الدفاع عن الكرامة أنظمة الحكم العربية فشلت في تحسين مستوي معيشة أغلبية مواطنيها. . كما فشلت في توفير الحريات العامة، وفي تحقيق الحد الأدني من المشاركة الشعبية في صنع القرار، وفشلت أيضا في التلويح بالأمل لعامة الناس. ولم تنجح هذه الأنظمة سوي في شيء واحد: الاحتفاظ بالامتيازات التي يتمتع بها اقطابها وتوزيع الغنائم علي الاتباع، وفرض ديكتاتورية القمع وامتهان كرامة المواطنين. وليس من المصادفة أن يكون الشعار الرئيسي للانتفاضة التونسية: «خبز. . وحرية. . وكرامة وطنية» في مواجهة حكم مستبد. . فشل اجتماعيا واقتصاديا ورفع الأسعار وأثقل طبقات الشعب بأعباء الخصخصة وتراجع القطاع العام وتراكم الديون واستفحال البطالة والتهميش الاجتماعي. . إلي جانب كبت حرية الرأي. في إحدي البرقيات السرية التي كشف عنها موقع ويكيليكس الشهير والمؤرخة في يونيو 2008 جاء ما يلي: «سواء كانت الرشوة نقودا أو خدمات أو أرضا أو ممتلكات أو حتي. . يختا. . فالشائع عن عائلة «زين العابدين بن علي» أنها تسعي إليها، ويقال إنها تحصل عليها»! فقد تغلغل الفساد في موقع الرئاسة والدائرة المحيطة بها. وكان من الطبيعي ، في ظل حكم المافيا، أن يفقد النظام الحاكم أي صلة مع الشعب التونسي، وخاصة أن الدولة البوليسية ابتدعت مختلف الوسائل والأشكال لإهدار حقوق الإنسان، كما حدث مع بو عزيزي الذي تعرض للضرب المبرح والإهانات علي يد الشرطة. هكذا فقد النظام الحاكم في تونس قدرته علي توظيف القمع لأن شرائح اجتماعية تمثل الأكثرية تخلصت من صمتها لتفجر غضبها. . إلي الحد الذي جعل الأمور تفلت من أيدي أجهزة القمع والقتل بعد أن أصبحت الغضبة الشعبية أقوي وأكبر من طاقة رجال أمن النظام. وإلي جانب غياب العدالة والنزاهة. . فشلت انظمة الحكم في توقع الأزمات ووضع الحلول لها قبل تفاقمها. ولم يكن هناك في تونس أو العالم العربي والخارجي من يتصور إمكانية إسقاط رئيس الجمهورية وحكومته بهذه السرعة. فقد كان الانطباع العام عن هذه الأنظمة أنها متماسكة وراسخة . . فإذا بها تنهار مثل كومة من القش! وهنا أتذكر عبارة ماوتسي تونج عن «النمور التي من ورق». . وإذا بتونس تشهد خلال 23 ساعة ثلاثة رؤساء أي عدد أكبر مما كان عليه الحال طوال ال 23 سنة السابقة، التي لم تشهد سوي رئيس واحد. ورئيس طوال 55 سنة! الحكام الديكتاتوريون يفقدون شرعيتهم، وكل وسائل القمع عاجزة عن ابقاء الجماهير. . مكبوتة. وفي تونس والجزائر والأردن. . نشهد انبعاثا لحيوية جديدة، وتآكل الاحترام للأوضاع القائمة، ونجد قناعة لدي الشباب بأن الدماء الزكية التي سالت، وغيرت وجه البلاد، لابد أن تخلق بلداً جديداً حتي يشعر الشهداء بأن مواطنيهم لم يخذلوهم وبأنهم يقدرون تضحياتهم النبيلة. والمؤكد أن التاريخ تحرك في تونس، ولن تستطيع أي قوة وقف أو تعطيل مسيرته.