الحزب.. والديمقراطية الداخلية فوجئت منذ أيام بعدد من الزملاء الصحفيين المتابعين للنشاط الحزبي في مصر والذين يعملون في صحف مختلفة يتصلون بي ليتساءلوا.. «هل صحيح ما تردد من أن حزب التجمع لن يفصل أمناء المحافظات الذين عارضوا موقف الحزب من استمرار المشاركة في انتخابات الإعادة ووجهوا نقدا للقيادة المركزية للطريقة التي أدارت بها الموقف من انتخابات مجلس الشعب وطالبوا بطرح الثقة بها أمام اللجنة المركزية؟»، كان التساؤل غريبا وغير مفهوم سببه، ففي حدود علمي لم يطرح أحد في القيادة المركزية للحزب ولم يثر داخل أي من الهيئات القيادية المركزية، وجود أي مخالفات تنظيمية من أمناء أو أمانات المحافظات أو أعضاء في القيادة الحزبية تفرض التحقيق مع مرتكبيها وتوقيع العقاب عليهم، فما بالنا بإصدار قرار بفصلهم! ويبدو أن من أثار هذا التساؤل لا يعرف طبيعة حزب التجمع ومنهجه في العمل ولائحة نظامه الداخلي، وهي الأمور التي حفظت للتجمع وحدته وحمته من فيروس الانشقاقات والانقسامات طيلة تاريخه الذي يمتد 34 عاما حتي الآن. وبداية فقرار خوض انتخابات مجلس الشعب صدر عن الأمانة العامة وبأغلبية كبيرة، وتضم الأمانة العامة كل أمناء الحزب بالمحافظات وأعضاء المكتب السياسي والأمانة المركزية وممثلي الحزب في مجلسي الشعب والشوري، وإن لم تخني الذاكرة فقد عارض خوض انتخابات مجلس الشعب من أمناء المحافظات خلال هذا الاجتماع ثلاثة أو أربعة علي الأكثر (أمناء المحافظات عددهم 25 وعدد أعضاء المكتب السياسي والأمانة المركزية 34)، أما قرار الاستمرار في خوض انتخابات الإعادة وعدم الانسحاب من جولة الإعادة - وهو قرار يؤكد قرار الأمانة العامة - فقد صدر عن اجتماع مشترك للمكتب السياسي والأمانة المركزية نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة (55) من لائحة الحزب «إذا دعت الضرورة إلي ذلك»، وقد دعا رئيس الحزب لهذا الاجتماع بناء علي اقتراح أعضاء في مجلس الرئاسة والأمانة العامة طرحوا الانسحاب من جولة الإعادة بعد أن حقق الحزب هدفه من خوض انتخابات مجلس الشعب والذي حدده في كشف التزوير وهزيمته إن أمكن وكسر الحصار المفروض علي الأحزاب السياسية والاتصال المباشر بالجماهير وطرح برنامج الحزب ومواقفه عليها وكسبها إلي جانبه، وصوت الاجتماع إلي جانب الاستمرار في المعركة الانتخابية بأغلبية 10 إلي 9، خاصة أن الزملاء الذين كانوا يخوضون معركة الإعادة ومعهم الزميل الذي حقق الفوز كانوا مجتمعين علي الالتزام بقرار الأمانة العامة والاستمرار في المعركة عدا زميل واحد، إذا فالقرار لم يكن قرار فرد أو مجموعة في المركز، وإنما كان قرارا حزبيا صحيحا من الناحية التنظيمية. ومناقشة قرار خوض انتخابات مجلس الشعب وقرار الاستمرار في جولة الإعادة وتقدمهما والاختلاف مع أحدهما أو كلاهما حق طبيعي ولائحي لأعضاء الحزب وهيئاته ومستوياته المختلفة، وتنص المادة (7) من اللائحة علي أن «حرية النقاش داخل حزب التجمع مكفولة بالكامل لكل أعضائه وعلي مختلف مستوياته»، وما طرحه عدد من أمناء المحافظات الذين اجتمعوا في دمنهور ومثلهم في أسيوط - وبصرف النظر عن الخلاف حول لائحية مثل هذه الاجتماعات - وكذلك ما طرحته أمانة الحزب بالجيزة، يدخل في إطار حرية النقاش وحق الاختلاف والنقد، بما في ذلك طلب طرح الثقة - أو سحبها - من القيادة المركزية في اجتماع اللجنة المركزية القادم (خلال يناير أو فبراير 2011)، وهو الطلب الذي تفصل فيه الأمانة العامة عند اجتماعها في 8 يناير القادم أو اللجنة المركزية عند انعقادها في حال لم توافق الأمانة العامة علي إدراجه في جدول أعمال اللجنة المركزية، وطلب سحب الثقة من رئيس الحزب هو حق أيضا لأعضاء الحزب وهيئاته، ولائحيا فمناقشة مثل هذا الأمر يكون في المؤتمر العام للحزب، فرئيس الحزب هو الوحيد «لائحيا» الذي يتم انتخابه من المؤتمر العام مع أعضاء اللجنة المركزية. أما التحقيق مع قيادات وأعضاء الحزب وتوقيع عقوبة عليهم، فهو أمر وارد في حالات محددة نصت عليها المادة 64 من لائحة الحزب في باب «الانضباط»، هي.. الخروج عن صيغة التجمع أو عدم الالتزام بمبادئه أو برنامجه العام - عدم الالتزام بأحكام لائحة النظام الداخلي للحزب - عدم الالتزام بقرارات الهيئات القيادية - ارتكاب فعل مخل بالشرف أو يضر بسمعة الحزب بين الجماهير - الانضمام إلي تنظيم أو حزب سياسي آخر، وانتقاد أمناء أو أمانات الحزب في عدد من المحافظات لقرار المشاركة في انتخابات مجلس الشعب أو في جولة الإعادة لا يدخل ضمن الممارسات التي تخضع للمساءلة التأديبية، بل هي حق أصيل لكل أعضاء الحزب وأماناته. والعقوبات المنصوص عليها في اللائحة تندرج من لفت النظر إلي اللوم أو الوقف عن مباشرة النشاط الحزبي لمدة لا تزيد علي ستة أشهر أو التنزيل من المستوي الحزبي لمستوي أدني وصولا إلي الإنذار بالفصل من عضوية الحزب والفصل من عضوية الحزب، وتحيط بعقوبة الفصل بصفة خاصة قيود عدة تصل إلي اشتراط موافقة ثلثي أعضاء اللجنة المركزية بعد تحقيق تجربة لجنة الانضباط الحزبي علي فصل أي من أعضاء اللجنة المركزية، وأمناء المحافظات جميعا أعضاء في اللجنة المركزية والأمانة العامة. إذن فالكلام غير المسئول عن محاسبة أمناء المحافظات عن اختلافهم في الرأي مع القيادة المركزية أو مطالبتهم بطرح الثقة بالقيادة، كلام أجوف ولا أساس له، فما بالنا بالحديث عن الفصل أو عدم الفصل. إن قوة حزب التجمع ووحدته تتأكد دوما بديمقراطيته الداخلية واحترام الأقلية للأغلبية وحرص الأغلبية علي حق الأقلية في الاختلاف وطرح رؤيتها والترويج لها بالوسائل التنظيمية المنصوص عليها في اللائحة.