عوامل عديدة يمكن أن تؤدي إلي زيادة في استهلاك النفط . الأول ان السعوديين الذين يسيطرون علي 11 % من انتاج النفط ويمتلكون معظم الاحتياطي منه قد يقررون زيادة العرض مما يؤدي الي خفض الاسعار وزيادة الطلب . ثم قد يقررون خفض الانتاج في محاولة لرفع الاسعار مرة أخري مما يؤدي إلي انخفاض الطلب أكثر وأكثر. ثانيا تراجع الطلب يدفع الاسعار إلي الانخفاض . وقد يتحول السائقون مرة أخري إلي سيارات الغاز. مثلما فعلوا عام 1990 مما أدي حينها الي انخفاض سعر النفط. ولكن تشديد معايير الإنبعاثات ينبغي أن يجعل ذلك أكثر صعوبة في المستقبل. وسيكون لاستقرار الطلب علي النفط نتائج مهمة . خاصة فيما يتعلق بالبيئة حيث يصدر عن السيارات التي تعمل بالغاز كميات اقل من ثاني اكسيد الكربون. كما سوف يغير من ترتيب "الشركات المتنافسة" فحاليا تتنافس اكسون موبيل مع ابل كأكبر شركة مدرجة في العالم . ومع ذلك اكسون وغيرها من شركات النفط العملاقة هي أكثر عرضة للخطر مما يظهر لنا. وتقدر شركة برنيشتاين للابحاث إن إستخراج برميل النفط الجديد من القطب الشمالي او البيئات التكنولوجية او السياسية يتطلب تكلفة 100 دولار للبرميل . ومازالت شركات النفط الكبري تتمتع بامكانات للمستقبل مثل شركات الغاز ولكن هذا لن يكون علي نفس القدر من الربحية . فقد تكون " الجيوسياسية " لها أثر كبير لتراجع الطلب . فالنفط يدعم الفساد الحكومي المستفحل في عهد فلاديمير بوتن فسوف يجد الكرملين صعوبة اكبر في فرض ارادته علي البلاد عندما يتناقص المصدر الرئيسي للرعاية . وقد اعتمد الامراء السعوديون علي رفع اسعار النفط " لسد عجز الموازنة " في حين يدفعون للبرامج الاجتماعية الفخمة لاسترضاء جيل الشباب الذي لا يهدأ والذين ينزلون إلي الشوارع للاحتجاج . هناك احتياطات مالية ضخمة تستطيع أن تسد الفجوة لفترة من الوقت . ولكن إذا ما انحسر تدفق مال النفط إلي خزائن المملكة سيكون شراء قبول المعارضة أكثر صعوبة بينما تزداد فرص الأضطربات الاجتماعية. وإذا كانت امريكا تتجه نحو طاقة " الصخر الزيتي "التي تعمل علي الاكتفاء الذاتي . فمن غير المرجح أن تتساهل في المستقبل تجاه الحلفاء العرب والذين اعتمدت عليهم في الماضي في صعودها. وقد غذي النفط العديد من الصراعات في الماضي وقد يستمر في القيام بذلك وهذا ما حدث ولكل هذا فإن معظم الناس سوف يرحبون بالتغيير . ويعد فجر عصر النفط حديثا نسبيا . بالرغم من إنه كان يستخدم في تشغيل القوارب المائية في منطقة الشرق الأوسط منذ 6000 عام . ولكن بدأ استخراجه بشكل جدي في عام 1859 بعد ما يسمي غارة النفط في ولاية بنسلفانيا . وكان سعر استيراد أول برميل من النفط الخام حوالي 18 دولارا أي حوالي 450 دولارا بسعر اليوم. حيث كان يستخدم في صناعة " الكيروسين" الذي هو الوقود الاساسي في الإضاءة الصناعية بعد عمليات الصيد الجائر التي أدت إلي نقص في شحوم الحوت . وكان يتم حرق أو التخلص من السوائل الأخري التي كانت تنتج عن عمليات التكرير حيث كانت غير مستقرة أو كثيرة الدخان بالنسبة لضوء المصباح. ولم يذهب الديزل والبنزين غير المرغوب فيه هباء لفترة طويلة وهذا بفضل التطور في المحركات الداخلية بعد سنوات قليلة . ومنذ ذلك الحين بدأ تزايد الطلب علي النفط . وحدث تغييرات في في عامي 1970 و 1980 . حين ارتفع الطلب بإطراد بالإضافة لتزايد السفر بالسيارات والطائرات والسفن . فأصبح ثثلاثة أخماس النفط ينتهي به الحال في خزانات الوقود . ومع تزايد مليارات السائقين وخاصة من الصين والهند الأكثر إلحاحا في الحصول علي المركبات . مماجعل جميع شركات النفط الكبري ووكالة الطاقة الدولية IEA وإدارة معلومات الطاقة الأمريكية يتنبأون بإن الطلب سوف يستمر في الارتفاع. كما تعتقد إحدي شركات النفط البريطانية العملاقة BP التي تري إن الطلب سيتزايد من 89 مليار برميل في العام إلي 104 مليارات برميل في العام بحلول عام 2030 . ولكننا نعتقد إنهم علي خطأ . وأن النفط يقترب من الذروة . ولكنها ذروة أخري غير ذروة النفط التي يتم مناقشتها علي نطاق واسع منذ عدة سنوات . حيث ذهب عدد من المنظرين إلي الاعتقاد بأن العرض من النفط من شأنه أن يزداد ثم يسقط . ولكننا نعتقد أن الطلب وليس العرض هو الذي يمكن أن ينخفض . ففي العالم الغني قد وصل الطلب علي النفط الي ذروته بالفعل . وقد بدأ في السقوط منذ عام 2005 . حيث تسببت ثورتان في التكنولوجيا في تخفيف العطش للنفط في العالم . ولقد قاد الثورة الأولي رجل من تكساس يدعي جورج ريتشل " رحل منذ وقت قصير " الذي تبني نظرية " التكسير الهيدروليكي " كوسيلة لإطلاق سراح امدادات ضخمة من الغاز غير التقليدي .من أسرة " الصخر الزيتي " بجانب الأكتشافات الجديدة الواسعة من الغاز التقليدي . مما ساعد مؤخرا في زيادة احتياطيات العالم من 50 إلي 200 عام. وحاليا في امريكا بفضل جورج ميتشل يتدفق الغاز الصخري بالفعل من الأرض سواء كان سائلا أو مضغوطا ووجد طريقه إلي خزانات الشاحنات والحافلات والمركبات كافة . كما يمكن استبدال النفط بالغاز في تشغيل السفن ومحطات الطاقة ومصانع البتروكيماويات وانظمة التدفئة المنزلية والصناعية .وبالتالي يمكن الاستغناء عن بضعة ملايين برميل من النفط يوميا بحلول عام 2020 . وتتعلق الثورة الكبري الأخري بتكنولوجيا صناعة السيارات . حيث يهدد التقدم والتطور السريع في المحركات وتصميم السيارات هيمنة النفط . وفي المقدمة كفاءة محرك الأحتراق الداخلي نفسه . فمحركات البنزين والديزل أصبحت اقتصادية أكثر من أي وقت مضي . لأن الخامات المستخدمة تجعل السيارات أخف وزنا واكثر قوة . كما تزداد شعبية السيارات الكهربائية والهجين أي التي تتمتع بإمكانية ان تعمل بالغاز او البنزين .وكذلك المركبات التي تعمل بالغاز الطبيعي أو خلايا وقود الهيدروجين .كل هذا سيؤثر في معدل الطلب علي النفط . ويقدر محللو سيتي بنك .إنه إذا تم تحسين كفاءة استهلاك وقود السيارات والشاحنات بمعدل 2.5 % سنويا سيكون كافيا لتقيد الطلب علي النفط .ويتوقعون أن تقل الذروة عن 92 مليار برميل في السنوات القليلة المقبلة.. ولقد توصل ريكاردو أحد كبار مهندسي السيارات في العالم إلي استنتاج مماثل. وبذلك يكون من الحماقة استقراء الماضي من العالم الغني إلي إزدهار مستقبل اسيا .ويتم الآن فرض نوع من السياسات أكثر صرامة من أي وقت مضي لتحد من العطش الي النفط في أوروبا وأمريكا . كما يجري اعتماد معايير كفاءة للوقود في الإقتصاديات الناشئة. ومؤخرا قدمت الصين مجموعتها الخاصة من تدابير الإقتصاد في إستهلاك الوقود . ونتيجة لاصرارها علي تقليل اعتمادها علي النفط المستورد. نقلا عن الايكونومست