بعد غياب استمر لأكثر من ثلاثة عقود، احتفل نجوم الفن المصري بدار الأوبرا المصرية بعودة ‹›عيد الفن›› الذى غاب لنحو 33 عاما، بحضور المستشار عدلى منصور رئيس الجمهورية، والمشير عبد الفتاح السيسى وزير الدفاع والإنتاج الحربى، وإبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء، د. محمد صابر عرب وزير الثقافة، ود. درية شرف الدين وزيرة الاعلام، وعدد من الوزراء والسفراء العرب والاجانب، وهانى مهنى رئيس الاتحاد العام للنقابات الفنية، ونخبة من نجوم الفن والإعلام. فى البداية منح رئيس الجمهورية اوسمة المبدعين وهى وسام العلوم والفنون من الطبقة الاولى للفنانين الراحلين: الفنان محمد فوزى، المخرج عزالدين ذو الفقار ، الفنان رشدى اباظة ، الأديب عبد الحى اديب، المطرب أحمد منيب، بجانب تكريم كوكبة من الفنانين فى مقدمتهم سيدة الشاشة العربية الفنانة الكبيرة فاتن حمامة، نادية لطفى، شادية، ماجدة، سميحة ايوب، حسن يوسف، عزت العلايلى ، محمود ياسين، مدير التصوير محسن نصر، بالإضافة إلى تقديم أوبريت من اشعار جمال بخيت ، بالقاء كوكبة من نجوم مصر من بينهم: حسين فهمى، فاروق الفيشاوى، ليلى علوى، هانى رمزى. عودة الروح رأى العديد من الفنانين أن عودة «عيد الفن» يعتبر بمثابة عودة للروح، وأن مصر الحلوة راجعة للدنيا من جديد، لتحتضن وترعى الفنون المصرية الأصيلة، بعد الكبوة التى كبلتها وكادت أن تقضى على فنونها وثقافتها وحضارتها خلال الحقبة الماضية، من قبل أعداء الحياة. رحبوا بعودة عيد الفن باعتباره عرسا بهيا يحتفى بنجوم مصر الذين أبدعوا وأثروا حياتنا بروائعهم الفنية الباقية فى الوجدان المصري والعربى، ويؤكد عيد الفن حرص الدولة واهتمامها بدور الفن، وقيمته، وتاثيره الكبير على المجتمع، وقدرته على الارتقاء بالوعى. يذكر أنه تم إلغاء عيد الفن عام 1981، عندما احتج الكاتب المسرحى سعد الدين وهبة رئيس اتحاد الفنانين وقتذاك على عدم حضور الرئيس الراحل أنور السادات الاحتفال بعيد الفن ليكرم الفنانين ويمنحهم الاوسمة، حيث اعتبر الفنانين غياب السادات بمثابة إهانة للفنانين، علما بأن السادات كان قد حضر حفلين لعيد الفن فى عام 1980، الأول على مسرح سيد درويش، والحفل الثانى نظمته وزارة الإعلام، إلا أن عددا من الفنانين أصروا على ضرورة حضور رئيس الجمهورية، إلا أن السادات أرسل نائبة حسنى مبارك لحضور الحفل وتكريم رموز الفن، وهو ما أغضب العديد من الفنانين، وعلى أثر ذلك تم إلغاء الاحتفال بعيد الفن لمدة 33 عاما!! الارتقاء بالوجدان فى كلمته المهمة أكد رئيس الجمهورية المستشار الوقور عدلى منصور أهمية الاحتفال بعيد الفن، الذى يجسد القيم الإنسانية النبيلة، والإرتقاء بالوجدان، ويجدد الاعتراف بفضل الفنانين والمبدعين، ويساهم في إعادة الطبيعة السمحة لوطننا، واسترداد صورته البهية التي طالما ألفناها في عقود مضت، مثلت فيها مصر مركز إشعاع فني في العالم العربى، حيث أسهم نتاج فنانيها ومبدعيها في نشر ثقافتها ولهجتها في ربوع وطننا العربي، وكان أدبها منهلا ثقافيا يرتقي بالذوق العام، كما مثل مسرحها وفنها السابع ريادة فن التمثيل ومصدر إلهام ونبوغ لمحيطها الإقليمي. لقد وقع اختيار اتحاد نقابات المهن الفنية على يوم 13 مارس من كل عام ليكون يوما للاحتفال بعيد الفن، وهو اليوم الذي يتوافق مع ذكرى ميلاد موسيقار الأجيال العبقري محمد عبد الوهاب، الذي طالما أطربت موسيقاه آذاننا، وأضحى صوته العذب وألحانه الرائعة جزءاً عزيزاً من تراث مصر في الطرب والموسيقى، بل وتراثنا العربي أيضا، مشيرا إلى مقولة الموسيقار الشهيرة «التراث هو الأصل .. والمعاصرة هي الواقع»، من أجل أن نقدم فناً كاملا لا يمكننا أن نتخلص من ماضينا، ولا يمكن أن نتجاهل معاصرتنا. قبول الآخر اشار الرئيس إلى أن تكريم رعيل من فناني مصر ومبدعيها في مجالات الأدب وكتابة السيناريو والإخراج السينمائي والتمثيل والغناء، يؤكد أن مصر لا تنسى أبناءها ممن أثروا حياة شعبها، وساهموا في تنوير عقله، لقد مثلت الحقبة الفنية لهذا الجيل من المكرمين تأريخا صادقا لمرحلة من تاريخ مصر المعاصر، حيث نقلت لنا الأعمال الفنية صورة حية عن ذلك الزمن الجميل، لم يخل بيت مصري في ذلك الحين من لمسات الجمال، وكان الشارع المصري مثالا للتحضر والانضباط، وقام المجتمع على قيم نبيلة يسودها التسامح وقبول الآخر. الرقابة الذاتية قال الرئيس: إن المصريين الذين اِعتادوا الغناء فرحاً وحزنا، والشعر هجاء ومدحا، سيظل الفن مكونا أساسيا في هويتهم وحياتهم، مكونا ثريا ومتنوعا في شتى ألوانه.. أشار الرئيس عدلى منصور إلى أن مصرنا الجديدة تقدر وتعي دور الفنانين والمبدعين، فحريةُ التعبيرِ عن الرأي والإبداع مكفولة لجميع الفنون. فى ختام كلمته حذر الرئيس عدلى منصور فناني مصر قائلا: «لا تتركوا الساحة الفنية فريسة للعبث بالذوق المصري، بل تصدوا بإنتاج فني حقيقي، يرتقي بالذوق، ويعيد إلى فننا رقيه المنشود، ويقيني أنهم سيظلون يقدمون ما يليق بأمة ساهمت في بناء الحضارة الإنسانية، وخطت اسم مصر بحروف من نور في سجل تاريخ الأمم. بلد الفنون واختتمت احتفالية "عيد الفن" المطربة أنغام، والفنان هاني شاكر، حيث قدم كل منهما باقة من أغانيه.. وشدت أنغام بكلمات الشاعر أمير طعيمة بصوتها العذب: «بلدى الزمان مقدرش يأخد من شبابها.. بلدى كل الدنيا تعمل حسابها.. بلد الفنون بلد الادب .. حضن للغريب وقت التعب.. بلدى اللى فاتحه للعرب والدنيا بابها.. بلدى اللى لو قامت محدش يقدر يحوشها». خنق الإبداع على هامش الاحتفال بعيد الفن أصدر عدد من السينمائيين والفنانين والكتاب بيانا ضد مصادرة حرية الفكر والإبداع، فقد تزامن الأحتفال بعيد الفن مع الحكم الصادر ضد الروائى كرم صابر بالسجن لمدة خمس سنوات بسبب رواية لم يوافق عليها الأزهر والكنيسة ، بالإضافة لمنع عرض فيلم نوح، كما تم اقتياد المطرب «محمد محسن» من الأوبرا ومنعه من المشاركة بالغناء فى عيد الفن!! جاء فى البيان: «في الوقت الذي يتم فيه حبس الكتاب والشعراء و منع عرض الأفلام بتوصية من الأزهر، واقتياد شباب السينمائيين لأقسام البوليس ، والتضييق على حرية الرأي والتعبير، وخنق جميع أشكال الإبداع المستقل، الذي يصنعه الشباب في الموسيقى والمسرح والسينما من خلال سيطرة رأس المال المحتكر، وبمباركة قوانين بائدة لا يريد صناع القرار مسها .. تحتفل الدولة المصرية بما اسمته عيد الفن .. ويطل علينا رئيس الجمهورية ليؤكد أهمية دور الرقابة !! وتعود الوجوه القديمة التي طالما تغنت بأمجاد دولة مبارك لتغني لنفس الدولة وإن تغيرت الأسماء!!