله خالق السماوات بما فيها والأرض وما عليها، وذلك بإتقان عظيم قد تفسره الدراسات العالية والمتعمقة في العلم والبحث. وذلك تقدير العزيز الحكيم، وشهر رمضان فرصة مفروضة للتحقق والإقبال علي الله، وذلك لتزكية النفس وطهارة القلب وعفة اللسان عن الكذب والسباب، واعتياد القول الطيب والعمل الصالح، وهو أمر يخص الإنسان في رقيه الروحي، مهما اختلفت عقيدته أو مذهبه، ويكفي الإنسان في هذا الشأن الإيمان بالله فقط، والذي ثمنه عند الله عظيم، فيكافئ المؤمنين بدخول الجنة، ودون تفرقة بين من هو مسلم وقبطي ويهودي، فالذي يربط هؤلاء جميعا هو الإيمان بالله، وهو أمر ليس بهين، ويقدره الله كثيرا ويكافئ المؤمنين عليه، رغم اختلاف العقائد السماوية، كما يؤكد القرآن في هذا المعني في الآية رقم (62) من سورة البقرة، والتي تقول «إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصاري والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون»، وهذا أمر يعني ضرورة إنهاء الخصومات والأحقاد، ولنا بذلك الفخر لحداثة الموضوع، وصولا إلي تجديد لغة الخطاب الديني للشعوب المؤمنة بالله، كما أرجو أن يشاركني القارئ في خواطري ليعيش معي رحلة روحية ممتعة، تمثل اجتياز الفضاء والطواف حول عرش الله، فقد قرأت في الآية القرآنية رقم (10) من سورة فاطر «إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه» فتلك آية تؤكد أن الكلمات الطيبة لا تفني ولا تعدم، وكذلك العمل الصالح لا يزول، فالكلم الطيب والعمل الصالح يسموان ويرتفعان ويرتقيان حول عرش الله، فينظر الله إلي الكلمات الطيبة والأعمال الصالحة فيزيدهما نورا وجمالا، وكما يحب الخالق أن يري مخلوقه يطوف حول عرش الله تطوف الملائكة أيضا، ويلاحظ أن الكلم الطيب والعمل الصالح يطوفان حول عرشه وكأنهما كوكبان دريان وقد تألقا في جمال أراده الله للإنسان، مما يفوق جمال ملاك، وتلك إرادة الله، والأكثر من ذلك أن الكلمات الطيبة والأعمال الصالحة تبدو أمام وجه الله والملائكة كشمس أجمل من شمس الحياة، أو قمر ليس له مثيل، أو كوكب ساطع أو نجم لامع، ويحدث ذلك الطواف بشكل أبدي منذ أن اجتمع الكلم الطيب والعمل الصالح في حياة الإنسان، ليستمرا من بعد انتقاله من الحياة الدنيا، وقد يسعد الإنسان أو يعمل أو يجلس في مكان، ولا يدري أن عمله وقوله في سمو، وفي طواف حول عرش الله، وكم يكون الإنسان سعيدا إذا ما وصل إلي ذلك السمو الروحي العظيم، وفي موكب الطواف حول العرش تبين الآية القرآنية رقم (75) من سورة الزمر مثل ذلك الطواف الذي لا يقارن بطواف آخر في الأرض، حيث تقول «وتري الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين».