أصدر حزب التجمع البيان التالي الذي انسحب علي أثره من التحالف الديمقراطي وطالب القوي الدينية والسياسية بالاعتذار للشعب المصري عن كل ما أقترفوه يوم الجمعة 29 يوليو الماضي. لم ينفجر غضب الشعب المصري ويشعل ثورة 25 يناير لإقامة دولة الخلافة أو حكم "الإمام" أو لأن مصر دولة كافرة وهناك من قرر أن يهديها إلي الطريق القويم.. ولم تنفجر ثورة يناير لنصرة أسامة بن لادن أو لإعلان انحيازها إلي أنظمة مثل نظام طالبان أو البشير أو ولاية الفقيه أو بغرض نفي الوطنية المصرية واستعادة هوية مدعاة.. وإنما قامت ثورة يناير من أجل الحرية والكرامة والديمقراطية والدولة المدنية الحديثة واقتلاع جذور الفساد وتوفير العدالة الاجتماعية ، هو ما أعلنه الثوار منذ اليوم الأول وطوال أيام الاحتشاد في ميدان التحرير وميادين وساحات المدن المصرية الأخري والتي سبقت سقوط الطاغية.. وقد فوجئ المصريون - علي اختلاف توجهاتهم - بأن ما حدث في يوم الجمعة 29 يوليو يشكل انقضاضا علي كل ما نادت به الثورة بل محاولة لاختطاف هذه الثورة وتحولها إلي مسار آخر من شأنه تمزق الصف الوطني ، وافتعال صراع - لا محل له - بين من يرفعون شعار "إسلامية .. إسلامية" وبقية القوي الوطنية الديمقراطية. والمعروف أنه ثمة إجماعا وطنيا علي عدم استخدام شعارات دينية يصطنعها طرف لتقديم نفسه في صورة من يحتكر الحديث باسم الدين مما يؤدي - تلقائياً - إلي استبعاد الإطراف الأخري من دائرة الدين بدلاً من المنافسة بين برامج سياسية واقتصادية واجتماعية . لا يقل خطورة عن ذلك أن التيار الديني أعلن رفضه لما سبق التوافق عليه مع المجلس الأعلي للقوات المسلحة بشأن وضع مبادئ عامة تكون بمثابة خطوط توجيهية للجنة التي ستضع الدستور . واعتبر التيار الديني أن هؤلاء الذين يتحدثون عن الدستور من أعوان الصهيونية والاستعمار أو من فلول الحزب الوطني ! بل قال بعضهم إن علي من يريد وضع هذه المبادئ أن يواجههم بدمائهم ورقابهم . بل لقد أصبحت مجرد الإشارة للدستور تعني ، في نظر البعض ، الالتفاف علي الإرادة الشعبية رغم أنه لا توجد علاقة بين بنود الاستفتاء وقضيتي الدستور والانتخابات ، وأيهما تكون له الأسبقية ولأول مرة في التاريخ يتم وصف المطالبة بدستور ديمقراطي بأنها تتناقض مع الإرادة الشعبية ! وقد تأكد من أحداث يوم الجمعة 29 يوليو أن هناك من لا يحترم الاتفاقيات بين القوي السياسية ويمنح نفسه الحق في التصرف وفق تقديراته الخاصة.. ولما كنا نحرص كل الحرص علي وحدة القوي الوطنية والتلاحم بين قوي الثورة ، فقد كنا نسعي وسنظل نسعي كي تتحقق وحدة الصف لصالح الوطن والشعب والثورة ، والآن نجد لزاماً علينا أن نطالبكم بإدانة ما حدث والاعتذار للشعب المصري والتراجع عن موقفكم الرافض لتوجه المجلس الأعلي للقوات المسلحة بإصدار إعلان مبادئ دستورية يسبق انتخابات مجلس الشعب ، ولذلك نجد أنفسنا مضطرين للاعتذار عن الاستمرار تحت هذه المظلة ، مؤكدين أننا سنسعي كما سعينا دوماً لإقامة تحالف وطني ديمقراطي ليبرالي يضم كل القوي الساعية حقاً وفعلاً نحو دولة مدنية تكفل حقوق كل أبنائها وتسعي لتحقيق مواطنة تحمي الجميع تحت مظلتها وتحقق العدل الاجتماعي وتمضي بمصر قدماً نحو مستقبل مشرق محققين أهداف ثورة 25 يناير وكل طموحات شعبنا للتحالف مع قوي أخري تشاركنا نفس الأهداف ، التي هي أهداف ثورة 25 يناير التي تترجم أمنيات شعبنا وأحلامه.