الدم المصرى رخيص.. سواء فى داخل الوطن أو خارجه! نحن بإزاء جريمة مروعة وصادمة لكل مصري. سبعة من المصريين تتراوح أعمارهم بين 17 و25 سنة، يتعرض المبنى الذى يسكنون فيه بمدينة بنغازى الليبية لهجوم، ويتم اقتيادهم إلى خارج المبنى وقتلهم بالرصاص فى الرأس ومناطق مختلفة من أجسادهم وهم مقيدو الأيدى والأرجل من الخلف.. ثم نكتشف أنها جريمة قتل على الهوية – حيث إن جميع الضحايا مسيحيون – فى بلد يزعم القائمون عليه أنهم نتاج ثورة ضد حكم ديكتاتوري.. فإذا بنا نجد أن الأوضاع فى ذلك البلد تتردى إلى هاوية سحيقة بعد أن انتقلت من الحكم الديكتاتورى إلى حكم الميليشيات الطائفية المسلحة الإرهابية التى تقتل البشر لمجرد القتل أو لأنهم ينتمون إلى دين آخر فى الوقت الذى تقيم فيه دويلات وإمارات داخل «الدولة». مصريون اضطرتهم الظروف القاسية فى بلادهم إلى الحياة فى الغربة بعيدا عن عائلاتهم من أجل لقمة العيش.. فإذا بالعصابات الشريرة تحرمهم من حق الحياة. ومثل هذه الجرائم – التى تتكرر فى العالم العربى – تسىء إلى سمعة العرب وتشوه صورتهم فى كل الدنيا وتقدمهم فى صورة البرابرة الهمج المتعطشين للدماء والسفاحين الذين يقتلون كل من يختلف معهم فى الرأى أو المعتقد أو الدين أو المذهب. مثال ذلك الجرائم التى ارتكبت ضد مواطنين مسيحيين وشيعة فى مصر والاعتداءات على الكنائس وحرقها وتدميرها. وهذه الجرائم تفرض علينا المزيد من اليقظة والتشدد والحزم فى مواجهة العناصر التكفيرية التى تتاجر بالدين وتحرض على الفتنة والفرقة وتمزيق الأمم لحساب الأعداء الذين يريدون تحطيم الدولة الوطنية وتفكيك الجيوش وإطلاق العنان للحروب الطائفية والمذهبية لتقضى على البقية الباقية من فلول وشراذم العرب الذين يبدو أنه أصبح المطلوب انقراضهم وإفناءهم وإبادتهم. لقد بلغ من حقد الإرهابيين فى ليبيا أنهم أطلقوا النار.. حتى على سيارة الإسعاف التى نقلت جثث الضحايا المصريين مما تسبب فى إصابة المسعف وسائق السيارة! لماذا نقول إن الدم المصرى رخيص؟ لأن رد الفعل الوحيد الذى صدر حتى الآن من الخارجية المصرية هو أن سفارتنا فى طرابلس وقنصليتنا فى بنغازى «تتعاونان مع السلطات الليبية لإنهاء الإجراءات وتسلم الجثث ونقلها إلى القاهرة»، وأن حكومتنا «تتابع بشكل مكثف» هذا «الحادث» وتتوقع من الجانب الليبى «سرعة التحقيق فى الجريمة البشعة وتسليم الجناة للعدالة»! وكان المفترض أن تطالب حكومتنا – حتى بعد أن أصبحت حكومة تسيير أعمال – بالاشتراك فى التحقيق فى الجريمة ومطاردة المجرمين.. ويكفى أن المتحدث الرسمى باسم الخارجية الليبية يؤكد «عدم توافر أى معلومات» لدى وزارته حول مقتل المصريين!! فالمعروف أنه لا توجد دولة، بالمعنى المفهوم، فى ليبيا الآن، ولا يوجد قانون، ولا مكان للعدالة، أو توقيع العقاب على أى مجرمين. علينا أن نتصرف كما تفعل الحكومات التى تحترم أرواح أبنائنا وتدافع عن حياتهم وكرامتهم. مطلوب رد قوى وفورى وبيان رسمى من الحكومة المتخاذلة.