الأموال الساخنة تعود من جديد بعد طبع 600مليار دولار تلقي حرب العملات بين الولاياتالمتحدة والصين بظلالها علي اقتصادات الدول النامية، ومن بينها مصر التي قد تتأثر صادراتها سلبا بتلك الحرب. وهو ما اعترف به د. يوسف بطرس غالي، وزير المالية، عقب قمة مجموعة العشرين ب«سول،» مشيرا إلي أن انتهاج بكين وواشنطن سياسة خفض قيمة عملتيهما سيرفع قيمة عملات دول أوروبية وأخري نامية بما يؤثر علي تنافسية منتجاتها وصادراتها, ويضعف قدرتها علي استعادة معدلات النمو الاقتصادي القوية التي سبقت الأزمة المالية، وبالتالي يحد من قدرتها علي توفير مزيد من فرص العمل. وواصل سعر صرف الدولار الأمريكي ارتفاعه أمام الجنيه، ليصل سعر شرائه إلي 5.7593 جنيه مقارنة ب 5.7380 مقارنة بالسعر الذي سجله الأسبوع الماضي، وارتفع سعر البيع إلي 5.7878 بدلا من 5.7667 جنيه، فيما انخفاض سعر صرف اليورو إلي 7.6760 بدلا من 7.8301 جنيه، وانخفاض سعر البيع إلي 7.7145 مقارنة ب 7.8721 جنيه. وحذر خبراء الاقتصاد من ارتفاع الواردات المصرية في ظل حرب العملات في ظل الغزو التجاري الصيني، مما قد يتسبب في غلق مصانع عديدة وتسريح عمال، خاصة أن واردات مصر تبلغ ضعفي صادراتها، وإن تلك الواردات تعتمد بشكل أساسي علي السلع الغذائية والزراعية ومستلزمات الإنتاج، مما يزيد من معدلات التضخم في مصر، وأشاروا إلي أن سياسة البنك المركزي المصري القائمة علي ربط الجنيه بالدولار ستؤدي إلي انخفاض قيمة الجنيه مع احتمالات انخفاض العملة الأمريكية، وطالب الخبراء بضرورة ربط العملة المصرية بسلة عملات أجنبية ومعادن. ولفت الخبراء إلي أن استمرار ارتفاع الأسعار العالمية للسلع الغذائية، قد يدفع متخذي القرار إلي زيادة قيمة الجنيه أمام الدولار في محاولة للسيطرة علي زيادة الأسعار في السوق. وكان د. عثمان محمد عثمان, وزير التنمية الاقتصادية، قد أكد أن الغلاء أهم المشكلات التي تواجه الاقتصاد القومي وتسعي الحكومة إلي مواجهاتها، وكشف في مؤتمر المركز المصري للدراسات الاقتصادية عن رفض البنك المركزي المستمر لخفض أسعار الفائدة علي القروض والودائع، وتساءل هل سعر الدولار 6 جنيهات أفضل للاقتصاد المصري، في محاولة لجس النبض حول سعر الدولار؟ من ناحية أخري، فإن سعي الولاياتالمتحدة لخفض قيمة الدولار عبر جولة جديدة من "الضخ الكمي"، بحيث ينفق بنك الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) 600 مليار دولار علي شراء سندات وديون حكومية أخري، سيؤدي إلي زيادة السيولة في الأسواق، و هذه الإجراء سيزيد من ضعف الدولار. كذلك فستضاف السيولة الجديدة أيضا إلي زيادة في رؤوس الأموال المتدفقة من الولاياتالمتحدة حيث عائدات الاستثمار منخفضة جدا تجاه الدول النامية، فجزء كبير من مبلغ 600 مليار دولار لن يبقي في الولاياتالمتحدة ، ومن ثم ستكون لها آثار إيجابية محدودة علي الانتعاش الاقتصادي الأمريكي، وإنما سيتسرب إلي الخارج. لكن " الأموال الساخنة"يمكن أن تتسبب في مشاكل خطيرة لاقتصاد الدول النامية، حيث يؤدي تدفق رؤوس الأموال إلي فوائض مالية في الدولة المتلقية لها، وبالتالي إلي زيادة الضغط علي أسعار المواد الاستهلاكية، مع تأجيج "فقاعات الأصول" أو الارتفاعات الحادة في أسعار السكن وغيره من الممتلكات وسوق الأوراق المالية. هذه الفقاعات ستنفجر عاجلا أم آجلا، بأضرار هائلة. كما يخلق التدفق الكبير للأموال الأجنبية ضغوطا متنامية علي عملة الدول المتلقية، ليرفع قيمتها مقابل العملات الأخري وبنسبة كبيرة. فإما تتدخل السلطات المالية في السوق من خلال شراء فائض الأموال الأجنبية (فيما يعرف باسم "التعقيم")، وبالتالي تتراكم احتياطيات النقد الأجنبي، وإما السماح للعملة الوطنية بالارتفاع، ما سوف تكون له تأثيرات سلبية علي صادرات الدولة. وتتسبب تدفقات رؤوس الأموال المفاجئة في تدفقات مساوية لرؤوس الأموال ولكن في الاتجاه المعاكس أي إلي الخارج، لدي تغير الظروف العالمية كما بينت الأزمة الآسيوية في أواخر التسعينيات. ويمكن لهذا أن يسبب اضطرابات اقتصادية بما فيها انخفاض حاد في قيمة العملة ومشاكل قوية في خدمة القرض، وصعوبات جمة في ميزان المدفوعات وكذلك الركود الاقتصادي. ويمكن أن يزيد الضخ الكمي الأمريكي من المضاربات المحلية سعيا لتحقيق الربح، وهو ما يمكن أن يزعزع استقرار البلدان المتلقية لرؤوس الأموال بل الاقتصاد العالمي برمته.