لا شك أن هناك ترابطا بين قانون تنظيم الانتخابات الرئاسية وقانون انتخاب مجلس النواب وقانون مباشرة الحقوق السياسية.. فإصدار هذه القوانين يشكل حجر الأساس لاستكمال خارطة المستقبل وتحقيق أهداف ثورتى 25 يناير و30 يونيو الأمر الذى ينتظره ملايين المصريين بل ويراقبه العالم أجمع. وبالفعل أصدرت مؤسسة الرئاسة مؤخرا قانون تنظيم الانتخابات الرئاسية وطرحت تعديلات بشأن قانون مباشرة الحقوق السياسية ومن المتوقع أن يتم إعداد مشروع قانون لانتخابات مجلس النواب وطرحه على الحوار المجتمعى تمهيدا لإصداره. انقسامات حادة وقد أثار قانون تنظيم الانتخابات الرئاسية رقم 22 لسنة 2014 جدلا واسعا فور صدوره ودار الخلاف تحديدا بشأن تحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات حيث انقسمت الساحة السياسية إلى فريقين أحدهما يؤيد تحصين قرارات اللجنة ويراها ضرورة فى ظل الظروف الراهنة، أما الفريق الآخر يرفض هذا. وتشهد الساحة السياسية خلافا آخر حول النظام الانتخابى المناسب فى الوقت الراهن فالبعض يتجه إلى النظام الفردى وآخر للقائمة ورأى ثالث يؤيد الجمع بين الاثنين. انتهاك صريح وحول هذه الخلافات والانقسامات يؤكد عصام الإسلامبولى – أستاذ القانون الدستورى – أن تحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات جريمة وانتهاك صريح لمواد الدستور مشيرا إلى أن المادة 97 من الدستور واضحة وتنص على عدم تحصين قرار إدارى من رقابة القضاء وتكفل حق التقاضى للجميع كما أن المادة 210 من الدستور نصت على الطعن على القرارات الانتخابية يكون أمام المحكمة الإدارية العليا. ويقول «الإسلامبولي» المؤسف فى الأمر أن الرئيس المؤقت المستشار «عدلى منصور» رئيس المحكمة الدستورية العليا السابق يعى تماما أن هذه المادة مخالفة للدستور وكان يجب عليه احترام مواد الدستور لأن هذه الضمانة الوحيدة للاستقرار. وعن الطعن على قرارات اللجنة العليا للانتخابات والتظلم أمامها قال ليس من المقبول أن أطعن أو أتظلم أمام لجنة من قراراتها التى أصدرتها فيجب أن يكون الطعن أمام جهة قضائية أخرى وهذا ما نص عليه الدستور. وانتقد «الإسلامبولي» المادة 43 من قانون الانتخابات الرئاسية التى تنص على معاقبة من كان اسمه مقيدا بقاعدة بيانات الناخبين وتخلف بغير عذر عن الإدلاء بصوته فى انتخابات رئاسة الجمهورية بغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه مؤكدا ضرورة إلغاء هذه المادة لأنها غير دستورية وتخالف مبدأ حرية الرأى والتعبير. إيقاف مؤقت وفيما يخص حرمان المحبوسين احتياطيا من الترشح للانتخابات الرئاسية أكد الإسلامبولى أن بدون تعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية يظل هناك لجميع المحبوسين احتياطيا على ذمة أى من القضايا الحق فى الترشح أو التصويت فى أى انتخابات مقبلة والحل الوحيد لمنع حدوث هذا إضافة فقرة للقانون تتضمن إيقاف ترشح المحبوسين احتياطيا إلى أن تنتهى الحالة بصدور حكم مشيرا إلى أننا لدينا 3 حالات لا يحق لهم الترشح هم أولا المعفيون من أداء هذا الواجب وهم أفراد الشرطة والقوات المسلحة، ثانيا المحرومون من ممارسة هذا الحق من الذين صدر بحقهم أحكام جنائية ولم يتم رد اعتبارهم، ثالثا الذى يتم إيقاف ترشيحه حتى زوال السبب ومنهم المصاب باضطراب نفسى أو عقلى ويمكن أن ينضم المحبوسون احتياطيا إلى هذه الحالة. وحول النظام الانتخابى الأمثل أكد «الإسلامبولي» أنه كان يفضل إجراء الانتخابات وفقا للنظام الفردى بشرط أن يحظر الدستور على قيادات الحزب الوطنى المنحل وجماعات الإخوان الانتخابات ومادام هذا لا يرد فى الدستور فالأفضل لنا النظام المختلط لأنه القادر على تنفيذ ما أكد عليه الدستور الجديد الذى نص فى مواده 244 و244 على ضرورة تمثيل عادل ومناسب للعمال والفلاحين والشباب والأقباط وذوى الإعاقة والمقيمين بالخارج. مادة انتقالية أكد عبدالغفار شكر – رئيس حزب التحالف الشعبى الاشتراكى – أن الجمعية العامة للمحكمة للدستورية العليا اجتمعت وقررت أن المادة (228) من الدستور وهى مادة انتقالية تنص على أن أول انتخابات رئاسية تعقد بعد صياغة الدستور تكون تحت إشراف اللجنة العليا للانتخابات وبموجب هذه المادة فإن اللجنة تمارس دورها بنفس تشكيلها السابق وبنفس طبيعة قراراتها وبالتالى قراراتها محصنة ولا تعارض بين ذلك وبين نص المادة (97) التى تنص على أنه لا يجوز تحصين أى قرارات إدارية وبناء عليه فالمستشار «عدلى منصور» يرى أن المادة (228) تحصن قرارات اللجنة وليس فيها شبهة عدم الدستورية. قال «شكر» الرئيس أكد فى اجتماعه مع رؤساء الأحزاب مؤخرا أننا لو فتحنا باب الطعن على هذا القانون سوف يستغرق الأمر 195 يوما أى 6 شهور ونصف الشهر أى سوف تتأخر الانتخابات الرئاسية والبلاد فى أشد الحاجة إلى رئيس منتخب يدير شئونها بأسرع ما يمكن. ورغم ذلك أشار «شكر» إلى أنه كان يفضل عدم تحصين أى قرارات من رقابة القضاء حتى لا يصبح منصب الرئيس موضعا للشك الأمر الذى يحدث نوعا من الجدل موضحا أن من مصلحة أى رئيس منتخب أن يفوز برضا شعبى مادامت الانتخابات نزيهة إلا أن البلد فى حاجة ملحة لإجراء الانتخابات الرئاسية فى أسرع وقت ممكن. ونفى «عبدالغفار شكر» صحة ما تردد حول التعديل المقترح على أحكام قانون مباشرة الحقوق السياسية والذى يهدف حرمان المحبوسين احتياطيا من الترشح للانتخابات مشيرا إلى أن الرئيس «عدلى منصور» لا يمكن أن يقدم على فعل ذلك لأنه يعلم جيدا أن المادة (96) من الدستور المصرى نصت على أن «المتهم برئ حتى تثبت إدانته» والرئيس نفسه أكد عدم صحة هذا الكلام حتى وإن كان الهدف منع ترشح الرئيس المعزول «مرسي» والمخلوع «مبارك «فلا يجوز إصدار التشريعات بقصد أشخاص بذاتهم فهذا يتعارض مع القواعد العامة للتشريع. وفيما يخص النظام الانتخابى أكد ضرورة إجراء الانتخابات بالقائمة النسبية غير المشروطة لإضفاء الطابع السياسى على العملية الانتخابية على عكس الانتخابات بالنظام الفردى مشيرا إلى أنها قائمة على السمات الشخصية للمرشح فضلا عن أن النظام الفردى لا يسمح بأى فرصة لفوز الأقباط والنساء والشباب لأنه يقوم على سطوة المال والعصبيات. ظرف تاريخي أما «عصام شيحة» – عضو الهيئة العليا لحزب الوفد – فأكد أننا فى ظرف تاريخى معين يستلزم وضع الطعون على قرارات اللجنة فى أضيق الحدود مشيرا إلى أن تشكيل اللجنة من أقدم رؤساء الهيئات القضائية وتصدر نوعين من القرارات أحدهما قضائية والأخرى قرارات إدارية وإذا تم السماح للطعن على قرارات اللجنة أمام جهة قضائية أخرى غير اللجنة معناه أننا نحتاج 145 يوما للرد على 14 قرارا تصدرهم اللجنة وبالتالى سيكون منصب الرئيس على كف عفريت خلال هذه الفترة وأعتقد أن الظروف فى مصر لا تسمح بذلك. وأوضح «شيحة» أن الجمعية العامة للمحكمة الدستورية عندما عرض عليها الأمر أكدت أن نص المادة (228) وهى من المواد الانتقالية يجعل الطعن على قرارات اللجنة العليا جائز أمام اللجنة نفسها بما فى ذلك إعلان النتيجة النهائية وهذا الأمر ينفى مقولة تحصين أعمال اللجنة، ولكنه لا يسمح بالطعن على قراراتها خارج اللجنة أو أمام أى جهة قضائية أخري. وأوضح «شيحة» أن السماح بالطعن على قرارات اللجنة أمام محكمة القضاء الإدارى يعنى وجود أحكام قضائية متعارضة نظرا لوجود عدد من المرشحين والمحكمة الإدارية لديها 7 دوائر ومن الجائز أن يطعن المرشحون على نفس القرارات التى طعن فيها آخرون أمام دوائر أخرى وهذا الأمر يجعلنا ندخل فى متاهات ونحن فى أشد الحاجة لانتهاء الانتخابات الرئاسية من أجل استقرار مصر. ويؤيد «عصام شيحة» إجراء الانتخابات البرلمانية بالنظام المختلط مشيرا إلى أن إجراء الانتخابات 100% فردى سوف يقضى ذلك على التجربة الحزبية فى مصر. أسباب التحصين أما «توحيد البنهاوي» – الأمين العام للحزب الناصرى – يقول: كنا نأمل أن يتم طرح القانون الخاص بتنظيم الانتخابات الرئاسية للحوار قبل إصداره خاصة وأن الاجتماع الأخير مع المستشار «عدلى منصور» كان هدفه توضيح أسباب تحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات، وليس بهدف تعديل القانون مشيرا إلى أن فكرة التحصين تهدف إلى حماية منصب الرئيس من الحيل القانونية التى لن تنتهى إذا تم فتح الباب للطعن وبالتالى لن تنتهى الانتخابات الرئاسية مؤكدا أن الشعب المصرى قادر على عزل الرئيس إذا لم يقم بتلبية مطالبه بغض النظر عن تحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات. وتجربة الرئيس المعزول «محمد مرسي» مازالت ماثلة فى الأذهان فرغم أنه كان رئيسا منتخبا فضلا عن عدم إمكانية للطعن على إجراءات لجنة الانتخابات السابقة إلا أنه تم عزله بإرادة الشعب. حسن السمعة وحول تعديلات قانون مباشرة الحقوق السياسية أكد «البنهاوي» على ضرورة وضع ضوابط وشروط للترشيح لحماية منصب الرئيس حتى لا يتسلل أحد أنصار الحزب الوطنى المنحل أو أحد أفراد جماعة الإخوان الإرهابية ويقوم بترشيح نفسه. وأضاف رغم أن حرمان المحبوسين احتياطيا والمتهمين فى قضايا جنائية من الترشح أمر غير دستورى إلا أنه من الضرورى وضع قيد لضمان عدم ترشح أنصار المعزول ويمكن وضع شرط «حسن السمعة» إلى شروط الترشح للانتخابات وبالتالى لا يمكن قبول المتهمين فى قضايا التجسس أو المخدرات للترشح لهذا المنصب. ويؤيد «البنهاوي» إجراء الانتخابات بالنظام المختلط أى الجمع بين القائمة النسبية والنظام الفردى بشرط أن تكون الدوائر صغيرة. جريمة كبري ومن جانبه أكد «د. وحيد عبدالمجيد» – نائب مركز الدراسات السياسية بالأهرام – أن تحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات جريمة كبرى ولدينا تجربة انتخابات الرئيس المعزول «محمد مرسي» فرغم عزله لكن فوزه فى انتخابات الرئاسة كان محل شك حتى الآن. ويضيف أكرر للمرة الثانية هذه جريمة كاملة الأركان وانتهاك صريح ومباشر للدستور الذى بذل فيه جهد كبير موضحا أن النص بتحصين قرارات لجنة الانتخابات سوف يجعلنا ندخل فى أزمة دستورية نادرة فى تاريخ العالم الحديث ولا أعرف كيف سنخرج منها مشيرا إلى أن عرض مشروع القانون رقم 22 لسنة 2014 على الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا قبل إصداره لإبداء الرأى فيه يخالف قانون المحكمة الدستورية العليا ويخالف الدستور الجديد لعدم وجود أى سند دستورى أو نص قانونى يساند عرض هذا القانون على الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا أو حتى على أى عضو من أعضائها وكان يجب على المحكمة الدستورية أن تلتزم بالدستور وتمتنع عن إبداء أى رأى صريح بشأن هذا القانون خاصة أنه لم يسبق عرض عليها أى تشريع بهذه الطريقة وبالتالى فالجمعية العامة للمحكمة الدستورية تجاوزت اختصاصاتها وفقا للقانون المرافعات الذى يحظر على أى قاض إبداء رأيه فى أى نزاع يعرض عليه مستقبلا وإلا أصبح غير صالح لنظر الدعوى المتعلقة به وبالتالى فالجمعية العامة للمحكمة الدستورية وضعت نفسها فى وضع غير دستورى لأنها قانونا لا تستطيع نظر أى طعن بعدم دستورية هذا القانون لأنها سبق وأيدت فيه رأى إيجابى بدستوريته. وأكد د. وحيد عبدالمجيد أن الجمعية العامة للمحكمة الدستورية تشمل كل قضاتها وبالتالى لا يوجد أحد يمكنه الفصل فى أى طعن مقدم بعدم دستورية قانون الانتخابات الرئاسية، وإذا علمنا أن قضاة المحكمة الدستورية غير قابلين للعزل فنحن إذن فى مأزق، حتى إذا تقدموا باستقالاتهم فكيف يمكن لرئيس الجمهورية المشكوك فى فوزه أن يعين قضاة آخرين ينظرون طعنا مقدما ضده!! كلام فارغ وأوضح أن الحديث المثار حاليا حول تحصين قرارات اللجنة بهدف إنهاء المرحلة الانتقالية فى أقرب وقت ممكن، وعدم إهدار الوقت فى البت فى الطعون على قرارات اللجنة كلام فارغ لأن الصيغة التى وضعها قسم التشريع بمجلس الدولة تنص على منح طالب الترشيح «المرشح» للانتخابات الرئاسية بالطعن على القرارات النهائية للجنة الانتخابات الرئاسية فى ميعاد لا يجوز 48 ساعة من تاريخ إخطاره بالقرار أمام الإدارية العليا وإلزام الدائرة بالبت فى الطعن خلال أسبوع وهذا النص يعطى الحق بالطعن على قرارات اللجنة للمرشحين فحسب، والمرشح لا يكتسب هذه الصفة إلا بعد إعلان القائمة النهائية للمرشحين وبالتالى لا يمكن الطعن إلا على القرارات النهائية للجنة، أما معظم قرارات اللجنة فيكون صاحب الحق «المرشح» غير موجود فلا يجوز الطعن عليها. وأكد أن تقديم الطعن والبت فيه وفقا لنص مجلس الدولة يستغرق 9 أيام فقط وهذا ليس به تعطيل لإعلان النتيجة النهائية للانتخابات. مرحلة غير مستقرة وأما «د. كريمة الحفناوي» الأمين العام للحزب الاشتراكى – فتقول أنا ضد تحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية نظرا لحساسية المرحلة الانتقالية الحالية وما يحيط بها وردا على أن التحصين لن يترك فرصة لتعطيل سير خطوات خارطة الطريق أوضحت «الحفناوي» أن هذه المرحلة غير مستقرة ويحيط بها العديد من المخاطر والأفضل ألا يشوب قانون الانتخابات الرئاسية شبهة عدم الدستورية. وأكدت أن الأخذ بمبدأ التحصين لن يؤدى إلى الاستقرار كما تزعم مؤسسة الرئاسة ولكنه سوف يجعل فوز الرئيس المنتخب فى موضع الشك طوال مدة رئاسته بما يهدد بعدم الاستقرار. وحول حرمان المحبوسين احتياطيا من الترشح أكدت د. كريمة الحفناوى أن إصدار قوانين استثنائية سواء للعزل السياسى لرموز وقيادات وكوادر النظام السابق أضر كثيرا بثورة 25 يناير وموجتها الثانية فى 30 يونيو، ولم تحقق هذه القوانين الهدف منها، مشيرة إلى أن الشعب وحده قادر على عزل الفاسدين سواء أنصار مبارك أو أنصار جماعة الإخوان الإرهابية فى ظل انتخابات حرة نزيهة. وفيما يخص النظام الانتخابى الأمثل أوضحت أن الجدل لايزال دائرا حول أيهما أفضل الفردى أم القائمة؟ مشيرة إلى أن إقرار النظام الفردى سوف يجعل الأغنياء يسيطرون على البرلمان القادم وبالتالى لن يعبر المجلس عن الفقراء الذين قاموا بالثورة وفى اعتقادى أن نظام القوائم النسبية أفضل بشرط ألا تدخل الأحزاب فى تحالفات مع القوى المضادة للثورة.