الآن فى وسط مدينة أسوان هناك فى جنوب مصر يجرى على قدم وساق كل من المرض والموت الذى يُصدر بدوره الى كل أنحاء الوطن ، انها « ترعة كيما « التى تنقل مخلفات الصرف الصناعى لأكبر مصنع أسمدة كيماوية فى مصر والصرف الصحى للمدينة وتنتهى بها الرحلة الى النهر الخالد الذى ينقلها بدوره الى أجواف المصريين فيتجول هذا ليضرب أجسادهم بالامراض القاتلة الفتاكة مثل الفشل الكلوى والكبدى والسرطان. مأساة بيئية عند مصب مصرف كيما فى النيل لن تستطيع أن تصمد لمدة 3 دقائق من شدة رائحة مخلفات الصرف الصحى، انها مأساة بيئية وصحية. هذا الخطر المسمى «ترعة كيما « كانت مخرا للسيول فى الماضى ثم استغلها مصنع كيما فى صرف مخلفاته والذى يلقى بدوره فى النيل مباشرة. يشترك معها هيئة الصرف الصحى التى تلقى بالصرف الصحى لمدينة أسوان فى النيل ، ترعة كيما تمت تغطية أجزاء كبيرة منها للتجميل فقط فى عهد المحافظ السابق سمير يوسف والتى تكلفت 23 مليون جينه تقريبا وإقامة مشروع ضخم وهو ممشى اسوان الدولى « خان اسوان « مياه هذا المصرف تسير موازي للشاطئ بمسافة عشرة كيلو مترات تقريبا مما يعنى ان كل قرى ابوالريش قبلى تشرب مياه صرف مما أدى الى اصابة الكثير من اهلها بالفشل الكلوى والكبدى ، والغريب انه فى جولتنا مع المسئولين فى داخل المحافظة وجدنا أن كل مسئول يقوم بتبرأة جبهته من هذه الجريمة فتجد فى النهاية أنه لا مسئول. بلاغات ولا مجيب ويقول مصطفى الحسن طه رئيس مركز هشام مبارك الحقوقى باسوان ينبغي وقف هذه الجريمة التى تحدث في اسوان عن طريق ترعة كيما . حيث مصنع كيما يلقي مخلفاته ومستشفى اسوان العام ومستشفى الصدر ومطحن ناصر ومصنع الكوكاكولا ومحطة صرف صحي مدينة اسوان كل ذلك يلقى في النيل هذه الكمية الهائلة من النفايات وبعد الثورة نظم اهالى قرى مركز اسوان مثل ابو الريش قبلي وبحرى وبهريف والعقبة والخطارة والكوبانية وقفات احتجاجية لوقف التلوث واعتمدت الحكومة الحل العاجل بقيمة حوالى 140 مليون جنيه لحل المشكلة الا ان الفساد الذى نعاني منه اهدر هذه الملايين، ويضيف الحسن أنه يجب تقديم كل من اختلس واهدر هذه الاموال للمحاكمة. ويتابع رئيس المركز الحقوقى باسوان رفعنا قضية وكسبناها سنة 2000 حكما بغلق مصادر التلوث لكن محكمة الاستئناف الغت الحكم وحكمت بعدم لقبول لرفعها من غير ذى صفة والقضية مازالت فى النقض ويكمل المركز الآن يشارك فى حملة مع 25 جمعية من قرى مركز اسوان لوقف التلوث وقمنا بعمل مظاهرتين ومجموعة مؤتمرات في القرى ومازالت الحملة مستمرة خالد صادق رئيس حملة «ترعة كيما « بمحافظة أسوان ، يقول لقد أقامت المحافظة مشروع لنقل مخر ترعة كيما الى وادى العلاقى وكان المشروع سينفذ عام 2012 الا أنه توقف بسبب مشاكل فى محطات الرفع . والجريمة ما زالت تحدث ضد شعب مصر العظيم ، لقد حصدنا من هذا المرض والموت ، فمئات المرضى من الفشل الكلوى والكبدى يموتون سنويا ولا يتحرك أحد كله تمام على الورق فقط أكد محافظ أسوان مصطفى يسرى أن هناك حرصا من المحافظة على المصارحة والشفافية فى عرض الحقائق أمام الرأي العام دون تجميل وخاصة مع مشكلة مصرف السيل المسمى بترعة كيما والتى تمثل أكبر بؤرة تلوث تؤرق أهالى مدينة أسوان وزائريها مما يمثل تحدىا كبيرا لى كمحافظ منذ تحمل المسئولية منذ أشهر للقضاء على هذه المشكلة من خلال مشروع ضخم يعتبر مشروع قوميا لأسوان ولمصر كلها لأنه يحمى نهر النيل من التلوث , لافتاً إلى أنه بمجرد عرض المشكلة على المهندس إبراهيم محلب أستجاب على الفور بتخصيص 60 مليون جنيه من وزارة الأسكان منها 40 مليون جنية لتجديد وتطوير محطتي معالجة الصرف الصحي كيما 1 ، 2 بالإضافة إلى 20 مليون جنية لاستزراع 2000 فدان ضمن مشروع الغابات الشجرية بالعلاقي ، مما سيساهم فى رفع كافة كميات الصرف الصحى المعالج من مدينة أسوان والذى يصل إلى 56 ألف م3 يومياً والذى يلقى منه جزء فى مصرف السيل إلي أحواض التبخير بمشروع الحل العاجل لمشكلة مصرف السيل بالعلاقي والذى تم الانتهاء منه فى يناير 2013 بتكلفة 90 مليون جنيه , وأضاف محافظ أسوان بأن محطة كيما 1 تستوعب 21 ألف م3 / يوم من الصرف الصحى بجانب رفع كفاءة محطة كيما 2 والتي تستوعب بإجمالي 35 ألف م3 / يوم تبدأ من المحطتين بكيما , كما أنه بالتوازي فإنه قارب الانتهاء من مشروع تعديل مسار وصلة الصرف الصحي الخاصة بمعسكر الأمن المركزي لرفع الصرف الصحي من المعسكر إلى محطات المعالجة بكيما بعد أن كانت تلقي مخلفاتها في مصرف السيل حيث يضم المشروع طلمبات رفع وخط طرد سعة 12 بوصة وبطول 1300 متر وبتكلفة إجمالية 1،8 مليون جنيه ، مشيراً إلى أن ذلك يتواكب مع الانتهاء من تنفيذ مشروع تعديل مسار 22 وصلة رئيسية كانت تصب الصرف الصحي في مصرف السيل من بعض المناطق السكنية بعزب كيما ليصبح المصرف خاليا تماماً من أي مياه صرف صحي ، وخاصة بعد قيام شركة كيما أيضاً بتحويل الصرف الصناعي والصحي للمصنع والمستعمرة السكنية إلي شبكة المدينة منذ عام 2010 وذلك بتكلفة 6 ملايين جنيه , وتابع مصطفى يسرى بأنه فى نفس الوقت تم تغطية 1500 متر من مصرف السيل للحد من التلوث و لاستثمارها فى تجميل المدخل الشمالي وإقامة مشروع خان أسوان السياحة , علاوة على بدء العمل فى تغطية 200 متر أخرى أمام منطقة السيل الجديد لاستثمارها فى إقامة سويقات لاستيعاب الباعة الجائلين والقضاء على الإشغالات فى المنطقة , بجانب إقامة مواقف لسيارات السرفيس للقضاء على الموقف العشوائي فى هذه المنطقة . وفى سياق متصل يؤكد الدكتور جمال اسماعيل رئيس مجلس ادارة مصنع كيما أن مصنع كيما ليس له أى علاقة من بعيد أو قريب بالترعة المساه باسمه حيث إن المصنع يصرف مياهه الى محطة 9 وترفع الى محطة 10 ثم الى وادى العلاقى لاستزراع غابة شجرية ويضيف اذا كانت محطات الصرف الصحى باسوان قد استهلكت وزاد الضغط عليها مما يؤدى الى تسريبها فى مخر السيل ثم القائها فى النيل هذا ليس مسئولية المصنع فى شىء ، ويؤكد أنه عندما كان المصنع يلقى بصرفه فى مخر السيل كان يعالج قبل صرفه . وبالنسبة لهيئة الصرف الصحى باسوان فهى الأخرى تلقى بالمسئولية على الزمن فيؤكد المهندس محمد على مدير الهيئة العامة للصرف الصحى باسوان أن شبكة الصرف الصحى فى مدينة أسوان اصبحت لا تتحمل الضغط الواقع عليها من جراء زيادة عدد السكان وتقادم محطات الصرف مما يؤدى الى تسرب بعض هذه المحطات لمخر السيول المسمى بترعة كيما ويشير الى انه خلال سنة من الآن سيتم منع أى قطرة من الصرف الصحى لاسوان من النزول الى النيل ووعدنا بذلك اذا صورنا فى العام القادم ويؤكد أن المياه التى تتصرف فى النيل الآن غير معالجة بالفعل لكن هذا خارج عن ارادة الهيئة. الثورة لم تصل محافظة أسوان ويؤكد المهندس عاطف حسين مدير ادارة الاعلام والتدريب بجهاز البيئة باسوان ، الموضوع متشعب ومتعمق وخطير وآخر ما تم التوصل اليه هو أن شركة نجع حمادى لتصنيع الأخشاب عرضت على محافظة أسوان مشروعا لزراعة غابة خشبية من الصرف الذى يلقى فى النيل وسيتكلف المشروع مليون ونصف المليون جنيه وحتى الآن لم يتم الرد من قبل محافظة أسوان ، ويضيف أن المسئول الأول عن هذه الكارثة التى تحدث على أرض أسوان هى المحافظة التى يأتى إليها المسئولون على هيئة ترانزيت لا يستطيعون اتخاذ قرارات مصيرية فيظل الوضع كما هو بل من سيىء الى أسوأ. المرض والموت يلازمنا وحين بدأنا بسؤال الاهالى وهم المتضررون الأوائل من هذا المصرف وجدنا كل الردود متشابهة ويواكبها انفعال شديد ، ونبرة غير متفائلة حيث يقولون أننا على هذا الوضع لنا عشرات السنين والوعود تنهال علينا بوقف هذه الجريمة ولم يحدث أى شىء. فتقول سهير من السيل نحن نسكن أمام هذه الترعة التى تجلب علينا كل أنواع الحشرات والأمراض وتختلط مياه الشرب بالمجاري عن طريقها وتقول اننى اشتريت فلتر لتنقية المياة لكن هذا لا يستطيع الجميع فعله وشكونا كثيرا للمسئولين لكن لا مجيب ، ومازالت المشكلة قائمة وتتفاقم مما زرعت الأمراض فى أجساد أغلب المتعاملين مع هذه الترعة. ويؤكد نفس الكلام محمد عباس من قرية أبو الريش التى تتأثر كثيرا بهذا الموضوع أن القرية لدينا انتشرت فيها الأمراض مثل الفشل الكلوى والكبدى بسبب المياه التى نشربها حيث إن مرشح القرية بدائى ولا يستطيع تنقية المياه الملوثة وقد اشتكينا كثيرا ولم يستمع لنا أحدا. النيل مهدد ليس بسد النهضة فقط ولكنه مهدد بتصرفاتنا وعجز الحكومات المختلفة عن حمايته، نيل أسوان الخالد الذى يمد باقى الجمهورية بالمياه أصبح يمدها بالتلوث أيضا فهل من مجيب.