مناضلون يساريون د. فؤاد مرسي «1» «عندما عينت معاون نيابة عرفت أن أعين الأمن ستتعقبني، فقررت أن أخدعهم أعلنت وبكل الوسائل أنني قمت بحل الجماعة التي أسستها وأنا طالب في السنة الثانية بكلية الحقوق وهي «حركة الجيل الجديد» لكنني أخفيت وبمهارة التنظيم الشيوعي السري الذي اسسته وهو تنظيم الطليعة ، والذي انضم فيهما بعد إلي حدتو واشتهر باسم طليعة الإسكندرية». د. فؤاد مرسي «في حواره معي» ما أصعب وأجمل أن يكون أبوك حداداً. أنا شخصيا جربت هذه المعاناة والمتعة، فالحداد يظل طوال حياته قادرا وراغبا في تطويع الحديد. يضعه في النار حتي يلين ثم يطرقه بمهارة وقوة حتي يمنحه الشكل الذي يريد. يعاني الابن من صلابة الأب واصراره علي تطويع الابن حتي يستقيم بالطريقة التي يريدها هو. لكن الابن لا يلبث أن يستمتع بذات القدرة وذات المهارة .. تطوير الحديد. الأب اسطي حداد في ورش القباري ولهذا كان يسمونه الاسطي سيد مرسي الحداد. الأم رحلت وهو في الثانية وقامت خالته بتربيته ولكن وفق معايير تطويع الحديد. سنوات الدراسة الابتدائية شهدت تفوقه المبهر في مدرسة العروة الوثقي وكان ترتيبه الثالث علي القطر. وكذلك سنوات الدراسة الثانوية في المدرسة المرقسية ونال لتفوقه نصف مجانية وكان ترتيبه في الشهادة التوجيهية الرابع علي القطر. أما ترتيبه في ليسانس الحقوق فكان الأول. الوعي يأتي سريعا للطالب المجتهد والذي يقضي كل أوقاته أما في المذاكرة أو في القراءة ووقت طويل مخصص لتلاوة القرآن ومحاولة حفظه ، ويلمح عقله بإمعان صمود السوفييت في ستالينجراد وانتصارهم الأسطوري علي جيوش النازية . ومع ذلك يقترب قليلا من جماعة الإخوان والتقي حسن البنا لكنه يقول «منذ هذا الوقت المبكر أدركت خطورة استخدام الدين في العمل السياسي وادعاء أي سياسي أنه يتحدث باسم السماء» (في حواره معي). ثم يكون حادث 4 فبراير 1942 فينقلب علي الوفد فهو تربي علي يدي أبيه (الحداد) وتلقن استقامة الفعل الوطني وكثيرا ما كان أبوه يعرض عليه أحد رموز فخره وهو كارنيه عضويته في الحزب الوطني وعليه توقيع «محمد بك فريد». الفتي إذن في مفترق طريق. الإخوان رفضهم والوفد خذله والوطن يعاني والشعب يعيش حالة من البؤس. ولمح من بعيد طيف ستالينجراد وشموخ ستالين فقرأ سريعا في بعض الكتب الماركسية! ونقرأ «كان لدراسة الدساتير والقوانين والحريات والمساهمات الفذة للشريعة الإسلامية تأثير ضخم في حياتي. كما أن دراسة الاقتصاد السياسي، فتحت ذهني أنا وعدد من زملائي علي حقيقة النظم السياسية والاقتصادية من الرأسمالية إلي الاشتراكية . وأسسنا «حركة الجيل الجديد» لم نكن ماركسيين بل كنا نمثل دعوة وطنية ذات ميول اجتماعية غير محددة. لكن القراءات الاشتراكية ساعدت علي أن تتبلور لدي وجهة نظر اجتماعية خاصة بعد أن بدأت اتفهم الطبيعة الطبقية لمظاهر الاستعمار. ما هو؟ وما سبب وجوده في مصر؟ وكيف يوجد من المصريين من يصادقونه ويعملون في خدمته وهو يحتلنا، ومن هذا المنطلق اتجهت لقراءات الماركسية وقرأت البيان الشيوعي وترجمته إلي العربية » (من حوار معه أجرته جريدة الأهالي عدد 11-9-1985). هذا ما قاله فؤاد مرسي فماذا قالت أجهزة الأمن؟ إدارة المباحث العامة فرع النشاط الداخلي قسم مكافحة الشيوعية (سري جداً) الدكتور فؤاد السيد مرسي وشهرته الحداد أستاذ مساعد الاقتصاد بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية. يرجع تاريخه السياسي إلي سنة 1943 وقت أن كان طالبا في السنة الثانية بكلية الحقوق بجامعة الإسكندرية إذ أسس مع بعض طلبة الجامعة جماعة سياسية أطلق عليها إسم «حركة الجيل الجديد» للمطالبة بتحسين حال العمال والفلاحين وإحداث تغييرات في النظم التشريعية والاجتماعية والاقتصادية . وكان شعار الجماعة كالآتي: أيها الصانع اعمل لتكون لك آلتك، أيها الفلاح أرض الدولة ملك الجميع- أيها التاجر السوق المصرية لك وحدك. واتصل بعدد من عمال شركة مصر بكفر الدوار وكان يعقد الاجتماعات بالمقاهي والمحال العامة للدعوة لهذه الجماعة ، وضمت الجماعة عدداً من الاعضاء منهم : ابراهيم سعد عامر- عبد الجواد أبو زيد القرمي- محمد جلال جوجو- مصطفي عبد العظيم. وقد توقف نشاط الجمعية عام 1945 إثر تخرجه في الجامعة وسفره إلي فرنسا في بعثة دراسية» المصدر (حلف القضية 8 عسكرية عليا لسنة 1959- المتهم فيها فؤاد مرسي وآخرون ص 1045). وبعد هذا .. ماذا قال الأب الروحي في فرنسا؟ ريمون أجيون شيوعي أقام في مصر طويلا ثم غادرها عام 1945 إلي فرنسا حيث انضم إلي الحزب الشيوعي الفرنسي ليعمل في قسم الشرق الأوسط بالحزب وليكون مسئولا عن مجموعة من الطلاب المصريين الشيوعيين مقيمين في فرنسا. يقول في حواره معي محاذرا «أتي إلي فرنسا طلاب مصريون كثيرون بعد الحرب العالمية الثانية . وكان هناك مصريون سابقون مقيمون في فرنسا..وفي هذا الوقت تواجدت أنا ضمن مجموعة حزبية، كلفها الحزب الشيوعي الفرنسي للعمل في هذا المجال» (محضر نقاش اجريته معه).