يعد إجمالي الإنفاق علي الصحة في مصر أقل من متوسط الدول المنخفضة -والمتوسطة الدخل، وبحسب تقرير منظمة الصحة العالمية عام 2009 فإن مجموع النفقات الصحية للفرد 282 بالدولار الامريكي ويمثل مجموع النفقات الصحية 5، 0 كنسبة مئوية من الناتج الاجمالي. وفي مشروع الموازنة العامة الجديد للعام المالي2011/ 2012 ، والذي أعدته وزارة المالية" فقد تم إقرار بعض الزيادات في مخصصات الصحة في الموازنة الجديدة بزيادة مبلغ مليار ونصف المليار جنيه لصالح دعم العلاج علي نفقة الدولة، بالإضافة إلي نصف مليار لدعم الدواء المجاني. ليكون المخصص الاجمالي للوزارة اقل من 5% من الموازنة العامة. وقد اشار د. اشرف حاتم وزير الصحة إلي أنه كان قد طلب من مجلس الوزراء زيادة لميزانية الوزارة بإجمالي 7 مليارات جنيه تخصص 5 مليارات منها للعلاج علي نفقة الدولة والطوارئ، و2 مليار للعلاج المجاني، مؤكدا أن الاضافة الجديدة بأربعة مليارات جنيه المخصصة للعلاج علي نفقة الدولة والطوارئ سوف تحدث انفراجة كبيرة في إدخال أمراض كثيرة ضمن هذا النظام من العلاج. تضاعف الانفاق العام حتي لو اضيف السبعة مليارات بدلا من اربعة فهي ميزانية غير كافية بل ميزاينة "تضخمية" ايضا، علي حد قول د. علاء غنام مدير برنامج الحق في الصحة في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، مطالبا بان يكون علي الاقل مضاعفة الانفاق العام اقل من 5% من الموازنة الي 10%. اي اذا كان 20 مليارا فلابد من تحديد الضعف لاصلاح المنظومة الصحية التي تعاني من تدهور شديد في التنظيم والتمويل، مع وجود إرادة سياسية لاصلاح النظام اصلاحا جذريا وليس مجرد مسكنات الامر الذي سيعود بالتاثير السلبي علي صحة المواطن ومن ثم علي الانتاج. وطالب غنام بأن تضع الحكومة سواء دائمة كانت ام مؤقتة، قطاع الصحة علي اولويات اجندتها في الموازنة بدلا من الانفاق علي الفساد المؤسسي واهدار الاموال في تسديد ديون الفساد السابق كما حدث في ظل النظام البائد بعد ضياع الثلاثة مليارات المخصصة للعلاج علي نفقة الدولة لصالح المسئولين السابقين ومن ثم جاءت الاضافة للميزانية الجديدة لسد عجز وتسديد ديون وزارة الصحة للمستشفيات الخاصة والجامعية باكثر من مليار جنيه وبالتالي الزيادة في مخصصات موزانة هذا العام لا تمثل اي اضافات. ومن هنا طالب غنام بضرورة استعادة المليارات المنهوبة ممن استفادوا منها علي حساب الفقراء. مؤكدا ان توجه هذه الاموال المخصصة للصحة للفئات والاماكن الاكثر احتياجا مثل المستشفيات الحكومية التي هي ملجأ للفقراء، لان صحة المواطن المصري كانت ولاتزال خارج نطاق اهتمامات الحكومات قبل وبعد الثورة، اذن اين العدالة الاجتماعية التي نادت بها الثورة؟. واشار علاء غنام ان العلاج علي نفقة الدولة ليس خاضعا لرؤية استراتيجية بمقدار ما هو نظام مؤقت ينبغي تجاوزه بوضع نظام تأمين صحي شامل في إطار رؤية واعية وخطة واضحة المعالم تنطلق من مبادئ متفق عليها مجتمعيا وتحترم حق الإنسان في الصحة والحياة، ايضا طالب غنام بضرورة اعادة مناقشة نظام العلاج علي نفقة الدولة لانه نظام "معقد" يختص بالمواطنين الاشد فقرا والامراض المزمنة. علي الاقل 15% للقطاع اذا كان هناك خدمة جيدة داخل المستشفيات الحكومية لألغي نظام العلاج علي نفقة الدولة، هذا ما اشار اليه د. الهامي الميرغني الخبير بالجمعية المصرية للتشريع والاحصاء، مضيفا اذا كان اجمالي تحديد الموازنة 500 مليار اذن قطاع الصحة يحتاج مالايقل عن 75 مليارا اي فيما يقارب 15% ، وان ال24 مليارا المخصصة بالميزانية لاتمثل الا ثلث المطلوب تخصيصه وبالتالي لن يحدث اي تغيير نظرا لزيادة عدد السكان وارتفاع اسعار الادوية والاجهزة الطبية ومرتبات الاطباء وغير ذلك من متطلبات عاجلة لاتستطيع هذه الموازنة تغطيتها في ظل انفاق ضعيف، وتساءل الميرغني ما الجديد هنا واين دور الثورة ونحن لم نلاحظ اي تغيير او تحسين اوضاع بعد تحديد الموازنة. ومن هنا طالب الميرغني بضرورة زيادة الانفاق الصحي الي 15% حتي يحدث تغيير وصولا لكل المحتاجين للخدمة الصحية. اصبح الشعب المصري خلال الفترة الماضية وتقريبا 50% منهم لم يحظوا بأي رعاية صحية، وهذا ما تطرق اليه د. اسامة عبد الخالق الخبير الاقتصادي بجامعة الدول العربية، وان هناك 70% من الميزانية لتغطية سداد الدين العام لدعم الاجور والانفاق العام اي مايعادل حوالي 400 مليار، اما ال30% والتي تمثل المساحة المحدودة تتحرك فيها الحكومة وهو مايعادل 120، 130 مليار جنيه مصري ويمثل الفائض المسموح لتغطية جميع القطاعات ومنها الصحة والتي لابد الا يقل مخصصاتها عن 20% من هذا الدعم واضاف عبد الخالق ان هذه النسبة غير كافية ايضا! دور المنظمات العالمية وطالب اسامة عبد الخالق بضرورة الاستعانة بالمنظمات العالمية لرعاية حقوق الانسان والمنح المتعلقة بالصحة والبيئة علي الاقل لفترة خمس سنوات حتي تسطيع مصر ان تخرج من عنق الزجاجة لاسترداد عافية الاقتصاد ومن ثم القدرة علي الوفاء بالاحتياجات. مضيفا أن الحكومة توسيع مدارك التطلعات والاتصالات لتعويض هذا الفارق في اسرع وقت، خاصة ان هناك عدة دول علي استعداد لتقديم مساعدات مادية لمصر لخروجها من الازمة.