مخاوف من تجديد الأزمة الأفغانية وعودة الإرهاب إلى الشارع البريطاني مجموعات متشددة تقود مسيرة التطرف والانغلاق واستغلالها للصراع السوري لندن – يسري حسين عانت بريطانيا من توابع الحرب التي اندلعت في افغانستان بين المجاهدين وقوات الاتحاد السوفيتي آنذاك، غير أن تلك الحرب استقطبت عناصر بريطانية اتجهت إلى الاراضي الافغانية بدافع من الجهاد ضد السوفييت وتحرير دولة مسلمة أسيرة . بعد انسحاب القوات السوفيتية من أفغانستان عاد جهاديون بريطانيون إلى بلادهم ، غير أن الخبرات القتالية التي حصلوا عليها من الساحة الافغانية جاءت معهم إلى الحياة البريطانية ومستمرة حتى الآن ، إذ ضخت القيادات التي عادت عقيدة الجهاد المسلح ، التي سريعاً ما تحولت من الوجهة الافغانية نحو الشارع البريطاني نفسه في عمليات قادها هؤلاء الجهاديون متأثرين بالخطاب الذي انتشر وأصبحت مظاهره واضحة في خطاب يحبذ الجهاد والانضمام إلى الكتائب التي توسع انتشارها من الشيشان وغيرها ويتركز الآن على الساحة السورية بوضوح . تقول الارقام إن حوالي 400 جهادي بريطاني ذهبوا إلى سوريا والتحقوا بمنظمات تعمل هناك على رأسها جبهة النصرة وأخرى تعد الامتداد والفروع لتنظيم القاعدة الذي تحاربه الحكومة في لندن . وعلى الرغم من أن القانون في بريطانيا يجرم الالتحاق بمنظمات جهادية ، غير أن هؤلاء سافروا إلى سوريا تحت غطاء مساعدة جمعيات خيرية لتقديم العون والمساندة للسوريين وهم يواجهون عنف النظام هناك ، غير أن العشرات من هؤلاء انخرطوا في صفوف الجهاد التي استقطبت عناصر بريطانية وأخرى أوروبية وأمريكية . وقد سقط بريطانيون في عمليات قتالية ، وقامت قوات الامن بتفتيش منازلهم في لندن للبحث عن أدلة ترتبط بخلايا نائمة قد تتحرك في أي وقت . تقول الاجهزة الامنية إن حوالي 200 جهادي بريطاني عادوا من سوريا وهم الآن على الارض البريطانية ، وتنظر إليهم الاجهزة المختصة باعتبارهم خطرا مرشحا للتحرك والعمل في أي وقت ، لأنه جرى تعبئة هؤلاء بخطاب متطرف خاطئ قد يتجه إلى العمل في بريطانيا واعتبارها ساحة قتال كما حدث من أعمال ارهابية شهدتها العاصمة البريطانية في يوليو عام 2005 . خلايا نائمة تمكنت أجهزة الامن من القبض على خلايا نائمة كانت تخطط لعمليات ، غير أن سياسة الاجهاض الوقائي تمكنت من وقف تنفيذ مخططات كانت معدة وتحركت الاجهزة بسرعة لضبطها قبل أن تتحرك . يطبق الامن خطة صارمة حتى لا تتكرر حوادث ارهابية أخرى مثل ما حدث في عام 2005 . والاجهزة الآن تضع قضية "العائدون من سوريا " على قمة ملفاتهم بهدف الوصول إلى حقائق مرتبطة بالقدرة على النشاط والعمل وأيضاً تبليغ رسالة واضحة إلى الجميع أن الملف كله تحت المراقبة والشرطة تضع خططا للوقوف على تحركات وضمان بقاء هذه المجموعات تحت السيطرة وقد شنت أجهزة الامن حملة أخيرة للقبض على، معظم باك وثلاثة آخرين ضمن خطة الهجوم الوقائي . ومعظم له سجله في دوائر الامن وقد احتجزته السلطات الامريكية في معتقل جوانتانامو لسنوات وكانت ألقت القبض عليه في افغانستان وعاد بعد اطلاق سراحه إلى بريطانيا في ظل مراقبة الاجهزة لنشاطه . وقد سافر إلى الحدود التركية السورية وقال إن رحلته هدفها انساني لتقديم اعانات لمنظمات الاغاثة هناك . غير أن معلومات الامن تشير إلى وجوده في معسكر للتدريب على القتال ، وهي تحقق معه لمعرفة دوره في تسهيل مهمة سفر لبريطانيين جهاديين إلى سوريا ومدى حقيقة النشاط الذي يقوم به وعلاقته بالاوضاع البريطانية نفسها . وقد حذر ريتشارد فارر رئيس جهاز أمن بريطاني لمكافحة الارهاب من خطورة هذه المجموعات العائدة من سوريا لأنها تشكل تهديداً للأمن نتيجة حصولها على خبرات قتالية وتصنيع المتفجرات ومن جانب آخر تشبعها بثقافة الجهاد التي تنشرها منظمات متطرفة تعمل على الارض السورية . عانى البريطانيون من نشاط أبو حمزة المصري الذي تم ترحيله إلى الولاياتالمتحدةالامريكية ، وهو جهادي عائد من افغانستان وظل في لندن ينشر افكاره التي استقطبت العشرات من الشباب المسلم ، حيث زرع في عقولهم الطبيعة الخاطئة للجهاد بالاعتداء على الآخرين وتصنيع المتفجرات والقيام بعمليات اغتيال لها الغطاء الشرعي وهي تدخل في نشاط اجرامي طبقاً للقانون البريطاني . كان أبو حمزة يسيطر على مسجد في لندن وحوله إلى خلية استقطبت شباباً في بريطانيا تأثروا بهذا النهج وعارضه رأي آخر حقيقي ينبع من الشريعة ذاتها يدعو للبناء وقبول الثقافات الاخرى والدعوة إلى الله بالكلمة والموعظة الحسنة . وقد انضم إلى أبو حمزة السوري عمر بكري الذي هرب من بريطانيا بعد صدور أمر بالقبض عليه وذهب إلى لبنان حيث يعيش الآن . وقد اعترف متطرفان قتلا الجندي البريطاني لي ريجبي بأنهما تأثرا بأفكار بكري وما طرحه عليهما من تصوره لمعنى الجهاد ، الذي يعترض عليه فقهاء مسلمون موجودون في بريطانيا وينتمون إلى مدارس الاعتدال وعلى رأسها الازهر الشريف . يدعو المسئول الامني تشارلز فارر إلى الحذر الشديد من وجود العائدين من سوريا ، ويقول إن الخطر المرتبط بهذه المجموعات يذكر البلاد بحادث الاعتداء على الولاياتالمتحدة في الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 . العائدون من سوريا يرى فارر أن هناك هذا التشابه بين مجموعات تأثرت بتعاليم تنظيم القاعدة ونفذت الهجوم على الولاياتالمتحدة ، ويقول إن مجموعات العائدين من سوريا لديها العقيدة نفسها والتي تحفز على استخدام العنف وهو الطريقة الوحيدة للتعبير عن هذه الاراء التي تصنف في خانة التطرف بكل اشكاله . جاء القبض على المجموعة الاخيرة ضمن خطة الشرطة لمعرفة أسرار موجة العائدين من سوريا ومدى تورطها في امتصاص اشعاع الجهاد ومحاولة تحويله إلى نشاط على الاراضي البريطانية بالمفرقعات وعمليات الاغتيال . شجعت الحكومة على التعبئة لصالح المنظمات الخيرية والانسانية لمساعدة السوريين في محنتهم ، وقد تسرب من هذه الشبكة عناصر شحنت الموقف في اتجاه آخر حيث عملت على حشد وترحيل الشباب من بريطانيا إلى الساحة السورية ضمن فرصة جاءت لتطبيق نظريات الجهاد التي تم نشرها في بريطانيا وطالت بعض الشباب من أصول باكستانية على وجه الخصوص . وهؤلاء يعيشون في بريطانيا ووجدوا في الصراع السوري ما يسمونه فرصة للجهاد هناك لتأكيد رؤيتهم للشريعة والاسلام بطريقة يعترض عليها المعتدلون سواء في بريطانيا أو خارجها في العالم الاسلامي . المعتدلون الاجهزة الامنية تضع هذا الملف أمامها حتى لا تتكرر مأساة فترة ما بعد الحرب في افغانستان والتي أدت إلى احتقان شديد في الاحياء الاسلامية وبعض الجامعات نتيجة خطاب وجد طريقه نحو المساجد والتجمعات المختلفة ويروجه دعاة مثل أبو حمزة المصري وزميله عمر بكري والاخر الاردني ابو قتادة الذي تم ترحيله إلى بلاده . وقد حاول المعتدلون اعادة المساجد إلى طبيعتها بأنها مؤسسات للدعوة الحسنة والحوار مع الآخرين ولا تشكل بؤراً للارهاب . حاولت الحكومة من جانبها تشجيع الحوار والعمل داخل الدوائر الاسلامية من أجل تحفيز العمل السياسي والدخول إلى البرلمان وممارسة الحوار بين المؤسسات ، وليس من خلال منظمات جهادية لا تعرف كيف تقرأ الواقع البريطاني من منظور التعايش والتوافق والبحث عن صيغة تعمق من التواصل ولا تؤدي إلى انفجارات داخلية كما حدث في لندن عام 2005 عندما وضع اربعة افراد قنابل داخل شبكة المواصلات العامة مما أدى إلى مقتل 52 شخصاً بالاضافة إلى جرحى بالمئات.