رجال الأعمال يسيطرون علي البرلمان منذ 2000 كشفت دراسة مهمة تنفرد «الأهالي» بنشرها عنوانها «الإعلان السياسي في الصحافة المصرية وتوظيفه خلال الانتخابات البرلمانية لعامي 2000، 2005» كدراسة تحليلية مقارنة في شكل رسالة للحصول علي درجة الماجستير في الإعلام من قسم الصحافة أعدتها مروة محمود أحمد بانوها، وأشرف عليها د. محمود علم الدين لعام 2009 وهي الدراسة التي وجدنا فيها ما قد يجعلنا نلقي الضوء علي تاريخ البرلمان المصري كما رصدته الباحثة بجانب نتائج الدراسة التي تفتح لنا آفاق مقارنة تدريجية لما تأول له الحياة البرلمانية في مصر خاصة بعد انتهاء ما قد نسميها انتخابات برلمانية - «مجازا» واختلافات الدورات منذ عام 2000 وحتي 2010. أكدت نتائج الدراسة لعام 2000 ارتفاع نسبة الإعلان عن الشخصيات الأخري من الحزب الوطني بنسبة 3.92% مقارنة بالأحزاب الأخري حيث لم تظهر الإعلان عن أحزاب أخري سوي الوطني. وأوضحت أيضا نتائج 2005 ارتفاع نسبة الإعلان عن الشخصيات في الحزب الوطني لنسبة تصل إلي 1.93%، وارتفعت عام 2000 نسبة الإعلانات السياسية الإيجابية التي تشير لإيجابية المرشح. خرجت الباحثة بنتائج تخص الإعلان السياسي في الصحف المصرية حيث أكدت انحياز الصحف القومية للحزب الوطني دون غيره من الأحزاب السياسية الأخري حيث رصدت التحيز في إبراز نشاطات الحزب الحاكم وانخفاض اهتمام الصحف القومية بمتابعة نشاط أحزاب المعارضة، وفي انتخابات عام 2000 لم تعط الصحف اهتماما كافيا بشرح وتوضيح برامج الأحزاب وسياستها ولهذا لم تساعد القارئ علي تكوين رؤية واضحة ومحددة تساعد علي التفرقة والمفاضلة بين الأحزاب بجانب استخدام مرشحي الحزب الوطني والإخوان المسلمين علي السواء للشعارات الدينية والآيات القرآنية، وهو ما لاحظناه أيضا في الانتخابات البرلمانية لعام 2010. وتؤكد الباحثة أنه في ظل نمط علاقة السلطة بالصحف القومية يظل مضمونها الصحفي مهتما في المقام الأول بتأييد سياسة الدولة وعدم الخروج عليها، وترصد الباحثة خلال نتائجها تغطية جريدة «الأهالي» حيث أكدت استخدامها لشعارات يسيطر عليها البعدان الاقتصادي والاجتماعي حيث البرنامج الانتخابي لحزب التجمع والتأييد الكامل لمطالب العمال والفلاحين والفقراء ومحدودي الدخل والدفاع ضد عمليات إزالة مساكن السكان ومواجهة الفساد وسيطرة الإقطاعيين ورجال الأعمال بجانب إظهار الجريدة للدعوة إلي دعم مرافق الدولة من تعليم ونقل ومواصلات وصحة وكهرباء ودعمها خلال موادها الصحفية للوحدة الوطنية. رصدت الباحثة بروز ظاهرة رجال الأعمال في الانتخابات منذ عام 2000، بينما اختلفت انتخابات عام 2005 قليلا حيث برز دور رجال الأعمال بقوة وظهور شراء الأصوات وتفسير ظاهرة الرشوة الانتخابية بزيادة عدد المرشحين من رجال الأعمال. ورصدت الباحثة إجمالي ما حصلت عليه أحزاب المعارضة 12 مقعدا بنسبة 7.2% من إجمالي عدد المقاعد ونسبته تمثل 6.13% من عدد المقاعد التي حصل عليها الإخوان المسلمين، وبرزت دور الصحف الخاصة في الكشف عن الظواهر السلبية التي سادت العملية الانتخابية مثل استفحال استخدام المال وشراء الأصوات وتفشي العنف والبلطجة والتدخل الأمني، وفسرت الباحثة ذلك باستغلال الحالة الاقتصادية للناخبين وغياب الوعي السياسي العام، زيادة العنف بين المرشحين وأنصارهم، وكشفت الدراسة عن انعكاس أجواء الانتخابات وما ساد بعض دوائرها من عنف وأعمال بلطجة وشراء أصوات علي لغة الخطاب الإعلاني الصحفي السياسي وأخلاقياته خاصة عام 2005. الأهمية الباحثة أكدت في دراستها مدي أهمية الانتخابات واحتلالها حيزا متميزا في العلوم الاجتماعية، فهي انعكاس مباشر للتاريخ السياسي للمجتمع في لحظة تاريخية معينة، وليست مجرد آلية للتغيير السياسي الدوري، إذ تسلط الضوء كاشفة علي الكيفية التي يعمل بها النظام السياسي والاجتماعي وتنكشف خصوصياته ومشكلاته وعوامل قوته ومناطق ضعفه، فتصفها بحالة فوران مجتمعي، وتركز الباحثة علي المرشح السياسي لعضوية البرلمان واستخدامه في توصيل رسالته الاتصالية لناخبيه الكثير من الوسائل الاتصالية ومن بين أدواته المستخدمة «الإعلان السياسي» الذي يؤدي دورا رئيسيا في خدمة المتلقي سواء كان قارئا للصحف أو مشاهدا للتليفزيون أو مستمعا للراديو. حيث تزخر المناسبات السياسية وخاصة الانتخابية برواج استخدام الإعلان السياسي وتوجيهه نحو الجمهور لإحداث تأثير ينتج عنه تغيير في مواقف وسلوك الرأي العام. البداية ركزت الباحثة علي دراسة «الإعلان السياسي في الصحافة خلال الانتخابات البرلمانية عامي 2000، 2005 «لتوضح مدي ارتباط الإعلان السياسي بالسياسة التحريرية. تطرقت الباحثة إلي عدد كبير من الدراسات عن الصحافة والانتخابات والإعلان السياسي وتأثيره في انتخابات سابقة وقدمت تاريخ الحياة البرلمانية في مصر منذ البداية وتشريعات الفراعنة التي وضعوها والرومان حتي وصلت لعام 1824 حيث تكوين «المجلس العالي» الذي يعد البداية الحقيقية لأول مجلس نيابي يتم اختيار أعضائه بالانتخاب ويراعي فيه تمثيل فئات الشعب المختلفة حيث تكون من 24 عضوا في البداية، ثم صار عددهم 48 عضوا بعد إضافة 24 شيخا وعالما،، وبذلك أصبح يتألف من نظار الدواوين، ورؤساء المصالح، واثنين من العلماء يختارهما شيخ الأزهر، واثنين من التجار يختارهما كبير تجار العاصمة واثنين من ذوي المعرفة بالحسابات واثنين من الأعيان عن كل مديرية من مديريات القطر المصري ينتخبهما الأهالي. وفي يناير 1825 صدرت اللائحة الأساسية للمجلس العالي وحددت اختصاصاته بأنها «مناقشة ما يراه أو يقترحه محمد علي فيما يتعلق بسياساته الداخلية» وتضمنت اللائحة مواعيد انعقاد المجلس وأسلوب العمل فيه وبذلك يزيد عمر البرلمان المصري علي قرن وربع القرن حيث يعتبر أقدم البرلمانات ليس في تاريخ المنطقة العربية وحسب بل في تاريخ الشرق كله، وقد أدي نجاح المجلس العالي إلي إنشاء مجلس آخر عام 1829 هو مجلس المشورة الذي يعد نواة مهمة لنظام الشوري، حيث يتألف من كبار موظفي الحكومة والعلماء والأعيان برئاسة إبراهيم باشا «ابن محمد علي»، وجاء عدد أعضائه وتمثيلهم لمختلف فئات الشعب أشبه بجمعية عمومية مؤلفة من 156 عضوا، وكان ينعقد لاستشارته في مسائل التعليم والإدارة والأشعال العمومية، وعام 1837 أصدر محمد علي قانونا أساسيا للدولة «السياستنامة» الذي ألغي مجلس المشورة وأحل مكانه مجلسين هما: المجلس الخصوصي «لسن القوانين» و«المجلس العمومي». الثورة العرابية بينما تؤكد الباحثة من مصادر ومن ضمن هذه المصادر «قصة البرلمان المصري» لدكتور يونان لبيب رزق أن ظهور أول ممارسة فعلية لحياة شبه نيابية في مصر كان في عهد الخديو إسماعيل عند تشكيل مجلس شوري نواب عام 1866م حيث يعد أول برلمان يمتلك اختصاصات نيابية وليس مجرد مجلس استشاري حيث استجاب الخديو لبعض الضغوط والمطالب السياسية والشعبية وجعل اختيار النواب يتم بالانتخاب وصدر المرسوم الخديوي في شهر نوفمبر 1866 متضمنا اللائحة الأساسية والنظامية له. وكانت مدة المجلس ثلاث سنوات ينعقد خلال كل سنة لمدة شهرين فقط وبمرور الوقت اتسعت صلاحيات المجلس لتشمل الكثير وتظهر نواة الاتجاهات المعارضة، وقد ساعد هذا التطور علي انتشار أفكار التنوير. وفي 9 سبتمبر 1881 اندلعت الثورة العرابية وكان من بين مطالبها تشكيل مجلس للنواب وبالفعل أجريت الانتخابات لمجلس شوري النواب طبقا لأحكام لائحة المجلس الصادرة سنة 1866 وأصبحت مدة المجلس 5 سنوات ودورة الانعقاد ثلاثة أشهر وهكذا أرسيت قواعد الممارسة الديمقراطية البرلمانية في مصر علي نحو تدريجي.