يلتقى 30 يونيو مع ثورة أكتوبر عند تخوم التغيير الفاصل بين عالمين ومصيرين، وتمثل اللقاء بنجاح الشعب المصرى فى إجهاض الثورة المضادة للإخوان المسلمين، وإفشال أخونة مصر ومحاولات إعادتها إلى عصور الظلام، ولم تكتسب ثورة يونيو مكانتها من قوة فعلها التاريخي، باستعادة الدولة المصرية من جراب الإخوان المسلمين، وإيقاف اغتصابها، ودفعها إلى ما قبل الجاهلية الأولى فحسب، ولا بما أنجزته وهى تزيح محمد مرسي، من الحيلولة دون الاستقواء عليها وإفراغ تاريخها من إشراقات الحضارة البشرية، وإخماد توهجها، بل لأنها بذلك وضعت مصر من جديد فى موقعها الفريد، على منصة التطور وفى ملتقى الحضارات، وعلى خطوط التماس المتفاعلة مع العالم العربى والإسلامى الذى كان فى مرمى الإخوان المسلمين ومخططات تنظيمهم الدولي. والفرادة فى 30 يونيو، أنها حققت ما لم تستطع ثورة أكتوبر الروسية أن تنجزه، إذ قامت على إرادة بضع عشرات من ملايين المصريين الذين جمعهم القلق على مصير وطنهم، والخوف على مستقبله، والخروج العظيم للمصريين فى 30 يونيو عبر عن رفض الخضوع لفحص تدينهم وإيمانهم ، والتوجس من تفكيك دولتهم العميقة وتمزيقها، ومأثرة الملايين التى خرجت من كل أنحاء البلاد المترامية الأطراف، إنها انساقت وراء قناعتها وإرادتها، غير المؤدجلة، أو المحكومة باعتبارات حزبية أو فئوية ضيقة، ولم يكن وراء تعبثتها أو تحريضها، حزب حديدى التنظيم، كما كان عليه حزب البلاشفة فى روسيا، وتميزت كذلك أيضا بانتباهتها المبكرة وانحيازها، لحركة العصبة الجسور من الشبيبة المصرية، المفعمة بالإيمان والإقدام والثقة، بالقدرة على إشهار إرادة المصريين التى اغتصبت بالحيلة، على الهواء مباشرة فى "صندوق وطني" مبتكر ممتد على مساحة أرض مصر كلها وأمام أنظار ورقابة العالم، لا يحتمل الاقتراع فيه، تزويرا أو تلاعبا بالمشاعر أو رشوة وشراء ذمم، أو إنابة عن فقراء الله ممن لا يعرفون القراءة والكتابة. وجهة مضيئة وفى رصيد مصر الوطنى الجديد، تتألق حركة "تمرد" الواجهة المضيئة لثورة 30 يونيو، ولم يشهد تاريخ الحركات الثورية فى العالم، أن ينبعث فيها من المجهول بضع عزائم من جيل الشبيبة، ممن توهم حرس الاستبداد، أنه استطاع كسر إرادته فأصبح مطواعا، مهموما بغرائزه، لا بعقله ووجدانه وضميره، لم يعد منشغلا سوى بلهوه، وبأسباب عيشه الشخصي، وإذا به، وهو ينبعث من تحت جليد الصمت، شامخا راشدا، متوثبا، غير هياب من المغامرة والموت، دفاعا عن ومضة أمل، تحفظ لمصر ولشعب مصر حياضهما وتواصل عطائهما، واتصال ما كان يراد له أن ينقطع من تاريخهما وحضارتهما ونضارتهما التى تغور عميقا وبعيدا فى التاريخ البشري. وقد يرى البعض تماهيا بين "تمرد" وثورة الطلبة التى اجتاحت فرنسا نهاية الستينيات، لكن المقارنة تنفى نفسها، بمجرد العودة إلى طبيعة "الثورة" تلك، سواء من حيث الأهداف، أو المشاركة الموصوفة، أو الجمهور المحدود، ويبقى أيضا، أن تحرك الطلبة فى باريس، لم يكن معزولا ولا "عفويا" فقد مهد له صعوب الحركات الاحتجاجية الاجتماعية، فى أغلب البلدان الأوروبية، واحتضنته حركات يسارية منظمة، وتزامن مع تحول حركة "تشى جيفارا" إلى "أمثولة" إنسانية، بأبعادها الفكرية، ورفضها لأى شكل من أشكال "النفي" للحرية، واختيار أسلوب العيش، والحق فى كسر أى قيد يحدد مسارات حياة الإنسان وعقيدته وخياراته الشخصية. ويخطئ من يحاول التعامل مع "تمرد" باعتبارها "ظاهرة عرضية" آن لها أن تنطوي، وتذوب فى حركة المجتمع، وتجد لها مكانا على قدر قامات مؤسسيها فى الحركة السياسية، إنها ظاهرة فريدة لا سابق لها فى التاريخ، وبهذا المعني، لابد أن يجرى التعامل معها كرصيد وطني، وتجربة قابلة للحياة فى كل لحظة تحول تاريخي، دفاعا عن الديمقراطية وحقوق الشعب، إن حركة تمرد ليست ظاهرة معزولة عرضية، إنما هى نتاج عالم متحول، فى ظل العولمة المتسيدة عسكرتاريا، من أطر التنظيم الحزبى والسياسى محدود العضوية، إلى الأطر والحركات الجماهيرية الملايينية، ومن الطابع الفئوى الضيق، والانحيازات السياسية المغلقة إلى رحاب الانفتاح على التعددية فى التعبير عن المصالح، والاختلاف فى المنابت الاجتماعية والطبقية، والتنوع فى المطالب والأهداف الاقتصادية والسياسية. التحرك وطنيا إن التفاوت فى المجتمع، والاستقطاب فيه، بين حيتان المال الذين يتجاوزون حدود الطبقة، إلى عوالم "العوائل والأسر" المالية، وبين "الأطر الطبقية المختلطة" التى تضم فئات من محدودى الدخل، و"ميسورى الحال" وتدرجات من الفئات المتوسطة والأغنياء وقطاعات من الصناعيين أصحاب الورش ورجال الأعمال الصغار، وهذا الاستقطاب الاجتماعى الذى تفرزه العولمة فى بلداننا المتخلفة، يجعل من إطار التحرك الوطنى المشترك، ظاهرة موضوعية وأداة لمواجهة الاستبداد واحتكار السلطة ومصادرة الحريات والحقوق الديمقراطية وانتهاك الدستور، وفى هذه المساحة المفتوحة على الفعاليات والعمل المشترك، السياسى الوطني، والاحتجاجي، والمطلبي، تحركت "تمرد" واستطاعت أن تحشد كل القوى المتضررة من حكم الإخوان، على قاعدة الدفاع عن الوطن والدولة والحقوق المهضومة، وتمكنت بجرأة واقتحام وتصميم، من تجسيد الهم الشعبى المشترك، وترجمة القلق العام على سلامة الكيان الوطني، ودرء الخطر الذى يستهدف تفكيك الدولة الوطنية المصرية العميقة. وفى جانب آخر من 30 يونيو، يثار الجدل حول هوية ما جرى من حراك، وما أعقبه من تغيير، وما يعنيه تدخل القوات المسلحة فى تحديد مجرى التحول السياسى فى السلطة، والتوصيف الذى يضفيه هذا التدخل المباشر، ويجرى فى هذا الجدل، تجاوز مبادأة الحركة الشعبية الملايينية، بالتعبير عن إرادتها فى الشوارع والميادين والأصقاع والنجوع دون وصاية أو إكراه أو انقياد، وصياغتها أهداف خروجها غير المألوف على الملأ مباشرة. كما لم تأخذ الولاياتالمتحدة وأطراف فى المجتمع الدولي، الخصوصية السياسية فى مصر والعالم العربي، وعموم العالم الثالث، من غياب دور "صندوق الاقتراع" فى تجسيد الإرادة الشعبية طوال عقود متصلة، وهيمنة الأنظمة الاستبدادية على "نظافة" و"دلالة" الصندوق، حتى فى الحالات اليتيمة، التى كانت تحتكم فيها إلى نتائجه، ومعطياته التى يشوبها التلاعب والتزوير. إن قصور التقييم لمفهوم تطبيق الديمقراطية فى مصر وبلداننا المختلفة، ومقاربتها مع تقاليد وأصول الديمقراطيات المكرسة تاريخيا، يخلق تداعيات وإسقاطات غير مبرأة من "شبهة" المصالح والاستراتيجيات التى تقف فى أساس مواقف الحكومات الأوروبية، والبيت الأبيض، ولا يعنى ذلك، أن تلك الدول، وحتى أصغرها وأقلها شأنا مثل قطر، تتحرك خارج دائرة مصالحها وتوجهاتها وسياساتها المعلنة والمضمرة، بما يعنيها مباشرة، أو بالإنابة عن مصالح وأهداف الغير. ممارسة ديمقراطية حرة فالديمقراطية، كما هى الحال مع حقوق الإنسان، والحريات، والسيادة والاستقلال الوطني، واختيار طريق التطور والتقدم الاجتماعى والاقتصادي، تخضع لمعايير مزدوجة، تتحكم فى بوصلتها المصالح المباشرة والاستراتيجية، وفيما يتعلق بجزئية تطبيق مفهوم الديمقراطية، المرتبطة بمعاينة إرادة الجمهور فى الانتخابات، لم تنتبه الإدارة الأمريكية وشركاؤها، سوى لصناديق الاقتراع التى جاءت بالإخوانى محمد مرسى إلى رئاسة مصر، وهى إذ أخذت بذلك، تجاوزت طائفة من الشروط والمعايير الضرورية لتأكيد صدقية توفرها على مقومات تجعل من الانتخابات ونتائج صناديق الاقتراع انعكاسا لإرادة الأكثرية، واستكمالا للآليات الديمقراطية المتكاملة. بعد عقود من التضييق على الحريات فى مصر، وتحويل الانتخابات التشريعية والرئاسية إلى ممارسة شكلية، معروفة النتائج، حتى فيما يتعلق بنسبة المرشحين من الإخوان المسلمين، والدوائر المتفق على الترشح والنجاح فيها، مع جهاز أمن الدولة، لم يكتمل التمهيد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية بعد رحيل الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، مع أنها أول ممارسة ديمقراطية حرة، لم تعتورها شبهة التزوير المباشر، وتمت عملية الانتقال بصيغة مخلة، إذ ظل الحديث يدور حول تطبيق الآليات الديمقراطية، دون اعتماد دستور ديمقراطى جديد، ولا حملات توعية انتخابية تتناسب مع الظروف التى عاشتها مصر تحت الحكم الشمولي، وافتقار الناخب خصوصا فى الأرياف وبين الأميين والأميات إلى أبسط وسائل التوعية والتعبئة، لتمكينهم والناخبين عموما من التعرف على هوية الأحزاب والتجمعات والشخصيات القيادية فيها، والأفراد المترشحين لمجلسى الشعب والشوري، ولا بإعطاء فسحة زمنية كافية لإقامة تحالفات انتخابية بين القوى المعنية بالتغيير، وقد بدا المشهد، كما لو أن تحضيرا أو اتفاقا مسبقا قد تم لاختزال الزمن السياسي، بحيث يتعذر معه جرد الحياة السياسية وبلورة مواقف إزاء المتنافسين عن قرب، بالاستناد إلى أدوارهم فى المراحل المختلفة من تعاقب وتطور النظام الشمولي، وكان واضحا أن قوى خفية تتحرك لتكريس فكرة هيمنة وحضور الإخوان المسلمين بوصفهم التنظيم الأقوى القادر على إدارة البلاد وحكمها. فلول وثوريون وكان من الواضح أيضا أن الصراع كان يدفع باتجاه شق المجتمع إلى محورين لا ثالث لهما، محور الفلول، ومحور قوى الثورة، الذى ضم فى صفوفه، خليطا متناقضا من أقصى اليمين الدينى المتطرف والتكفيري، إلى تكتلات قومية ويسارية وليبرالية يغلب على بعضها النفور المتبادل، مع ضياع قوى "الكنبة" فى التجاذبات المتشظية. وانتهز الإخوان المسلمون ذلك فتسللوا، من بين أرجل القوى المدنية بمختلف نزعاتها وميولها، مستفيدين من انشغال كل منها بترتيب أولوياته فى الصراع على تصدر المشهد السياسي، وتمييع المهمة الملحة المباشرة المتمثلة فى تعبئة وتوحيد القوى المدنية الديمقراطية بمختلف مشاربها الفكرية والسياسية والعقائدية فى تحالف وطني، شعاره إقامة الدولة المدنية التعددية التداولية على. أسس ديمقراطية وطيدة، تحقق الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية، وفى أول اختبار لها فى الانتخابات الرئاسية وقعت هذه القوى فى فخ ثنائية "الإخوان – الفلول" مما رجع ومكن الإخوانى محمد مرسى من الفوز فى الدورة الثانية، ولم يكن هذا الفوز ممكنا لو أن القوى المدنية انتبهت إلى ضرورة فرز ما سمى افتراضا ب "قوى الثورة" والحيطة من انخداعها بشعارات الإخوان وتعهداتها، وما يمكن أن ينجم من تبعات ومضاعفات وصول الإخوان أو مرشح من التيار الإسلامى إلى قصر الاتحادية. ومن الضروري، قبل إجراء أى تقييم لطابع التحرك العسكرى وأهدافه التى أعلنها، الفريق السيسى أو "المضمر" من النيات، يصبح لزاما، تحديد المقدمات التى شكلت المنصة السياسية لهذا التحرك وأضفت عليه شرعيته "الديمقراطية" مدعوما مباشرة وعلنا من الشعب الذى انتفض فى الشوارع والميادين. فمما لا شك فيه، أن المشهد الذى خيم على القاهرة ومصر كلها فى 30 يونيو، يدخل بامتياز فى سجل التاريخ الحديث، كسابقة لا مثيل لها على مر العصور، آخذين بالاعتبار، أولا: الكم العددى الذى تجاوز الثلاثين مليونا من المصريين، وهو حشد جماهيرى يفوق مرات أى خروج احتفالى تشهده الهند أو الصين رغم كثافتهما السكانية المليارية. وثانيا: التمثيل الاجتماعى والسياسى والعقائدي، وثالثا: القيادة المحركة للخروج دون ترتيبات تنظيمية وأطر حزبية تحرض عليها. ورابعا: التمهيد غير المسبوق له أيضا، بحملة التوقيع على استمارات "تمرد" المطالبة بتنحى محمد مرسي، والدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة. على هذه الخلفية السياسية والشعبية، جاء التحرك العسكرى بمبادرة يقظة من المشير عبدالفتاح السيسي، وهذه الخلفية بالإضافة إلى ما سبق، تتضمن حقائق عدة، كان يترتب على تجاهلها وعدم أخذها الاعتبار، وعدم التصرف على ضوئها، من وجهة نظر القوات المسلحة وقيادتها ومواجهة تبعاتها بحزم، وضع مصر ومستقبلها على مرمى مخاطر قاتلة، تمثلت الحقيقة الأولى فى ظهور بوادر مواجهة قد تنزلق إلى حرب أهلية، نتيجة إصرار مرسى على المضى فى رفض المطالبات الشعبية بإيقاف "أخونة الدولة"، والتصفية التدريجية للعملية الديمقراطية والتوجه العملى لإقامة دولة دينية طائفية، والتحضير لتأمين سيطرة الإخوان على الحكم، بتعطيل آليات تداول السلطة، وتقنين ذلك، والحقيقة الثانية، أظهرت أن القوات المسلحة لم تتخذ قرارا بالتدخل فى المشهد السياسى بنية الاستيلاء على السلطة وإدارتها، وعكست الحقيقة الثالثة، تفويضا شعبيا مباشرا غير مسبوق للمشير عبدالفتاح السيسي، لتنحية الرئيس الإخوانى وإجراء انتخابات رئاسية مباشرة تحت إشراف حكومة انتقالية، وبينت الحقيقة الرابعة هى (استنادا إلى الرصد الاستخبارى والمتابعة الميدانية والمشاركة من داخل الحكومة، كما بين ذلك السيسي، فى معرض ذكره لقول قائد إخواني، "إنهم سيحكمون مصر خمسمائة سنة"!) حجم التحديات الخطيرة التى تتعرض لها مصر ودولتها العميقة ووحدة أراضيها وسيادتها الوطنية، فى إطار ما يجرى تنفيذه عمليا من قبل الرئيس المخلوع ومكتب الإرشاد وقيادات تيار الإسلام السياسى المتواطئة مع الإخوان. ارهابيون فى سيناء وأظهرت المعلومات اللوجستية، النزوح الجماعى للمنظمات الجهادية التكفيرية عبر الحدود المفتوحة على مصر ومن خلال بوابة غزة وأنفاقها "الحمساوية" وتمكينها من التسلح والتوطين فى ملاذات آمنة "جهادية" فى سيناء، وتأمين خطوط مواصلات لوجستية واتصالات لها مع الداخل المصرى تحت غطاء حكومى رئاسي، وتوفير خطوط تموين وإعاشة وتهريب، لتعزيز مصادر تمويلها وتنويعها وضمان تدفقها فى الحالات الاستثنائية، كما يحدث الآن، ولكى يتكامل المشهد الذى يشكل خلفية التحرك الذى أقدمت عليه القوات المسلحة استجابة لتفويض الشعب. يصبح من اللازم بالإضافة إلى الحقائق المذكورة، ملاحظة القناعة التى تولدت بوضوح لدى قيادة القوات المسلحة من أن خطرا داهما يتعرض له الأمن القومى يؤكد بالملموس وقائع التخابر والتنسيق بين حماس ومرجعيتها الممثلة فى مكتب الإرشاد، من جانبه، وبين التنظيم الدولى للإخوان المسلمين والولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل عبر "الوسيط القطري" والحاضن "تركيا". من جانب آخر، لتنفيذ مخطط الهيمنة المطلقة على مصر والانطلاق منها لخلق محور يمتد فى البلاد العربية والإسلامية، وأصبحت القيادة العسكرية على يقين، دون أن يساورها الشك أو الغموض، بأن العد التنازلى لتنفيذ مخطط تقويض الدولة المصرية عبر أخونتها، وتصديع سيادة مصر ووحدة أراضيها، قد بات وشيكا. وتسربت تحذيرات من أوساط عربية حول وجود نية مبيتة، لاقتطاع أجزاء من سيناء، وضمها إلى قطاع غزة، ووضع ترتيبات مناسبة لمعالجة القضية الفلسطينية ترضى الولاياتالمتحدة وإسرائيل، من خلال تأهيل حماس كشريك موثوق بديلا عن السلطة الوطنية الفلسطينية. لقد أنجزت ثورة 30 يونيو، مهمة الإطاحة بحكم الاخوان، وكانت القوات المسلحة الأداة المفوضة من الثورة لاستكمال التفاصيل العملياتية، وهى لاتزال تواصل مهام تطهير البؤر الإرهابية المسلحة للإخوان، والمنظمات الجهادية، وإعادة الأمن والاستقرار إلى ربوع الوطن، وهذه المهام من صلب واجباتها، فهل فى هذا التدخل، بتفويض شعبي، ما يغير من طابع الثورة فيحولها إلى انقلاب عسكري؟ ويجرى التطرق فى سياق تقييم الثورة، وإضفاء صفة الانقلاب عليها فى النقاشات التى تدور حول خارطة الطريق والانتخابات التشريعية والرئاسية التى ستجرى بمقتضاها، عن احتمال ترشيح الفريق السيسى لرئاسة الجمهورية، ويساق هذا الاحتمال، لتأكيد شبهة "الانقلاب" على الثورة، بالرغم من عدم وجود ما يدل عليه، سوى مظاهرات الامتنان والتعاطف التى يعبر عنها المواطنون، وهم يذكرون فضل القوات المسلحة وقائدها فى الانحياز إلى الشعب.