لدى بريطانيا وهي تنتظر انتخابات عامة السنة المقبلة ، أسبابها الامنية والسياسية الرافضة لاعادة مناخ ترك الباب مفتوحاً امام جماعات جهادية وأخرى تدعي الخطاب المعتدل ، لكنها في عمق القلب الفكري تحتضن التطرف بكل أشكاله . بريطانيا في حقبة الثمانينيات وخلال الحرب الافغانية ضد السوفيات ، احتضنت الجماعات الجهادية ، لأن الهدف واحد وهو التصدي لليسار المحلي في بريطانيا ذاتها أو خارج الحدود . وجدت الطبقة والمؤسسة السياسية في جماعات الاسلام السياسي الوسيلة القادرة على التحريض ضد السوفيات تحت دعاوى تحالف أهل الكتاب ضد الروس الكفار . سمحت هذه الفترة بنمو جماعات الاسلام السياسي في بريطانيا ونتيجة أيضاً وجود أنظمة في باكستان ساندت الجهاد الاسلامي ضد السوفيات ، خصوصاً بعد الاطاحة بالرئيس الافغانستاني علي ذو الفقار بوتو وصعود ضياء الحق المعادي لليسار والذي قاد حملة شرسة ، كانت لها أكبر الاثر في نمو تيارات باكستانية نشأت على الأرض الافغانية من خلال دعوات الجهاد . الصراع في افغانستان ظل الأمن البريطاني يتجاهل نمو جماعات التطرف الاسلامي ، طالما أن نشاطها موجه إلى الخارج نحو الجزائر ومصر وعدة دول أخرى . كان هناك ما يشبه التحالف وفتح الأبواب أمام نشاط هذه الجماعات التي نمت خلال الجامعات وفي قلب الجالية الباكستانية والعربية في مرحلة الوفاق بين الغرب والقوى الجهادية ، لأن المعركة كانت واحدة خلال الحرب بين الشرق والغرب . مع خروج السوفيات من أفغانستان عاد الافغان العرب وغيرهم إلى بريطانيا وساحات أوروبية وبدأ هذا التيار يعبر عن تناقض ويجند باكستانيين وعرب لصالح الخطاب الذي تأجج خلال المعركة والصراع على الأرض الافغانية . بدخول بريطانيا اتسع حجم التناقض ، وكان لاحتلال النظام العراقي للكويت ، تحالف المنظمات الاسلامية مع هذه الخطوة في أول انشقاق داخل عرى التحالف الذي قاد المعركة ضد السوفيات في أفغانستان . لم ينتبه الامن البريطاني إلى نشاط هذه الجماعات في الداخل ، إذ كان حصل على تعهد منها بعدم توجيه نيرانها إلى الداخل البريطاني . وتم ترك هذه الجماعات لتحريك النشاط وقيادة معارك داخل مصر والجزائر وعدة دول أخرى ، لكنها حافظت على العهد بعدم النشاط في قلب بريطانيا . التيار الجهادي وعندما اختلف اسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة مع الحلفاء الغربيين بدأت تظهر خطورة التيار الجهادي في بريطانيا . وكانت عملية الهجوم على واشنطن ونيويورك من قبل التنظيم ، الاعلان عن فصل جديد حيث تصاعد الخلاف إلى مراحل مرتفعة مع غزو الغرب للعراق . في ظل هذه الاجواء ظهرت زعامات الجهاديين في لندن مثل أبو حمزة المصري وعمر بكري السوري بالاضافة إلى ابي قتادة الاردني . جاء حادث تفجيرات لندن عام 2005 ليغير موجات الريح الامنية ببدء مراقبة هذه الجماعات وتقديم بعضها للمحاكمة وطرد الآخرين خارج البلاد ، وهو ماحدث تجاه الثالوث أبو حمزة وبكري وأبي قتادة . بخروج هؤلاء وصدور قوانين مكافحة الارهاب بدأ غلق ملف الحقبة الافغانية ، لكن اندلاع الحرب في سوريا اعاد مرة أخرى خطاب الجهاد إلى الساحة البريطانية ، خصوصاً أن الحكومة في لندن تجاهلت حركة اعادة بناء نشاط الجيل الثاني من جهاديين استغلوا الموقف السوري لتجنيد الشباب البريطاني المسلم ودفعه للسفر إلى الاراضي السورية للقتال هناك والقيام بعمليات انتحارية . بدأت أجهزة الامن تتحدث عن مجاهدين بريطانيين في سوريا يصل عددهم إلى حوالي 400 مجاهد . وليس المهم العدد ، لكن مناخ التحريض على القتال الذي عاد مجدداً إلى الساحة وبدأت تظهر مجموعات تضم أطيافا متعددة من صوماليين وآخرين من شمال افريقيا ، بالاضافة إلى أفراد من الشيشان في ظل عودة نبرة خطاب الجهاد الذي ينتشر تحت قناع المنظمات الانسانية لمساعدة ضحايا الحرب في سوريا . المنقد التركي ثبت وجود البريطانيين يحملون السلاح ويقاتلون في سوريا مع وجود معسكرات للتدريب لتكوين الجيل الجهادي الجديد مع تأييد الغرب للحرب في سوريا ووصول هؤلاء المقاتلين إلى الاراضي السورية دون رقابة أمنية أو وضع ضوابط ، خصوصاً أن المنفذ التركي كان الباب المفتوح للتدريب وارسال المجاهدين الجدد . وقد تنبه الامن من خطورة عودة هؤلاء من سوريا واحتمالات قيامهم بنشاط في بريطانيا نفسها التي لا تزال تتذكر ما حدث في عام 2005 من تفجيرات سقط خلالها 52 قتيلاً . في ظل هذه الاجواء المشحونة ظهراتساع الظاهرة الاخوانية مع هروب قيادات من مصر وسعيها للاقامة في بريطانيا قادمة من تركيا أو قطر لتتجمع تحت راية التنظيم الدولي ووجود تمويل سخي ومشروعات اعلامية تجذب هذه القيادات بجانب التخطيط لوجود اخواني متشعب يستفيد من تراكم تاريخي طويل للجماعة في بريطانية استطاع تأسيس مؤسسات والتغلغل داخل جامعات ومعاهد والحياة الاكاديمية مع نشاط واضح في الساحة الاقتصادية . تضخم الظاهرة الاخوانية مع احتمالات زيادة العدد والمؤسسات ، دق جهاز الانذار داخل أروقة الامن في فترة تستعد خلالها الحكومة لدخول انتخابات عامة السنة المقبلة ، مع اتهامات من حزب الاستقلال للحكومة بأنها ضعيفة ولا تراقب الحدود وانها غير مدركة للاخطار الامنية ، مع تحذير من موجة جديدة لظاهرة لندنستان التي تكونت في المرة الاولى في ظل توابع الحرب داخل أفغانستان ضد السوفيات وعودة المجاهدين من الاراضي الافغانية إلى لندن واستفحال ظاهرة التطرف التي انفجرت عبر قنابل تم وضعها داخل شبكة المواصلات العامة في يوليو عام 2005 . هذا العامل الذاتي البريطاني هو الذي دفع ديفيد كاميرون رئيس الوزراء لبحث الملف لكله ومدى خطورته على الامن البريطاني ، لان هناك حالة من القلق البالغ داخل الاجهزة الامنية ، لأن مكتب الاخوان سفارة المرشد في لندن تجذب عناصر جهادية أخرى من الصومال والشيشان والجزائر ، تظهر خلال تظاهرات الجماعة ضد مصر في بريطانيا . وقد تجمعت أطياف الجهاد الاسلامي والتي انتعشت بسبب الحرب في سوريا في محاولة لاستغلال الملف المصري ومواجهة حكومة القاهرة للجماعة الاخوانية وتصنيفها ضمن خانة الارهاب . اعلان كاميرون عن تشكيل لجنة تحقيق يعبر عن ادراك حزبه وحكومته لنيران هذا الخطر ، وانه لا يمكن السماح بعودة مناخ التحريض مرة أخرى والذي دفع بمجموعة من الجهاديين بوضع قنابل داخل لندن نفسها في عام 2005 . هذه المأساة الارهابية ماثلة في الذاكرة البريطانية . "الاخوان المسلمون في بريطانيا تحت مراقبة الامن والحكومة ، لأن أطياف الجهاد الاسلامي يتجمع حول مكتبهم في لندن ، مع وجود خطط للتوسع ، بحيث تكون العاصمة البريطانية مقر التنظيم الدولي لتنفيذ الخطة المرسومة لتحريك المظاهرات وتنظيم حملة تعبئة ضد مصر، ومن ناحية أخرى توجيه النشاط الارهابي الاجرامي في داخل القاهرة والمدن الاخرى لارهاق النظام المصري . هناك دول عربية صديقة لبريطانيا مثل السعودية ودولة الامارات مع مصر جرمت نشاط الاخوان وهذا عامل مساعد على تحريك لجنة التحقيق البريطانية لكن الفاصل الاهم هو ملف الامن البريطاني الداخلي وعوامل تتحدث عن خطورة ترك الاخوان ينقلون مقر التنظيم الدولي إلى لندن .