مطلوب إنشاء وزارة مستقلة ورد 435 مليار جنيه استولي عليها النظام السابق تتعالي أصوات خبراء التأمين والاقتصاد المهتمين بقضية أموال التأمينات الاجتماعية يتهمون النظام السابق وحكومة رجال الأعمال بالاستيلاء علي أموال التأمينات المملوكة لأصحاب المعاشات والتي تقدر بنحو 435 مليار جنيه وضمها لوزارة المالية ويطالبون باستقلال هيئة التأمينات الاجتماعية وإعادة النظر في تبعيتها لوزارة المالية، فمنذ أن صدر القرار بضم وزارة التأمينات إلي المالية التي يتولي وزيرها في الوقت نفسه رئاسة مجلس إدارة بنك الاستثمار القومي المودعة فيه أموال التأمينات والنقاش الممزوج بالخوف والقلق المحتدم مستمر حول خطورة هذا القرار علي حقوق المؤمن عليهم من أصحاب المعاشات.. القرار جاء لإتمام السيطرة علي أموال صناديق التأمينات الاجتماعية وإسقاط ديون الحكومة للتأمينات واسباغ المشروعية علي سلب هذه الأموال. ورغم أن القضية وصلت إلي ساحات القضاء.. وتبناها عدد من نواب البرلمان الأسبق.. ورغم أن الجميع رفض فكرة أن تصبح وزارة المالية هي الدائن والمدين في الوقت ذاته وأن تجمع الحكومة بين مدخرات التأمينات وأموال الخزانة العامة حتي تضمن بذلك الحصول علي ما تريد دون أن يراقبها أحد. ورغم سقوط النظام الفاسد ورحيل حكومته فإن شيئا لم يتغير ونظرا لخطورة القضية كان من الضروري التعرف علي الأسباب التي دعت النظام السابق إلي اتخاذ هذا القرار، وكيف يتم التصرف في أموال التأمينات منذ صدور القرار، وما مصير الأموال التي اقترضتها الحكومة ولم تسددها حتي الآن. المسئولون الحكوميون في النظام السابق أكدوا أن الوضع القانوني للصندوقين لم يتغير والذي حدث مجرد نقل تبعية الهيئة لوزير المالية بدلا من وزير الشئون الاجتماعية، وأن الأموال مصانة وحقوق أصحاب المعاشات مضمونة والقضية مجرد إعادة تنظيم لإدارة تدفقات هذه الأموال بهدف تطوير النظام التأميني. أما خبراء التأمين والمهتمون بالقضية فأكدوا أنه بعد استيلاء الحكومة علي أموال التأمينات التي تجاوزت 435 مليار جنيه بدأت تبحث عن غطاء رسمي لاسدال الستار نهائيا علي عملية نهب أموال التأمينات فطرحت أولا فكرة استبدال ديونها للتأمينات بملكية شركات القطاع العام وهو الاقتراح الذي اقترحه د. عاطف عبيد رئيس الوزراء الأسبق، ولكن اكتشف الخبراء وقتها إن هذه العملية مجرد خدعة من جانب الحكومة بعد أن اتضح أن حصيلة بيع أصول الحكومة حتي نهاية عام 2003 لم تتعد 6ر16 مليار جنيه في حين أن دين الحكومة للتأمينات وقتها كان يزيد علي 270 مليار جنيه. بعد ذلك ومع قدوم وزارة تطبق الثانية جاء السيناريو الذي فرضه الرئيس السابق مبارك حيث بدأت الحكومة مرحلة جديدة ليس فقط للتخلص من ديون الحكومة للتأمينات بل للإجهاز بشكل كامل علي مظلة التأمين الاجتماعي ذاتها وصدر القرار الجمهوري رقم 424 لسنة 2005 بتشكيل وزارة «نظيف» الثانية والذي تضمن إلغاء وزارة التأمينات وضمها لوزارة المالية وأصبح وزير المالية الذي استولي علي الأموال هو المتحكم في أموال التأمينات نفسها وهنا تكمن الخطورة حيث تم الخلط بين أموال التأمينات الخاصة والمال العام. غير قابلة للمساومة وأكد البدري فرغلي رئيس اتحاد أصحاب المعاشات أن القضية والأموال الضائعة والحقوق المهدرة ليست قابلة للمساومة أو التأجيل وأنه ومن ميدان التحرير في الاحتفال بعيد العمال سوف يطالبوا أصحاب المعاشات بفصل التأمينات عن وزارة المالية وإنشاء وزارة جديدة للتأمينات ورد مبلغ 435 مليار الذي استولي عليه وزير الجباية في النظام السابق يوسف بطرس غالي، الذي أباد تلك الأموال وحولها إلي أذون خزانة وديون حكومية وأنفق منها علي جميع المشروعات الفاشلة، وضخ منها أموالا ضخمة لأصدقاءه والمقربين منه ومن الوريث المحبوس لمشروعاتهم مما أدي إلي تجريف بنك الاستثمار القومي. وقال إنه لابد من صدور مرسوم بقانون بهذا الفصل كما حدث في فصل وزارة الآثار عن الثقافة مع الإشارة لأن مطلبنا أكثر حيوية وأهمية، كما سنطالب - كما قال البدري - باستبدال الأوراق بأصول مادية لمشروعات صناعية رابحة وإن كان ميدان التحرير قد استقبل مليون مواطن في ثورة الخامس والعشرين من يناير فاليستعد لاستقبال ثمانية ملايين من أصحاب المعاشات مستعدين للاعتصام حتي استرداد حقوقهم وأموالهم التي لهفها ونهبها النظام الساقط السابق. مخالفا للدستور وأكد د. شكري عازر المنسق العام للجنة الدفاع عن أموال التأمينات أن القرار منذ صدوره يمثل مخالفة صريحة للدستور وهذا الكلام أكدته أيضا د. أمينة الجندي وزيرة التأمينات السابقة في تصريحات بجريدة الأهرام يوم 30/3/2007، كما أكدت المحكمة الدستورية العليا في العديد من أحكامها أن أموال التأمينات مال خاص يستثمر لصالح المؤمن عليهم فقط، والملكية الخاصة مصونة بحكم الدستور ولا يجوز فرض الحراسة عليها أو الاستيلاء عليها إلا في الأمور المبينة في القانون وبحكم قضائي، وحق الارث فيها مكفول وفقا لنص المادة 34 من الدستور، وإذا علمنا أن أموال التأمينات والمعاشات المتراكمة قد وصلت إلي 435 مليار جنيه وأن وزارة المالية استولت عليها فمعني هذا- والكلام ل د. شكري عازر- أن الدائن هو الحكومة ويمثلها وزير المالية والمدين هم أصحاب المعاشات ويمثلهم أيضا وزير المالية مما يعطيه فرصة لكي يتلاعب بالدين والسعي لعدم سداده لأصحابه، وهو ما عبر عنه المرحوم الاستاذ المحامي الكبير نبيل الهلالي قائلا «لقد اعطوا القط مفتاح الكرار». السيناريو الأسوأ وانتقد خالد علي المحامي، ورئيس المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ما سماه السيناريو الأسوأ الذي فرضه الرئيس السابق مبارك لتصفية وزارة التأمينات وجمع بين مدخرات التأمينات والخزانة العامة في وزارة واحدة مشيرا إلي أن الهدف الحقيقي من عملية الضم ليس تطوير النظام التأميني كما يدعون وإنما هدفه اخفاء دين التأمينات لدي الخزانة العامة من الدين العام المحلي فقد ذهبت دراسة أعدها مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء والتي اقترحت هذا الدمج حتي تتخذ الموازنة مع التأمينات، ومن ثم تحدث مقاصة بين دين التأمينات علي الموازنة فيقل الدين العام المحلي الحكومي، وهو ما حدث بالفعل فعندما بلغت ديون التأمينات لدي الحكومة 430 مليار جنيه مما أدي إلي رفع حجم الدين الداخلي إلي 600 مليار جنيه ليصل بذلك إلي حدود غير أمنة للاقتصاد المصري قام د. بطرس غالي وزير المالية الأسبق بإصدار القرار 272 لسنة 2006 والذي تضمن تعديل المادة 218 من اللائحة التنفيذية لقانون الموازنة العامة رقم 53 لسنة 1973 وجعل ايرادات التأمينات جزءا من ايرادات الموازنة العامة للدولة ومصروفات التأمينات جزءا من مصروفات الموازنة العامة للدولة وبهذا أهدر استقلالية موازنة التأمينات وهي أموال خاصة ملك المؤمن عليها. وأوضح خالد علي أن حكومات الحزب الوطني سعت إلي اخفاء هذا الدين بهذه الطرق رغم عدم دستوريتها ولذلك نطالب بفصل أموال التأمينات عن الخزانة العامة للدولة ووزارة المالية ومنحها الشخصية الاعتبارية المستقلة واتباعها لإشراف مجلس الشعب مباشرة وتحت رقابة الجهاز المركزي للمحاسبات علي أن يديرها مجلس إدارة مستقل يتم اختياره والتصديق علي أعماله وطرح الثقة فيه سنويا من خلال جمعية عمومية تمثل الشركاء أصحاب المصلحة (المؤمن عليهم وأصحاب المعاشات) ومنظمات المجتمع المدني والحكومة علي ألا يزيد عدد ممثلي الدولة بكل أجهزتها فيه علي 25% من اجمالي عدد اعضاء الجمعية العمومية مقابل تحملها للمصروفات الإدارية والاجور للعاملين بكل الاجهزة التأمينية. فض الاشتباك وفي دراسة حول مشاكل التأمينات الاجتماعية أكد د. أحمد حسن البرعي وزير القوي العاملة أن أي حديث عن تطوير أو تفعيل للتأمينات الاجتماعية يتطلب أولا فض الاشتباك بين أموال التأمينات والخزانة العامة عن طريق أن تكون هيئة التأمينات هيئة مستقلة لها لوائحها الخاصة ومجلس إدارة مشكل علي نحو يكفل تمثيل المؤمن عليهم تمثلا صحيحا وتقوم بإدارة الأموال الخاصة بالمؤمن عليهم. مطلوب وزارة للتأمينات وأكدت د. ليلي الوزيري رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين والمعاشات ضرورة عودة وزارة التأمينات الاجتماعية كما كان الأمر في عام 1973 والتي تتولي الإشراف والرقابة علي هيئة تأمين المعاشات للعاملين بالقطاع الحكومي وهيئة التأمين الاجتماعي للعاملين بالقطاع الخاص، وذلك بعد فصلهما وأن تقوم الوزارة أيضا بالتخطيط والتشريع للتأمين الاجتماعي وإعداد التمويل اللازم للمزايا التأمينية من خلال إدارة خاصة تضم خبراء اكتواريين. قصة ضم التأمينات للمالية واستعرض د. محمد عطية وكيل أول وزارة التأمينات سابقا قصة ضم أموال التأمينات إلي الخزانة العامة موضحا أنه مع استمرار اعتماد الخزانة العامة علي فوائض صندوقي التأمين الاجتماعي في تمويل عجز الموازنة العامة للدولة وتضخم حجم مديونية وزارة المالية للهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، وكشف دور بنك الاستثمار القومي في هذا المجال الذي كان موثقا بقيود دفترية، وفشل وزير المالية السابق ومساعدوه في وضع حل لمشكلة تزايد الدين العام اقترح هذا الفريق الحل العبقري لاخفاء هذه المديونية بالاتفاق مع فريق البنك الدولي عام 2005 وصدرت الوثيقة البيضاء عن البنك الدولي التي تضمنت الخطوات التي نفذها بدقة وزير المالية السابق، وبحملة شرسة في وسائل الإعلام قادها الوزير ومساعده الذي مازال يعمل إلي جانب وزير المالية الحالي علي نظام التأمين الاجتماعي المطبق حاليا في محاولة لتشويهه بإدعاءات كاذبة لتضليل الرأي العام والتمهيد لإصدار القانون رقم 135 لسنة 2010 قانون التأمينات والمعاشات وصاحبت هذه الحملة خطوة تنفيذية بإصدار القرار الوزاري رقم 272 لسنة 2006 بتعديل اللائحة التنفيذية لمشروع الموازنة العامة للدولة والذي يهدف إلي تعديلات علي لائحة موازنة الدولة لكي تذوب فيها الأرصدة المتراكمة لأموال احتياطيات نظام التأمين الاجتماعي (435 مليارجنيه) والتي عجزت وزارة المالية عن ردها لصناديق التأمين الاجتماعي وعجزت بذلك عن حل مشكلة الدين العام المحلي وكان الحل العبقري هو نقل أعباء والتزامات الخزانة العامة الصادرة بقوانين إلي صناديق التأمين الاجتماعي وإظهارها في صورة العجز رغم أنها تحقق فائضا وفقا لالتزاماتها الواردة بالقانون. وأضاف د. محمد عطية أن إلغاء وزارة التأمينات ونقل تبعية صناديق التأمينات إلي وزارة المالية والقرار الوزاري رقم 272 لسنة 2006 يهدف أيضا إلي التحول من النظام التراكمي الحالي في تكوين الأموال ودفع المعاشات والذي يقوم علي أن يدفع المؤمن عليهم الاشتراكات وتكوين احتياطيات مالية يتم استثمارها ومن ريع الاستثمار تدفع المعاشات إلي نظام الموازنة السنوية (الدفع عند الاستحقاق) والذي يقوم علي تحصيل الاشتراكات وادراجها في الموازنة العامة للدولة وتتكفل الدولة بدفع المعاشات. وحذر د. عطية من مخاطر هذا التحول مؤكدا أن نظام الدفع عند الاستحقاق هو الأسلوب الذي تراجعت عنه أغلب دول العالم المتقدم نظرا لإثارة السلبية علي أعباء الخزانة العامة، فنجد أن تلك الدول تلجأ لتأجيل هذه الأثار عن طريق رفع سن التقاعد القانوني إلي 65 أو 67 أو 70 سنة وهو ما تضمنه القانون الجديد للتأمينات والمعاشات. وأخيرا أوضح د. عطية أن القرار الوزاري رقم 272 لسنة 2006 يهدف إلي إضافة بند ايرادات تأمينية لتشتمل علي كل ايرادات نظم التأمين الاجتماعي وبند مقابل له باسم مصروفات تأمينية للصرف منه علي كل ما يطلق عليه اسم معاش سواء كان وفقا لأحكام قانون التأمين الاجتماعي أو أي قوانين أخري وبالتالي اختلطت التزامات صناديق التأمين الاجتماعي وفقا لأحكام القانون بالتزامات الخزانة العامة الصادرة بقوانين أخري مما يؤدي إلي إظهار الصناديق في حالة عجز مالي باستمرار. وطالب د. عطية بضرورة تحرر صناديق التأمينات من سيطرة وزارة المالية وإنشاء وزارة للتأمينات تضم الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي والهيئة المصرية للرقابة علي التأمين وشركات التأمين التجاري. ومعالجة مشكلة الأرصدة المتراكمة لدي بنك الاستثمار القومي، إما بردها تدريجيا مع استمرار سداد العائد المناسب أو إصدار سندات تضمن هذه الأموال واستمرار العائد حتي تتمكن الصناديق من مواجهة التزاماتها وتطوير مزاياها وليس مجرد اصدار صكوك تتحكم فيها وزارة المالية.