إدجار مويو رئيسًا للدورة 112 لمؤتمر العمل الدولي بجنيف    حزب الوعي يطالب بإنشاء مرصد لمراقبة مبادئ حقوق الإنسان    توريد أكثر من 300 ألف طن قمح لشون وصوامع البحيرة    تخصيص قطع أراضي لصالح مسار القطار الديزل وحرمه بمحافظة مطروح    بعد وقوع الهزة الأرضية اليوم.. هل دخلت مصر حزام الزلازل؟ معهد البحوث الفلكية يُجيب    تشيلسي يعلن ضم صفقة جديدة    مهاجم بيراميدز: إبراهيم عادل أفضل من زيزو وإمام عاشور    المشدد 5 سنوات لعامل لاتجاره في المخدرات بالعبور    محافظ البنك المركزي الياباني: لن نتجه نحو رفع أسعار الفائدة في الوقت الحالي    وزير الداخلية يهنئ رئيس الوزراء وشيخ الأزهر بمناسبة عيد الأضحى    الرئيس اللبنانى خلال لقائه عراقجى: لبنان يتطلع لتعزيز العلاقات مع ايران    خلافات بشأن ملف الهجرة تسقط الائتلاف الحاكم في هولندا    تورنتو ستار الكندية: تحقيق بشأن جنود إسرائيليين بتهم جرائم حرب في غزة    Alpha وAirbus يدمجان الذكاء المسير في قلب العمليات الجوية العسكرية    خالد عيش: أوضاع العمال في مناطق النزاع تتطلب تدخلًا دوليًا عاجلًا    فيفي عبده تنعي الفنانة سميحة أيوب    وزير المالية: 50% من مستحقات الشركات في برنامج دعم الصادرات سيتم تسويتها من الضرائب أو الكهرباء    «التحدي الأكبر».. لاعب بورتو البرتغالي يتغنى ب الأهلي قبل مونديال الأندية    الاتحاد السكندري: عبدالعاطي استقال على «الفيسبوك».. والمغادرة غير مقبولة    تشيلسي يفشل في الإبقاء على سانشو    محافظ الفيوم: بدء تطبيق المحاور المرورية الجديدة أول أيام العيد    ارتفاع تدريجى في درجات الحرارة.. «الأرصاد» تعلن حالة الطقس اليوم وغدًا بالإسكندرية (تفاصيل)    الداخلية تكشف تفاصيل فيديو قيام شخص بالتعدى على ابنته بالجيزة    الخارجية: يجب الالتزام بالقوانين المنظمة للسفر والهجرة والإقامة بكل دول العالم    قطاع المسرح ينعى الفنانة سميحة أيوب: اليوم تنكس رايات الإبداع ألما ووفاء    بعد نفي شائعة زواجها.. مها الصغير تستعيد ذكرياتها مع والدها: «كل يوم ببقى محتاجة ليك أكتر»    التعليم تطلق الحفل الختامي للدورة التاسعة لمسابقة "تحدي القراءة العربى"    رئيس الهيئة الدولية للمسرح ينعى وفاة سيدة المسرح العربي سميحة أيوب    تطهير وتعقيم ونظافة الأماكن المعدة لصلاة عيد الأضحي المبارك بالقاهرة    حكم صيام يوم التروية.. أدعية مستحبة في اليوم الثامن من ذي الحجة    «ذبح وتهنئة وفُسح».. طقوس المصريين للاحتفال ب«عيد الأضحى»    فريق طبى بمستشفى جامعة قناة السويس ينقذ حياة مريض بالقلب    السبكي: الشراكة المصرية الألمانية في الصحة نموذج للتحول الرقمي والتميّز الطبي    رسالة دكتوراه تناقش تقييم جدوى تقنية الحقن الأسمنتي كعلاج فعال لكسور هشاشة العظام    محافظ القليوبية يوجه باستمرار صرف الألبان خلال عطلة عيد الأضحى    "الزراعة": التفتيش على 289 منشأة بيطرية خلال مايو واتخاذ الإجراءات ضد 64    "يونيسف" تطالب بفتح تحقيق دولى بعد عدوان إسرائيل على طالبى المساعدات فى غزة    المشاط تبحث مع الاتحاد الأوروبي إتمام المرحلة الثانية من آلية مساندة الاقتصاد الكلى    جامعة القاهرة تدعم الرياضة المصرية بتعاون وثيق مع الاتحاد المصري لألعاب القوى    المركز القومي للمسرح ناعيا سميحة أيوب: أفنت عمرها في تشكيل ملامح تاريخ الفن    مهرجان إيزيس الدولي ينعى سيدة المسرح العربي سميحة أيوب    موعد ومكان جنازة الفنانة سميحة أيوب    مدير الإغاثة الطبية بغزة: مراكز توزيع المساعدات في القطاع مصائد لاستهداف المواطنين    «أمن المنافذ»: ضبط 2628 مخالفة مرورية وتنفيذ 162 حكمًا قضائيًا خلال 24 ساعة    ضبط أصحاب شركة المقاولات المتورطة في التنقيب عن الآثار أسفل قصر ثقافة الطفل بالأقصر    قبل نهائي الكأس.. أرقام الحكم محمود بسيوني مع الزمالك وبيراميدز هذا الموسم؟    سويلم يتابع ترتيبات "أسبوع القاهرة الثامن للمياه"    وزارة السياحة والآثار تستضيف وفدًا صحفيًا من المكسيك في زيارة تعريفية للمقصد السياحي المصري    رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية يهنئ رئيس الجمهورية وشيخ الأزهر بحلول عيد الأضحى    سكاي: برونو فيرنانديز لا يريد الانتقال إلى الدوري السعودي هذا الصيف    هيئة الأرصاد: أجواء ربيعية ممتعة اليوم والعظمى بالقاهرة الكبرى 31 درجة    من الصفائح التكتونية إلى الكوارث.. كيف تحدث الزلازل ؟    مستشار الرئيس للشئون الصحية: مصر تشهد معدلات مرتفعة في استهلاك الأدوية    الحج 2025 .. ماذا يقال عند نية الإحرام ؟    قرار عاجل من التعليم بشأن المدارس الرسمية الدولية lPS (مستند)    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الثلاثاء 3 يونيو 2025    إيذاء للناس ومخالفة لأخلاق الإسلام.. دار الإفتاء توضح حكم ذبح الأضاحي في الشوارع    «هاجي في يوم وهقتله».. يورتشيتش يمازح مصطفى فتحي بسبب عصبية الشيبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"القتلة" جماعة الإخوان المسلمين تمنح اعضاءها حق قتل المختلفين سياسيا مع الجماعة
نشر في الأهالي يوم 17 - 12 - 2013

تعيد "الأهالي" نشر هذا الجزء من دراسة مهمة للدكتور رفعت السعيد حول تاريخ جماعة الإخوان وممارساتها الإرهابية واعتمادهم القتل أسلوبا حتي لاعضائها الذين يختلفون معها..
و"الأهالي" إذ تعيد نشر هذه الدراسة فإنها تهديها إلي المخدوعين في هذه الجماعة وإلي دعاة المصالحة مع القتلة حيث لا تصالح علي الدم ولا تصالح علي مصلحة ومصير وطن يتطلع لغد تسوده العدالة وينعم بالأمن والاستقرار.إذا كانت هذه فتوي الأكثر اعتدالاً.. فإن الأعضاء الآخرين كانوا أكثر صراحة .. وربما أكثر عنفاً.
وما من مجال لسرد كل الدعاوي الإخوانية التي تقرر أن العنف والإرهاب هو أساس الدعوة.. وجوهرها، فلقد يحتاج الأمر إلي مجلدات .. فقط أدعو القارئ إلي قراءة الكتب الآتية التي أصدرها قادة بارزون من الجماعة، بل لعلهم كانوا أبرز القادة الفعليين، فهم قادة الجهاز السري الذي كرس الإرهاب المتأسلم في مصر.
- أحمد عادل كمال – النقط فوق الحروف .ويقول فيه: جماعة دون عنف يحميها .. تهريج.
- صلاح شادي – حصاد العمر [ويورد مئات الوقائع عن ارتكاب أعمال إرهابية].
- عبد المنعم عبد الرؤوف – أرغمت فاروق علي التنازل عن العرش [وفيه يؤكد أن الإخوان هم الذين حاولوا اغتيال عبد الناصر في حادث المنشية ويورد تفاصيل الترتيبات].
- محمود عبد الحليم – الإخوان المسلمون، أحداث صنعت التاريخ [وفيه يؤكد أن رئيس الجهاز السري للإخوان عبد الرحمن السندي هو الذي دبر قتل نائبه سيد فايز ويقول:« وقد ثبت ثبوتاً قاطعاً أن هذه الجريمة الأثيمة كانت بتدبير السندي».
اتهامات متبادلة
وإذ يطالع القارئ هذه الكتب أو حتي واحداً منها سيجد فيضاً من المعلومات والأدلة والاعترافات والاتهامات المتبادلة .. تكفي وتزيد لإقناعه بأن جماعة الإخوان كانت المصدر الأساسي للإرهاب المتأسلم في العصر الحديث. ولكن ليأذن لي القارئ أن نتوقف أمام كاتب إخواني من قادة الجهاز السري، نتوقف أمامه لأنه الأصرح والأوضح .. وربما الأفدح، إنه الأستاذ محمود الصباغ. ونقرأ:
يبدأ عضو الجهاز الخاص بالبيعة « يدخل إلي حجرة مطفأة الأنوار، ويجلس علي بساط في مواجهة أخ في الإسلام مغطي جسده تماماً من قمة رأسه إلي أخمص قدمه برداء أبيض، ثم يخرج من جانبه مسدسا ويطلب من المبايع أن يتحسسه، وأن يتحسس المصحف الشريف ثم يقول له: فإن خنت العهد أو أفشيت السر، فسوف يؤدي ذلك إلي إخلاء سبيل الجماعة منك، ويكون مأواك جهنم وبئس المصير»
ما معني «إخلاء سبيل الجماعة منك»؟ تأتي الاجابة في صفحة أخري عندما يورد الأخ الصباغ نصوص لائحة الجهاز الخاص [الجهاز السري لجماعة الإخوان]م13: إن أيه خيانة، أو إفشاء سر بحسن قصد، أو بسوء قصد يعرض صاحبه للإعدام وإخلاء سبيل الجماعة منه، مهما كانت منزلته، ومهما تحصن بالوسائل، واعتصم بالأسباب التي يراها كفيلة له بالحياة»
بل إنه يعطي لنفسه ولزملائه الحق في القتل المباشر دون إذن من القيادة «إن أعضاء الجهاز يمتلكون – دون إذن من أحد – الحق في اغتيال من يشاءون من خصومهم السياسيين، فكلهم قارئ لسنة رسول الله في إباحة اغتيال أعداء الله». فقط نلاحظ أن «خصومهم السياسيين» هم أعداء الله ويباح اغتيالهم.
بل إن الأستاذ الصباغ يغالي فيقول «إن قتل أعداء الله [أي الخصوم السياسيين للجماعة] غيلة هو من شرائع الإسلام، ومن خدع الحرب فيها أن يسب المجاهد المسلمين وأن يضلل عدو الله بالكلام حتي يتمكن منه فيقتله»
.. فقط يبقي أن نشير إلي أن الأستاذ مصطفي مشهور مرشد الجماعة الحالي هو صاحب مقدمة هذا الكتاب.
ومادمنا في إطار الحديث عن لائحة الجهاز الخاص وعن أساليبه، فلنطالع بعضا من أوراقه التي تم ضبطها في القضية الشهيرة المسماة «قضية سيارة الجيب»، وقد أوردهاالأستاذ عصام حسونه الذي كان وكيل النيابة المحقق، في كتاب له. فورقة تعليمات صادرة من قيادة الجهاز لأعضائه تقول « إن كل من يحاول مناوأتهم ،أو الوقوف في سبيلهم مهدر دمه، وأن قاتله مثاب علي فعله» و «أن من سياستنا أن الإسلام يتجاوز عن قتل المسلمين إذا كان في ذلك مصلحة» و.. «إن من السياسيين من يجب استئصاله وتطهير البلاد منه، فإن لم توجد سلطة شرعية تصدهم، فليتول ذلك من وضعوا أنفسهم للإسلام جنوداً، وأن الإسلام يتجاوز عن احتمال قتل المسلمين إذا كان في ذلك مصلحة».
فتاوي القتل
.. ومن أشكال العنف .. «الفتوي»، فالمفتي من أعضاء الجماعة يضع السم في الشراب ويترك الآخرين ليتجرعوه، وكمثال نورد الفتوي التالية التي كانت سبباً في موجة للاعتداء علي الكنائس وإحراقها.
في مجلة الدعوة [لسان حال الجماعة] وردت الفتوي التالية التي أفتي بها مفتي المجلة الشيخ محمد عبد الله الخطيب حول حكم بناء الكنائس في ديار الإسلام.
«حكم بناء الكنائس في ديار الإسلام علي ثلاثة أقسام:
الأول: بلاد أحدثها المسلمون وأقاموها كالمعادي والعاشر من رمضان وحلوان وهذه البلاد وأمثالها لا يجوز فيها إحداث كنيسة ولا بيعة.
والثاني: ما فتحه المسلمون من البلاد بالقوه كالإسكندرية بمصر والقسطنطينية بتركيا فهذه أيضا لا يجوز بناء هذه الأشياء [لاحظ كلمة هذه الاشياء] فيها، وبعض العلماء قال بوجوب الهدم لأنها بلاد مملوكة للمسلمين.
والثالث: ما فتح صلحاً بين المسلمين وبين سكانها، والمختار هو إبقاء ما وجد بها من كنائس وبيع علي ما هي عليه في وقت الفتح، ومنع بناء وإعادة ما هدم منها،وواضح أنه لا يجوز إحداث كنيسة في دار الإسلام»
هذا هو الفكر الإخواني، ولسنا نريد الخوض في تفنيد هذا الرأي وتخطئته شرعياً، وعبر الممارسات الإسلامية علي مدي التاريخ من عمر بن الخطاب وعمرو بن العاص وحتي الآن.. وانما فقط نشير إلي أن فتوي كهذه كانت أساساً لأن يقوم بعض الصبية الذين صدقوها والتزموا بها بالتعدي علي الكنائس ومحاولة إحراقها.
.. ولعل هذا يقودنا.. إلي فكرة طالما نادينا بها وهي : أن الإرهاب يبدأ فكراً.
.. ومنذ البدايات الأولي حاول الأستاذ حسن البنا – وإن كان بحذر – أن يضع اللبنات الأولي للمفارقة بين عضو الجماعة والمجتمع حكاما ومحكومين.. وللمفاصلة التامة بينهما. بل ولتكفير المجتمع.. حكاماً ومحكومين. وإنكار ما يقوم عليه المجتمع من أسس دستورية وقانونية .
تكفير البشر
وفي رسالة التعاليم يحدد حسن البنا واجبات «الأخ المجاهد» وعددها 38 واجبا، الواجب رقم 25 منها يأمر العضو « أن تقاطع المحاكم الأهلية، وكل قضاء غير إسلامي، والأندية والصحف، والجماعات، والمدارس والهيئات التي تناهض فكرتك الإسلامية مقاطعة تامة».. والبند رقم 37 يأمره «أن تتخلي عن صلتك بأية هيئة أو جماعة لا يكون الاتصال بها في مصلحة فكرتك»
وعلي نهجه سار الأستاذ عبد القادر عوده .. إذ قرر تكفير كل قائل بالقانون الوضعي [والغريب أنه ظل وحتي آخر أيام حياته محامياً ويدير مكتباً كبيراً للمحاماة التي تعتمد وفقط علي التحاكم إلي القانون الوضعي]..ويقول الأستاذ عوده «من الأمثلة الظاهرة علي الكفر بالامتناع في عصرنا الحالي: الامتناع عن الحكم بالشريعة الإسلامية وتطبيق القوانين الوضعية بدلا منها».
ويقول: «فمن أعرض عن الحكم بحد السرقة أو القذف أو الزنا لأنه يفضل غيره من أوضاع البشر عليه، فهو كافر قطعا»
ويقول مفكر إخواني آخر هو الأستاذ علي جريشة «ولا خلاف في جهاد من منع بعض شريعة الله، وأولي به من منع كل الشريعة، والقعود عن الجهاد تهلكة نهي الله عنها» صوغني عن القول أن القول بتكفير كل من يقبل بالقانون الوضعي، هو تكفير للحكم والمجتمع والمحكومين، أما القعود عن الجهاد ضد هذا المجتمع فهو «تهلكة نهي الله عنها».
دون صعوبة إذن نكتشف أن جوهر فكرة التكفير ومن ثم «المفاصلة» مع المجتمع، والعنف ضده ، قديمة قدم الدعوة ذاتها، وأن الذي أرسي أساسها هو مؤسس الجماعة ذاته.. الأستاذ حسن البنا.
والذين يتصورون أن الأستاذ سيد قطب أستاذ «التكفير» والذي انبثق من فكره كل دعاة الإرهاب المحدثون [إلي درجة انهم يسمون بالقطبيين] كان شارداً عن خط الجماعة واهمون .. هو فقط وضع الكلمات في موضعها الواضح، ولم يتلاعب بالألفاظ كما فعل سابقوه.
وسيد قطب رجل لا يعرف المساومة..
فيقول: «إن الإسلام لا يعرف إلا نوعين من المجتمعات: مجتمع إسلامي، ومجتمع جاهلي» والمجتمعات الجاهلية عند سيد قطب هي كل المجتمعات «الشيوعية والوثنية واليهودية والمسيحية، والمجتمعات التي تزعم أنها مسلمة»
وبشكل أوضح يقول: «يدخل في إطار المجتمع الجاهلي جميع المجتمعات القائمة علي الأرض»
وكما قلنا لا حل وسط فهو يقول: «فنحن وهذه الجاهلية علي مفرق الطريق.. فإما إسلام وإما جاهلية، وإن وظيفتنا الأولي هي إحلال التصورات والتقاليد الإسلامية في مكان الجاهلية، ولن يكون هذا بمجاراة الجاهلية في بعض الخطوات لأننا حين نسايرها خطوة، فإننا نفقد المنهج كله ونفقد الطريق»
وهو لا يعترف بإسلام المسلمين «إن الناس ليسوا مسلمين كما يدعون، وهم يحيون حياة الجاهلية، ليس هذا إسلاما، وليس هؤلاء مسلمين . والدعوة إنما تقوم لترد هؤلاء الجاهليين إلي الإسلام، ولتجعل منهم مسلمين من جديد»
تأملوا «لتجعل منهم مسلمين من جديد». وهو لا يعتبر أن الإسلام قائم إلا في حدود جماعته، ومن ثم فهو يدعو إلي إعادة «إنشائه» قائلا «وينبغي أن يكون مفهوماً لأصحاب الدعوة الإسلامية أنهم حين يدعون الناس إعادة إنشاء هذا الدين يجب أن يدعوهم أولا إلي اعتناق العقيدة، حتي ولو كانوا يدعون أنفسهم مسلمين، وتشهد لهم شهادات الميلاد بأنهم مسلمون، فإذا دخل في هذا الدين عصبة من الناس، فهذه العصبة هي التي يطلق عليها اسم المجتمع المسلم»
وسيد قطب ينكر أية رابطة سوي رابطة الإسلام فهو لا يعترف بالوطن ولا بالوطنية «لا رابطة سوي العقيدة، ولا قبول لرابطة الجنس والأرض واللون واللغة والوطن والمصالح الأرضية والحدود الإقليمية» «إن هي إلا أصنام تعبد من دون الله» مرة أخري إنه رجل لا يعرف المساومة «لا حل وسط، ولا منهج بين بين.. إنما هناك حق وباطل، هدي وضلال، إسلام وجاهلية»
ومرة أخري هو يرفض كل المجتمعات «سواء كان اسمها حكم الفرد أو حكم الشعب، شيوعية أو رأسمالية، ديمقراطية أو ديكتاتورية، أو أتوقراطية أو ثيوقراطية»
.. ما معني ذلك كله؟ ما معني تكفير المسلمين جميعا.. حكاماً ومحكومين.. معناه ببساطة أنهم جميعا مرتدون. ثم .. الإرهاب.
التلاعب بالكلمات
وهكذا فإن الارهاب يأتي منقاداً وبشكل طبيعي للفكرة الأولي الذي وضع بذرتها الأستاذ حسن البنا ومدها علي استقامتها الأستاذ سيد قطب..
ولعل وضوح وصراحة سيد قطب قد دفعت كثيراً من الإخوانيين المعتادين علي «التقية» والممالأة ، والتلاعب بالكلمات إلي القول بأن سيد قطب قد تباعد عن فكر الجماعة. مستندين في ذلك إلي كتاب «دعاة لاقضاة» الذي أصدره الأستاذ حسن الهضيبي [مرشد الإخوان آنذاك] وهو في السجن. ناسين أن الأستاذ الهضيبي كان كغيره من قادة الجماعة، يجاهر أحياناً بغير ما يعتقد، وملتجئاً إلي «التقية» ولنا علي ذلك أدلة عديدة..
«أرسل الأستاذ الهضيبي من سجن طره إلي الإخوان في الواحات مؤكدا أن تفسير الأخ سيد قطب للقرآن هو الحق الذي لا يسع أي مسلم أن يقول بغيره».
ولقد يقول قائل – وقد يكون علي حق – أن هذه أقوال متهم قد أُجبر عليها تحت وطأة التعذيب.
فلنأت إلي شهادة أخري، كتبت في الزمن السعيد زمن التهادن بين الإخوان والسادات.
الأخت زينب الغزالي تقول «إن فضيلة المرشد [الأستاذ الهضيبي] قد قرأ كتاب معالم في الطريق، وأعاد قراءته قبل طبعه، ووافق عليه.. وقال إن هذا الكتاب قد حصر أمله كله في سيد، وأنه الأمل المرتجي للدعوة الآن»
وفي كتاب آخر أصدره واحد من مفكري الجماعه [الأستاذ صفوت منصور] نقرأ «والأستاذ سيد قطب صاحب كتاب معالم في الطريق يعد في ميزان الرجال عماداً هائلا في تجديد شباب الحركة الإسلامية، والامتداد الفكري والحركي لجماعة الإخوان المسلمين
ويعود فيؤكد أن فكر الأستاذ سيد قطب «هو امتداد لفكر جماعة الإخوان المسلمين، وتجديد لشبابها الفكري والحركي».
وقائد إخواني مبرز هو الأستاذ صلاح شادي يكتب كتاباً أسماه
« الشهيدان – حسن البنا وسيد قطب» يقول فيه «لقد كان حسن البنا البذرة الصالحة للفكر الإسلامي، وكان سيد قطب الثمرة الناضجة لهذا الفكر»
الموقف الاجتماعي لجماعة الإخوان
ولأن القرآن حمّال أوجه. ولأنه لا ينطق وهو مكتوب وإنما ينطق به البشر كما قال الإمام علي بن أبي طالب.
«فإن تلك الجماعة التي أكدت وتؤكد أنها تتخذ من الإسلام منهجاً متكاملا، والتي كسبت تأييداً لا بأس به لأنها تقدم تصوراً يقول إنه يستهدف تغيير النظام السياسي التقليدي في مصر تغييراً شاملا»
فقد استخدمت الدين بما يحقق لها مصالحها السياسية
ولأن الإسلام شأنه شأن أي معتقد سماوي أو فكري يمكن الدخول إليه من أكثر من مدخل. وبرغم أننا تعلمنا علي أيدي مفكرين إسلاميين المدخل الصحيح نحو البعد الاجتماعي للإسلام.. مفكرين مثل رفاعة الطهطاوي، وجمال الدين الافغاني الذي قال «إن أول من عمل بالاشتراكية هم الصحابة» والذي منح كلمة الاشتراكية تعريفا موجزاً ودقيقاً إذ قال
« الاشتراكية هي التي تعطي حقاً مسلوباً للشعب العامل»
وأمثال الأستاذ الإمام محمد عبده الذي كان يري كما يؤكد تلميذه رشيد رضا «أن تراكم الثروة لدي البعض يخلق مشاكل اجتماعية، وأن الاضرابات العمالية والمشكلات في علاقات العمل هي مجرد ثمرة لهذا الوضع»
فان آخرين اختاروا مدخل اتخاذ الدين الدين كسلاح في يد الرجعية وكبار الملاك والرأسماليين.
أما حسن البنا فقد وجد نفسه في مأزق حقيقي.
فهو يريد أن يكسب لجماعته جماهيرية وسط جموع الفقراء. لكنه لا يريد أن يفقد مساندة القصر وكبار الملاك فاتخذ موقفاً يمكن القول بأنه «وسط» وبأنه «مرن» وبأنه يفصل بين القول والممارسة الفعلية.
واكتسب هذا الموقف مزيداً من المرونة أو بالدقة الغموض إذ رفض في الواقع إعلان أي برنامج سياسي أو اقتصادي محدد وواضح واكتفي بالعموميات مثل «القرآن دستورنا». لكن واقع الحياة كان يفرض علي الجماعة أن تحدد موقفاً من مجمل البنية الاجتماعية والاقتصادية. فاضطرت الي ذلك واتخذت من الوسطية والمرونة سبيلاً لتلافي أي اختيار واضح وصريح بين العمال وبين مستغليهم.
الملكية والحيازة وسنحاول وبايجاز شديد تلمس الأسلوب الذي حددت به الجماعة ومفكروها «الموقف الفكري» من القضية الاجتماعية ومن الطبقة العاملة. يقول أحد مفكري الجماعة الشيخ محمد الغزالي: إن الإسلام يطرح نظاماً اقتصادياً يمكن تسميته بالنظام الوسيط» وهو لايتردد في القول بأن مثل هذا النظام «قد يطبق بأشكال مختلفة بإشراف الدولة علي مصالح الشركات الكبري إشرافاً مباشراً.. وهو ما اعتبره وسطاً بين تعطيل مبدأ الملكية وبين إطلاقه».
بينما يقول مفكر آخر من مفكري الجماعة هو سيد قطب «إن النظام الإسلامي ليس هو الرق.. وليس هو الإقطاع وليس هو الشيوعية، إن النظام الإسلامي هو فقط النظام الإسلامي» إن عبارة سيد قطب هذه نموذج دقيق لأسلوب عرض جماعة الإخوان لأفكارها خاصة في المجال الاجتماعي فهي تكتفي بنفي صفات محددة دون أن توضح تحديداً ماذا تريد.. لكننا نلاحظ أن قطب لم ينف صفة «الرأسمالية» عن النظام الإسلامي، ربما لأنهم كعادتهم لم يريدوا تصادماً مع الرأسمالية.. .. فالعبارة قيلت عام 1953 حيث كان حكام يوليو ضد الإقطاع وضد الشيوعية لكنهم لم يتخذوا أي موقف ضد الرأسمالية.
وتحاول مجلة الدعوة أن تضفي ظلالاً غيبية علي موضوع الملكية ذاته «فالإسلام لا يعرف الملكية وإن كان يعرف الحيازة. إذ قررت المذهبية الإسلامية أن هذا الكون مرده إلي خالق واحد، وأنه وحده مالك الملك بما فيه من مادة وروح. فالإنسان ليس مالكاً أصيلاً لأي شئ لا لذاته أو جسده ولا لزرع أو ضرع ولا أرض أو ماء أو هواء .. وإنما هو خليفة الله سبحانه في ملكه»
وإذا كانت«الملكية» لله وحده والإنسان مستخلف فيها: فإن الاستغلال ليس ملازما للملكية.
فالشيخ البهي الخولي الذي كلف باعداد البرنامج التثقيفي للجماعة يقول: «إن مقاومة الاستغلال لا تكون بإلغاء الملكية بل بإقامة السلطة العادلة، أما الملكية ذاتها فليس من طبيعتها أن تبيح هذا العدوان، فقد يملك الإنسان ولا يظلم، وقد يملك ويكون محسناً كريماً. ومن ثم فالملكية ليست بحاجة إلي معالجة أو مقاومة، وإنما إلي تهذيب». ووفق هذه المرتكزات الفكرية تقدم الجماعة أفكارها ومواقفها.
ويقول حسن البنا في رسالته المعنونة «مشكلاتنا الداخلية في ضوء النظام الإسلامي».
«إن التفاوت عظيم والبون شاسع والفرق كبير بين الطبقات المختلفة في هذا الشعب، فثراء فاحش وفقر مدقع » وقد يتصور القارئ أن الجملة التالية ستكون دفاعا عن العمال أو فقراء الفلاحين لكنها تأتي دفاعاً عن الطبقة الوسطي «فالطبقة المتوسطة تكاد تكون معدومة. والذي نسميه نحن الطبقة المتوسطة ليست إلا مجموعة من الفقراء المعوزين وإن كنا نسميهم متوسطين علي قاعدة بعض الضرر أهون من بعض»
ويحدد البنا قواعد للنظام الاقتصادي في الإسلام من بينها:
- اعتبار المال الصالح قوام الحياة ووجوب الحرص عليه.
- تقرير حرمة المال واحترام الملكية الخاصة ما لم تتعارض مع المصلحة العامة.
ويستند البنا في تأكيد تحريم مصادرة المال إلي الحديث النبوي «كل المسلم علي المسلم حرام، دمه وعرضه وماله».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.